أخبار الجاليات العربية

رسالة مفتوحة إلى ساكني البيت الأبيض

اتحاد الجاليات والمؤسسات والفعاليات الفلسطينية في الشتات ـ أوروبا

اتحاد الصمود والمقاومة من أجل العودة

الأمانة العامة ـ برشلونة

فخامة السيد باراك حسين أوباما

رئيس الولايات المتحدة

بسخط وبألم بالغ ودموع للمشهد الذي نتأمله، المملوء بمستنقعات الدم والجثث المبعثرة من الرجال والنساء والأطفال والتي قُتلت بأسلحة وذخيرة تحمل ختم (made in USA) ونتنفس هواء تفوح منه الرائحة الكريهة للجثث المتعفنة والممزوجة برائحة البارود.

مئات الآلاف من الأبناء والأمهات الذين يسودهم الحزن والقلق يتوجهون في هذه اللحظات إليك ولزوجتك كأب وأم ولأنك الشخص الوحيد الذي يملك القدرة لإيقاف هبوب الرياح العاصفة لحرب عنيفة، قاسية، مدمِّرة بدون مسببات وتفتقر للإنسانية.

لقد رأينا وما زلنا نرى كيف أنت وزوجتك رائعة الجمال تعانقان يومياً بناتكما وكيف تداعبانهما في حدائق البيت الأبيض برفقة كلبيهما الناعمين. كيف تعانقانهما عندما تخرجان من البيت وعندما ترجعان. كيف تقبلانهما عندما تذهبان إلى النوم وعندما تستيقظان في الصباح، تغمرانهما بالحنان والعطف والمحبة.

اليوم يا فخامة الرئيس آلاف من الآباء والأمهات العرب في سوريا والعراق وليبيا وفلسطين والسودان وأفغانستان لا يستطيعون فعل ذلك، لأن الموت الذي زرعته الحروب التي شنتها دولتكم ومعكم الغرب (الناتو) اختطف أبناءهم. هذه الحروب التي لم تكن أبداً من أجل الديمقراطية أو الدفاع عن حقوق الإنسان. وكما تبذلون الجهد لأن يعتقد المجتمع الأممي ذلك بواسطة وسائلكم الإعلامية العملاقة وتزييف الوثائق وفبركة المناظر، كما ثبت ذلك في الحرب على العراق وتبيّن بوضوح وبما لا يدعو إلى الشك أن الهدف منها هو المصالح الاقتصادية والسيطرة والعنصرية. وفوق كل شيء الدفاع والمحافظة على دولة إسرائيل الصهيونية.

نريد تذكيركم يا فخامة الرئيس أنه عندما أعلنتَ ترشيح نفسك لرئاسة الولايات المتحدة رغم أنك من أصول إفريقية متواضعة وبشرة سوداء، فرحنا كثيراً وغدونا أوفياء نتابع خطاباتك المليئة بالمثل والمبادئ والقِيَم، والتي بعثت في نفوسنا الأمل بالحاضر والمستقبل وليذهب إلى التاريخ وحمداً لله رجل دموي يُدعى جورج بوش!

من المؤكد أنكم تعلمون أن ما يميّز أمريكا هو تمثال الحرية، شعار لحرية كامل شعوب العالم وللعيش في حياة خالية من الحكم الجائر ومليئة بالديمقراطية. لهذا لا نستطيع أن نتفهم كيف تدافعون عن الديكتاتوريين الجائرين المنحلين والفاسدين، الذين يُطبّقون ثقافة العبودية وكيف تحافظون على مصالحهم والثروة التي من الصعب تقديرها من أموال سُرقت من الشعوب!

كيف تستطيعون سيادتكم قبول دعم، تمويل وتسليح المرتزقة والخائنين لأوطانهم وشعوبهم ولا يتمتعون بأية قاعدة شعبية تدعمهم، وغايتهم الوحيدة فقط الذهاب فوق دبابات جيوشكم للقفز على السلطة وجمع الثروات كالمدعو أحمد الجربا الذي يُلقَّب بمسّاح الجوخ لكبار المسؤولين في سوريا، الذين لم يكن باستطاعته ترأس القبيلة من البدو التي هو منها. هل نسيتم يا صاحب الفخامة أمثاله من العراقيين؟!

كيف تسطيعون سيادتكم دعم وتسليح مجموعات متطرفة إلى أبعد الحدود من الإسلاميين الجهاديين الأميين والظلاميين الذي يرتكبون بعد إطلاق صرخاتهم “الله أكبر” أبشع المجازر البربرية بالذبح وتشريع اغتصاب البنات القاصرات والخطف والاستغلال وسرقة المواطنين وإجبارهم على هجر بيوتهم ومدنهم وقراهم؟ هم نفسهم الذين تحاربونهم أنتم وحلفاؤكم في أفغانستان ومالي!

