اخبار الوطن العربي

في لقاء كادري،الصوراني:الالتزام التنظيمي الدرع الواقي للوحدة الداخلية التنظيمية

في لقاء كادري،الصوراني:الالتزام التنظيمي الدرع الواقي للوحدة الداخلية التنظيمية

2013-02-28

اعتبر مسئول الدائرة الثقافية المركزية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الكاتب والمفكر الفلسطيني غازي الصوراني أنه لا يستقيم أن تكون أمة، كائناً أخلاقياً من دون هذه الرابطة العقلية/الأخلاقية، أي من دون عقد اجتماعي –يضمن ويكرس حرية الرأي والتعدد الفكري والسياسي والتنظيمي – يكون بموجبه جميع المتعاقدين أحراراً ومتساوين.

وأشار الصوراني خلال حوار مع كادرات الجبهة في خان يونس اليوم أن السياسة التي تستحق اسمها، سياسة مبدؤها الفكر أو العقل، فكر الواقع أو عقل الواقع، وغايتها (علاوة على أهداف التحرر والديمقراطية) الأخلاق والحياة الأخلاقية، معرباً عن أسفه وحزنه في آن أن السياسة لم ترق عندنا بعد إلى مستوى العمل في سبيل وحدة النضال الوطني–بسبب هذا التفكك والإنقسام واستمرار الصراع.

وأكد الصوراني أنه إذا كان الحديث عن فساد الأنظمة العربية يثير الأسف، فإنّ الحديث عن تراجع وتفكك معظم الاحزاب والفصائل الفلسطينية بسبب غياب وضوح الهدف والرؤية والضعف الشديد في تطبيق مبدأي الانتماء والالتزام داخل هذه الاحزاب ، الأمر الذي ادى – إلى جانب أسباب أخرى – إلى وصول القضية الفلسطينية إلى مأزق مسدود أو الحصاد المر، عبر فساد السلطة و م.ت.ف والانقسام والصراع المحتدم بين فتح وحماس وانتهاك مبادئ الأخلاق في الشأن الفلسطيني .

وحول موضوع الانتماء، أوضح الصوراني أن الجبهة الشعبية تعتبر الانتماء والولاء أساسياً ومترافقا مع الانضباط والالتزام من قواعد السلوك التي يحض عليها ، مشيراً أنه عندما يفكر الفرد بالانخراط في صفوف المنظمة (التنظيم ) فإنه يتعاطى مع الفكرة الأساسية أو الغاية الرئيسة على المستويين الوطني والقومي ثم الأممي .

واستعرض الصوراني أهداف الجبهة الشعبية، والنقاط الأساسية التي ينضم فيها الأعضاء للجبهة كمثال، مشيراً أن الجبهة من هذا الجانب أكدت أن ولاء أعضاءها يجب أن يكون لمجمل الأهداف والمبادئ وكذلك الأمر في مختلف المنظمات والمؤسسات.

وحول أسس تعميق وتعزيز الانتماء، شدد الصوراني أن هذا يأتي بالتشجيع، و التعبير عن المشاعر الرفاقية الجماعية ومشاركة الأعضاء الآخرين في مشاعرهم ، وفي أفراحهم وأتراحهم، و خفض التوتر عبر الحوار الموضوعي والعقلاني الهادف إلى تجاوز الخلافات ومساعدة الأعضاء على اكتشاف الفروق بينهم والعمل على انسجام العلاقات الرفاقية الداخلية، وأهمية إيجاد الحلول السريعة للمشاكل على قاعدة اعتراف المخطئ بخطأه ، والحث على ممارسة النقد والنقد الذاتي ، تنظيم وضبط النفس للمحافظة على تماسك العلاقات الرفاقية داخل الهيئة الحزبية أو على صعيد العلاقات الخارجية بين الرفاق، فضلاً عن الاتصالات وهي محاولة حفظ قنوات الاتصال مفتوحة ، وتسهيل اشتراك الآخرين ، واقتراح الوسائل المناسبة لضمان مشاركة أوسع في الحوارات والنقاشات، وأخيراً بالمشاركة من خلال ضمان مشاركة الأعضاء في وضع الأهداف والخطط والأساليب ، وتحديد الصلاحيات وضبط الأداء ، وتعزيز الثقة .

