اخبار الوطن العربي

القضاء الأردني يرفض طلب السلطات الأمريكية بتسليم التميمي

رفض القضاء الأردني طلب السلطات الأمريكية تسليم مواطنته أحلام التميمي التي تضعها واشنطن على رأس قائمة الإرهابيين المطلوبين لديها بتهمة «التآمر لاستخدام سلاح دمار شامل ضد أمريكيين خارج الولايات المتحدة»، وهي تهمة كانت يمكن أن توصل الصحافية المولودة في مدينة الزرقاء الأردنية عام 1980 إلى الإعدام أو السجن المؤبد.

التميمي التي درست الإعلام في جامعة بيرزيت وكانت تقدّم برنامجاً في تلفزيون محلّي يبث من مدينة رام الله اسمه «الاستقلال» قرّرت، بسبب اشتباكها اليومي بالواقع الفلسطيني المرير، أن تجتاز عتبة الإعلام إلى العمل السياسي والعسكري فكانت أول امرأة تنتسب لكتائب عز الدين القسام، وكانت مشاركتها في عملية مطعم «سبارو» في القدس المحتلة عبر إيصالها آلة موسيقية (غيتار) مفخخة للاستشهادي عز الدين المصري الذي فجّر نفسه في الموقع فأوقع عدداً كبيرا من القتلى والجرحى “الإسرائيليين”.

بعد إلقاء القبض على أحلام وإخضاعها لتعذيب قاس حكمت “إسرائيل” عليها بالسجن المؤبد 16 مرّة (1584 عاماً)، ومن المفيد جدّاً أن نستعيد الكلمة التي ألقتها الإعلامية ابنة الواحدة والعشرين يومها على القضاة: «في هذه المحكمة أراكم غاضبين. هو الغضب نفسه الذي في قلبي وقلوب الشعب الفلسطيني وهو أكبر من غضبكم، واذا قلتم إنه لا يوجد لدي قلب ولا إحساس فمن إذن عنده قلب، أنتم؟ أين كانت قلوبكم وأين الإحساس عندما قتلتم الأطفال في جنين والحرم الإبراهيمي ورام الله ورفح؟».

خروج أحلام من السجن تمّ بصفقة «وفاء الأحرار» التي أطلقت فيها مع مئات الأسرى الفلسطينيين مقابل الأسير الإسرائيلي جلعاد شاليط وتم إبعادها للأردن بعد قضائها عشر سنوات في السجن، أما المطالبة الأمريكية بها فسببها مقتل أمريكيين في عملية «سبارو» المذكورة.

أما اعتبار السلطات الأمريكية لمفخّخة عبد الله البرغوثي (قائد القسام السابق في الضفة الغربية) التي استخدمت في العملية المذكورة «أسلحة دمار شامل»، فهو ترجمة متكلّفة تشبه أحكام القضاء الإسرائيلي الذي حكم على البرغوثي بأعلى حكم في التاريخ (67 مؤبداً إضافة إلى 5200 عام!)، وكذلك القضاء الأمريكي الذي يطارد شابة قضت 10 سنوات سجينة وخرجت من السجن باتفاق قانونيّ لتبادل الأسرى.

تفجّر المطاردة القانونية الأمريكية لأحلام التميمي واعتبارها «أخطر الإرهابيين» وربط اسمها بـ»أسلحة الدمار الشامل» مجموعة هائلة من المفارقات وتؤكد وجود عالمين مختلفين، الأول للذين يملكون قدرات تدميرية لا تنضب، وتشريعات تسمح لها بقتل المدنيين في أي بقعة من الكرة الأرضية من دون رقيب أو حسيب، وتعتبر مجازرهم وإرهابهم الدولي ممارسة للقانون، والثاني للضحايا المطالبين بالسكوت عن احتلال بلدانهم وأراضيهم وتدمير بيوتهم وقتل أطفالهم، وبالتزام الطرق «السياسية» في التعامل مع دولة مواطنوها «ومستوطنوها» مدججون بالسلاح والحقد الديني والعنصري على أهل البلاد التي يحتلونها ومخابراتها تصطاد البشر كالعصافير وجيشها يضرب ويجتاح ويقصف ما يريد.

تكشف مطالبة أمريكا (وتهديدها) أمس لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة بعدم مناقشة أوضاع الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقبلها ضغطها لسحب تقرير «إسكوا» حول عنصرية إسرائيل، وقبلها منعها تعيين سلام فياض مندوباً أممياً في ليبيا، حدود «الحل السياسي»، فواشنطن تستخدم جبروت الدولة العظمى لمنع أي حراك سياسيّ ممكن يفيد الفلسطينيين أو يحاسب إسرائيل.

الفكرة المستفادة هي أن الجريمة هي أفضلية للأقوياء وأن القانون مخصّص فقط لمحاسبة الضعفاء، وهذا، في اعتقادنا، استخدام منظّم لأسلحة الدمار الشامل، العسكرية والسياسية.

المصدر: “القدس العربي”

مقالات ذات صلة