تعلمون جيداً أن الجيش العربي السوري يقوم بالدفاع عن أرض الوطن والشعب من هؤلاء الشريرين الإرهابيين وأنه لم يستعمل الكيماوي، بينما ثبت بالدليل القاطع أن جيش الولايات المتحدة استعمل الأسلحة النووية وقذف به المدينتين اليابانيتين هيروشيما وناكازاكي. لا بد أن سيادتكم تعلمون نتائج هذا القصف النووي الإجرامي والآثار التي خلّفها!

هل تذكرون يا فخامة الرئيس أن من سبقوكم في الحكم استعملوا الأسلحة الكيماوية المدمِّرة في فيتنام وما خلفت من آثار وبيلة على السكان والتي يعاني منها نسلهم حتى اليوم؟!

هل تستطيعون أن تقولوا لنا يا فخامة الرئيس ما هو الفرق بين عملاق الرعب الفاشي النازي هتلر الذي اقترف الهولوكست البربري وروزفلت الذي أصدر الأوامر باستعمال السلاح النووي؟!

بالأمس شاركتم في احتفال الذكرى الخمسين لاغتيال الزعيم الكبير مارتن لوثر كينغ من نفس أصولكم. قتله الفاشيون فقط لأنه كان يدافع عن المساواة والحقوق المدنية والسلام والوئام بين الناس! إذا كان مثلكم وأنتم تملكون السلطة، لماذا لا تُكملون وتنشرون رسالته؟ أو السير في طريق القائد العظيم نيلسون منديلا، المناضل ضد العنصرية والحكم الجائر والفقر ومن أجل الرفاهية والسلام العالمي من خلال الحوار والتفاهم؟

نعتقد تماماً أن سيادتكم تعلمون جيداً أن عدم الاستقرار والمشاكل في الشرق الأوسط يسببه الاحتلال الصهيوني الإسرائيلي لفلسطين وأجزاء من الأراضي العربية في سوريا ولبنان بالقوة العسكرية وأنه لم يلتزم أبداً بقرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة، ورغم كل محادثات السلام لم يفي ببنود اتفاقية أوسلو 1993 ولا كامب ديفيد، ويستمر في بناء المستوطنات في الأراضي المحتلة، ويخترق جنوده وجواسيسه الحدود والأجواء، وما زال يشن العدوان على غزة وسكانها المدنيين. تعلمون جيداً أن إسرائيل في عدوانه

ا الأخير على غزة استعملت الفوسفور الأبيض. هل تستطيهون أن تقولوا لنا ماذا عملت حكومة الولايات المتحدة إزاء ذلك؟ كما تعلمون جيداً أن إسرائيل تعمل جاهدة على تهويد القدس، المدينة المقدسة لبلايين من المؤمنين المسيحيين والمسلمين واليهود. كما يُصرّح قادتها علناً أنهم يريدون تحويل وجعل إسرائيل والأراضي المحتلة دولة يهودية صرفة، وبهكذا يثيرون ويوقظون الإحساس الديني في البلايين من المسيحيين والمسلمين!

هكذا يا فخامة رئيس الولايات المتحدة، من المستحيل كما تفهمون أن يكون هناك سلام أو حوار أو رفاهية. أنتم حكومات الولايات المتحدة، المسؤولون الوحيدون عن الحالة المضطربة في الشرق الأوسط لدعمكم غير المشروط للكيان الصهيوني الإسرائيلي، وقد استعملتم 62 مرة الفيتو من أجل مصلحة إسرائيل ومنع تطبيق البند السادس للأمم المتحدة.

فخامة الرئيس، نرجوكم التحرر بأية طريقة من ضغوط الحرمة الصهيونية الدولية واللوبي اليهودي في الولايات المتحدة. الحرب تعني الدمار، إراقة الدماء، الموت، الفقر والجوع وفقط من خلال الحوار والعدالة يُستطاع التوصل إلى السلام والتفاهم بين الرجال، أياً كانت مذاهبهم.

إذا كنتَ تؤمن بالله، نرجوا أن تسمع رسالة ونداء صاحب القداسة البابا فرانشيسكو، الذي أعلن أن اليوم السابع من الشهر الجاري يوم صوم وصلاة من أجل السلام، لا تعمل شأناً للدموي ماكلين ومجموعته من الصقور من اليمين المتطرف في الحزب الجمهوري.

إن شاء الله أن ينير لكم طريق السلام ونذكركم أنكم مُنحتم جائزة نوبل للسلام، والآن يجب أن تثبتوا استحقاقكم لهذا التقدير، وإذا أعلنتم الحرب فواجبكم المعنوي هو إعادة هذه القلادة النبيلة.

د. راضي الشعيبي

مقالات ذات صلة