وحول أهمية الالتزام التنظيمي أوضح الصوراني أنه وسيلة للحفاظ على الوحدة الداخلية للتنظيم, وهو الدرع الواقي للوحدة الداخلية التنظيمية، لافتاً أنه بدون الالتزام لايوجد حياة تنظيمية, فهو الطاقة المحركة للتنظيم وعناصره والحافز على حضور الاجتماعات التنظيمية, وتحقيق برامج التنظيم والتقيد بأنظمته وقراراته وتنفيذ التكليفات، وهو كفاءة تنظيمية أفضل، والتفاف جماهيري أكثر، ويزيد قوة الوحدة الداخلية قوى الالتزام التنظيمي لدي العضو وزيادة ثقة العضو بتنظيمه وقدرته على تحقيق أهداف الوطنية، ذلك إن قوة الالتزام التنظيمي تزداد طرديا مع مدى قوة التماسك والوحدة الداخلية للتنظيم.

وطالب الصوراني بضرورة الربط بين الالتزام والانضباط بالمعنى العسكري الثوري الذي يعرف بأنه : الاستجابة للنظم واللوائح ، والذي مظاهره هي : تنفيذ القوانين والنصوص ، التقيد بقرارات الهيئات العليا ، تنفيذ المهام بدقة وحماسة، تقيد المراتب الأدنى بالمراتب الأعلى تسلسلا وتوجيها، عدم مناقشة القضايا الداخلية خارج الجلسات التنظيمية السرية ، الابتعاد عن المزاجية والفردية في اتخاذ القرار ، استثمار وقت المهمة في العمل .

وحول الأسس التي يقوم عليها الحزب الثوري، شدد الصوراني على أنه بدون الأساس التنظيمي لا يمكن أن يوجد اصل للحزب اليساري الماركسي. و الأداة التنظيمية هي الحزب الثوري، و تتشكل أساسا من العناصر الأكثر وعيا من الطبقة العاملة، و من حلفائها الطبقيين كالفلاحين الفقراء و المعدمين، والمثقفين الثوريين، و الشرائح المتضررة من البورجوازية الصغرى، و العاطلين و أشباه العاطلين. و التنظيم يعتبر أداة و وسيلة في نفس الوقت، أداة تجمع الشرائح الأكثر وعيا، و تطور وعيهم، و ترسم خططهم و تراقب حركتهم ، و تفعلهم في أوساط الجماهير الكادحة.

وأضاف بأن الأساس الأيديولوجي أو الفكري هو جزء أساسي ايضاً في بناء الحزب الصوري، حيث أن نظرية الحزب الثوري باعتباره حزبا للطبقة العاملة لا يمكن أن تكون إلا النظرية الماركسية أو الاشتراكية العلمية بشقيها : المادية الدياليكتيكية، و المادية التاريخية في تطبيقاتها على واقعنا الوطني الفلسطيني والقومي العربي، و المناضل المنتمي إلى الحزب الثوري لابد له من التسلح بهذه النظرية ومنهجها .

وشدد على ضرورة الاستفادة من مختلف التجارب من اجل رسم برنامجه السياسي المرحلي، و تحديد هدفه الاستراتيجي، و المناضل الذي لا يتسلح بالماركسية يبقى عرضة للأخطار و المنزلقات الفكرية ، و خاصة منها ذات الطبيعة الإصلاحية الليبرالية أو اليسارية العدمية والانتهازية .

وأشار إلى أن تحقيق وحدة الهوية الفكرية و تعميقها في أذهان رفاقنا لا يتم إلا عن طريق التسلح المستمر بالفكر الاشتراكي العلمي بهدف تحقيق المستوى الفكري المتقدم والناضج وما سيعكسه من أثار ايجابية جداً بالنسبة لوحدة هوية حزبنا الفكرية إلى جانب وحدة بنية الحزب الداخلية التي تصير خميرة فاعلة في الواقع الاجتماعي و في مختلف المجالات مما يؤدي إلى توسيع قاعدة الحزب على مستوى الكم و على مستوى تغلغله في مختلف قطاعات المجتمع .

