اخبار الوطن العربي

هذا انا جورج نادر.. معركة نهر البارد ورفع إرادة القتال

ليبانون ديبايت – الحلقة الرابعة والعشرون من مذكرات العميد الركن المتقاعد جورج نادر

قبل اي تنظيم أو إعادة تنظيم للفوج قرّرت التوجّه مباشرة إلى العسكريين، كل سريتين معاً.

نظرت في الوجوه، رأيت علامات اليأس والإحباط، ومزيجاً من الأحاسيس والرغبات، لكن شيئاً واحداً لم ألاحظه في عيون الرجال : إرادة القتال.

بعد التفرّس مليّاً في الوجوه والقسمات، وبعد أن اثنيت على شجاعتهم وتضحياتهم، خاطبتهم :

-“مين منكن خسر حدا من عيلتو بالحرب؟”

رفع إثنان أو ثلاثة ايديهم، أحدهم إستشهد شقيقه في اللواء الخامس والآخران إستشهد أشقّاء أو آباء أو أقرباء لهم في معارك سابقة خاضها الجيش.

-“أنا في من بيتي تلات شهدا، حدا منكن خسر شهدا قدّي؟” لم يُجب أحد وراحوا ينظرون في وجوه بعضهم البعض.

-“مين منكن منصاب؟” رفع البعض أيديهم: هذا أصيب برجله والآخر بيده والبعض بشظايا في أنحاء جسمه والبعض الآخر بحروق او رضوض. خلعت سترتي وال ” ت شيرت ” وأريتهم اصاباتي في كتفي وزندي الأيمن ويدي اليسرى ورقبتي وظهري.

-“مين منكن منصاب قدّي؟” لم يُجب أحد أيضاً.

-“إذن، طالما أنا أكتر واحد فيكن خسران شهدا بعيلتي وأكتر شي منصاب فيكن وبقلّكن بدّي كفّي، يعني لازم نكفّي”. بدأت الملامح تتغيّر، والنظرات المستفسرة والهمسات بين بعضهم.

-“مين ما بدّو يقاتل.. يرفع إيدو وبوعدكن أنو ما بعاقبو، وبحطّو بغوسطا (ثكنة الفوج) لكن بشرط واحد: يوقف ويقول علناً: انا ما بدّي أنتقم لرفقاتي الشهدا.”

نظروا إلى بعضهم البعض، البعض “إستحى” من رفاقه، ووجوه البعض كانت تقول: “لو بدّنا نموت ما منترك رفقاتنا “. لقد قرأت ذلك في عيونهم. لفترة قصيرة رحل الحياء والتردّد، والعيون المحبطة بدأت تستعيد بريقها، وقوّة العزم والإرادة عادت تلبس الوجوه المُتعبة من قتال مرير طال اكثر مما يجب.

-” شو بدكن تقولو لأهاليكن لما بيسألوكن ليش بعد ما خلّصتو المخيّم ؟ شو بتجاوبوهن: ما فينا؟ مش عيب علينا؟”

بريق العيون يزداد، الشحوب ترك الوجوه التي بدأت تستردّ الشراسة والروح الهجومية.

لم استغرق أكثر من 48 ساعة لأرفع إرادة اقتال عند العسكريين.

مساء كل يوم، يُجمع الضباط كافة في قيادة الفوج، الصور الجوية للمخيّم بعدسة المصوّر الأستاذ الصديق ميشال أسطا تشير إلى أمكنة تمركز العدو، كل سرية تُعطى المهمة التي ستنفّذها في اليوم التالي.

عند كل فجر، يبدا الهجوم بالسريتين المحدّدتين ( اللفيف المحدّد ) اللتان تحتلان المواقع المحدّدة لها في أمر العمليات، وفي المساء يُصار إلى تقييم عملية النهار المنصرم، وتحديد المهام لليوم التالي.

سرية القيادة والخدمة في الفوج، بالإضافة إلى مهماتها اللوجستية، تُعبّىء أكياس الرمل وتنقلها إلى المراكز المحتلة لتدعيمها وحماية العناصر حيث كانت الخسائر في الأرواح تزداد عند تمركز القوى في اماكن جديدة، بسبب ” إستلشاق ” العسكريين.

في كل يوم، تُحتلّ أهداف جديدة، الفوج يتقدّم بإستمرار، معنويات العسكريين مرتفعة، وبغية تحفيزهم على القتال، قلت لهم:

-“اللي بيقتل ارهابي بياخد عشر ايام ماذونيي”.

إحدى السرايا المهاجمة قتلت احد الإرهابيين من الجنسية الليبية، ضخم الجثة، كثّ اللحية، عندما سُحبت جُثته، سألت آمر السرية: “مين قتلو؟” أجاب أحد الجنود: “أنا سيدنا”.

-“عطيه عشر ايام مأذونيي”.. كاد يطير فرحاً، فإنبرى جندي آخر: ” سيدنا هوي قوّصو وقلب ع الأرض وأنا كمّلت عليه”.

-“وأنت كمان بتاخد عشر ايام”.

عشرة ايام ماذونية في نهر البارد؟ أمر شبه مستحيل.

العميد أنطوان بانو قائد الجبهة، وخلال مواكبته للعمليات الهجومية قال:

” كيف بتعطيه للعسكري عشر تيام مأذونيي.. عطيه 72 ساعة بزيادي؟”

“ما بدك تلاقيلو الحافز ت يهاجم، ازا غاب العسكري عشر تيام، ما بيصير شي، بس لما بيقتل مسلّح ورفقاتو بيشوفو الجتي، قديش بتكبر معنوياتن؟”

ربت على كتفي، وقال : “روح برافو عليك..”

“إستقتل ” العسكريون لقتل إرهابيين، وبالتالي الإندفاع في القتال وإحتلال مراكز الإرهابيين التي كانت تسقط الواحد تلو الآخر.

(في الحلقة المقبلة احداث وحوادث خلال معركة نهر البارد منها الاليمة واخرى مفرحة.)

ليبانون ديبايت
2016 – نيسان – 07

هذا انا جورج نادر.. معركة نهر البارد ورفع إرادة القتال

هذا انا جورج نادر.. معركة نهر البارد ورفع إرادة القتال

هذا انا جورج نادر.. معركة نهر البارد ورفع إرادة القتال

هذا انا جورج نادر.. معركة نهر البارد ورفع إرادة القتال

هذا انا جورج نادر.. معركة نهر البارد ورفع إرادة القتال

هذا انا جورج نادر.. معركة نهر البارد ورفع إرادة القتال

هذا انا جورج نادر.. معركة نهر البارد ورفع إرادة القتال

هذا انا جورج نادر.. معركة نهر البارد ورفع إرادة القتال

هذا انا جورج نادر.. معركة نهر البارد ورفع إرادة القتال

هذا انا جورج نادر.. معركة نهر البارد ورفع إرادة القتال

هذا انا جورج نادر.. معركة نهر البارد ورفع إرادة القتال

هذا انا جورج نادر.. معركة نهر البارد ورفع إرادة القتال

مقالات ذات صلة