وحول الأساس السياسي في بناء الحزب الثوري، اعتبره الصوراني مدخل هام لكل رفاقنا في الجبهة للارتباط بالجماهير عبر فهم واستيعاب لمضمون شعارنا : التحرر الوطني والديمقراطي بالارتباط العضوي مع حركة التحرر القومي العربية ، مشيراً أن فهم الرفاق في الجبهة لهذا الاساس السياسي هو تجسيد لللمارسة في اطار حزبنا على الصعيد الوطني التحرري وعلى الصعيد الديمقراطي الذي يمس كافة الجوانب الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و السياسية والقانونية وقضايا المرأة والشباب والنقابات والعمل الجماهيري عموماً، التي تشكل في مجملها منظومة من الحقول التي يصعب الفصل بينها، و التي تتحدد في إطار برنامج الحزب السياسي المرحلي، و الاستراتيجي.

ووجه الصوراني نداءه للرفاق في الجبهة، قائلاً لهم أنه منذ البدء كان انتماءهم للجبهة انتماءاً طوعيا واعيا وحرا الى ابعد الحدود ، انطلاقا من الايمان العميق بحقوق شعبنا التاريخية والقانونية في السيادة على أرضه وتحقيق أهدافه وثوابته الوطنية من ناحية ، وانطلاقا من مواقعهم الطبقية ضمن الشرائح الفقيرة والكادحة التي دفعت بكم الى وضوح الرؤية في الالتحاق بالجبهة باعتبارها الحزب الطليعي المناضل ضد كل اشكال الاستغلال الطبقي من اجل العدالة الاجتماعية والمساواة وتكافؤ الفرص والتقدم من ناحية ثانية ،

وأشار إلى أن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين –كما نص عليها دستورنا/نظامنا الداخلي- حزبٌ سياسيٌ كفاحي يعمل لتوعية وتنظيم وقيادة الجماهير الفلسطينية من أجل استعادة الحقوق الوطنية الفلسطينية، ويناضل من أجل مجتمع اشتراكي خال من الاستغلال قائم على المبادئ الديمقراطية والإنسانية على طريق تحقيق مجتمع عربي اشتراكي موحد.

وأضاف بأن الجبهة التي ضمت بين صفوفها منذ تأسيسها إلى يومنا هذا ، أجيالا من المناضلين ، ضمت الجد والجدة والأب والأم والأبناء من جماهير الفقراء والكادحين، أجيال تواصلت الى يومنا هذا ، وتعاقبت على حمل الراية ، راية التحرر ، راية الوطن ، راية الشعب ، راية العمال والكادحين الفقراء والفلاحين والمثقفين الثوريين على امتداد أربعة عقود مضت ناضلت جبهتنا عبرها من اجل تحرير الوطن وطرد المحتل وتقرير المصير وحق العودة والاستقلال ، بمثل ما ناضلت من اجل حقوق الفقراء من العمال والفلاحين وكل الكادحين في سبيل لقمة اطفالهم ، علاوة على نضالها اليوم من اجل الحريات الديمقراطية ومن اجل المساواة بين المرأة والرجل في كافة الحقوق والواجبات

وقال الصوراني أنه ليس يساريا من لا يلتزم في الممارسة والنظرية بأسس النضال الطبقي والصراع السياسي والديمقراطي ضد قوى اليمين الليبرالي والرجعي السلفي/الإسلام السياسي …وضد التبعية والتخلف والاستبداد والخضوع ،وليس يساريا من لا يمارس – – وفق الزمان والمكان المناسبين- كل أشكال المقاومة المسلحة والشعبية ضد الوجود الصهيوني والقواعد الأمريكية المنتشرة في الوطن العربي … وليس يسارياً – بل خائنا – من يستعين بأعداء وطنه بذريعة الديمقراطية ، وليس يسارياً من يشارك في حكومة من صنع الاحتلال أو يتحالف معها ، وبالطبع ليس يسارياً أيضاً من يعترف بدولة العدو الصهيوني ويتناسى دورها ووظيفتها في خدمة النظام الامبريالي . .. وليس يسارياً أيضاً من لا يستوعب تماماً كل مكونات واقع بلده الاقتصادي والاجتماعي / الطبقي بكل تفاصيله المتعلقة بقضايا الطبقة العاملة والبطالة والفقر والتنمية والتشغيل وتوزيع الدخل والمسألة الزراعية والصناعة وقضايا المرأة والشباب والصحة والتعليم … الخ ، وفق منطلقات ومبادئ وبرامج الثورة الوطنية الديمقراطية ضد التحالف الكومبرادوري / البيروقراطي وإسقاط أنظمة الاستبداد ، من أجل انعتاق شعوبنا عموماً و إلغاء كل أشكال قمع الحريات والاستبداد والاستغلال والاضطهاد والتبعية .

وفي هذا السياق، دعا الصوراني لتحديد معنى اليسار عموما، والماركسي المتطور والمتجدد خصوصاً ،الملتزم بالمنهج المادي الجدلي ، لافتاً أنه لا مكان هنا للتلفيق أو التوفيق ناهيكم عن الارتداد الفكري صوب الأفكار الهابطة والانتهازية والليبرالية الرثة ، إذ أنَ هذه المنهجيات المُضَللة أساءت كثيرا جدا لليسار العربي كله وأدت إلى عزلته عن الجماهير وعن سقوطه المدوي في آن واحد .

ودافع الصوراني عن الماركسية مشيراً أنها تعني العدالة وحب المساواة، وأن تصبح ماركسياً معناه أن تقوم بزيارة التاريخ لا أن تُزَوِّره ، أن تَزُورَه عبر تحليل وفهم التطور التاريخي لشعوبنا العربية منذ آلاف السنين –كما شعوب العالم- وفق قوانينها ومقولاتها العلمية الموضوعية، ووفق مضمونها الاقتصادي الذي يرفع رايات الكادحين ضد رايات الرأسمالية وأدواتها المُستَغِلّه التي تنزف دماً من كلّ مساماتها .

وقال الصوراني ” أيها الرفاق.. أن تكونوا ماركسيين اليوم، معناها أن تقاوموا هذه الحركة الصهيونية، وليدة النظام الرأسمالي وربيبته، وأن تقاوموا نظام العولمة البشع ، لا أن تستهلكوا بضاعته الفكرية الرخيصة من الواقعية الى الليبرالية ، أن تكونوا ماركسيين ، يعني أن تكونوا حاضنة دافئة للجماهير العفوية، تحترمون كل تراثها ومعتقداتها وتتعلموا منها ، فأن تكون ماركسياً، يعني أن تنظر إلى الدين على أنه وعي اجتماعي وجزء هام ورئيسي من الوعي الإنساني، استطاع أن يلعب دوراً في تحرير الإنسان من الاستغلال عندما أحسن التعاطي مع أفكاره وجوهره عموما وفي بداياته الاولى خصوصا”.

وختم قائلاً: ” أن تكون ماركسياً، هو أن يتكامل وعيك أيها الرفيق، فتنهل من النظرية وتدرك منهجها ادراكا ذاتيا ، وتؤسس لك أرضية صلبة تنطلق منها للعمل النضالي والديمقراطي، الوطني والقومي والإنساني، لا أن تأخذ السياسة على حساب الفلسفة، فالجزء يكمل الكل، ولا تنفصل النظرية الماركسية ومنهجها بالنسبة لنا وفي كل الظروف عن العمل السياسي، فإذا ضاع الجزء، ضاع الكل ، وضاعت معه هوية حزبنا الفكرية، أن تكون ماركسياً هو أن تعمل على أن يكون وطننا العربي كله، وطن لأبناءه ، وطناً مستقلاً حراً موحداً تسوده الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية، يبنيه ويحميه أبناءه من الفقراء والكادحين بإرادتهم الجماعية الحرة، وبقيادة حزب الطليعة، وحزبنا، جبهتنا، في الطليعة”.

مقالات ذات صلة