المقالات

إياك والموت ثائرًا أو مقاومًا أو شهيدا!!!

لم يروِ لنا التاريخ عن محتل رحل خوفًا من وقفة احتجاجية أو تصريح صحفي أو بيان أو اعتصام، ومع ذلك يسعى البعض جاهدا لترسيخ فكرة (المقاومة السلمية) بين أوساط شعبنا الفلسطيني لتصبح خياره الوحيد الأوحد للتحرير والعودة، متجاهلين تماما طبيعة الكون وفطرة الله وسنته في التدافع بين الناس، وحب الحرية والعدالة والمرور في دروب مقاومة المحتل بكافة أنواعها لطرده وإستعادة الحقوق المسلوبة.

خالد الظاهر
بقلم خالد الظاهر

ومع ذلك، نرقب حاليا حالة غريبة ومتناقضة ألا وهي امتعاض هؤلاء (المقاومين السلميين) من الحراك النضالي السلمي، المتمثل بمسيرات العودة في قطاع غزة، فإن لم يكن ذلك واضحًا بالأقوال تبخيسًا وتحريضًا، فكفى به وضوحًا بأفعالهم والمتمثلة بمقاطعتهم وعدم التفاعل معها، لكنهم يسارعون لتبني شهداؤها للتباهي بما لم يفعلون!!!.

أما إمتعاضهم من أي حراك (لا يقومون هم عليه) رافض للمحتل ووجوده على الأرض المقدسة أو التعامل معه فواضح جدًا، وإن كان (حراكًا سلميًا)، بالرغم أنها دعوتهم والوسيلة الوحيدة التي يفضلونها في مقاومة المحتل، وإن تباينت التكاليف واختلفت، فهم يعلمون يقينًا أن الفرق شاسع بين حراكٍ سلميٍ بلا رؤية أو ثوابت تعيد لشعبنا حقوقه التاريخية المسلوبة، وبين آخرٍ ممنهج قائم على عقيدة وطنية راسخة تحميها قوة المناضلين وعتادهم، ولذلك يعملون ليل نهار على طمس أي معالم للعزة والكرامة والصمود لدينا، والتي نتحلى بها في كل مكان، لنواجه بها المحتل ونتصدى لوسائله المتعددة لقمع صمودنا وكسر شوكتنا، وخاصة (حاليا) في غزة ومخيمات الشتات، لنكون معهم سواء في الرضوخ والخنوع، وبكل صراحة ودّوا لو هنّا كما هانوا.

ولأننا لا نشبههم ولا نقتدي بهم، فهم لا يأبهون لموتنا بل لطريقة موتنا، فليس من الغريب إذًا أن يتمنوا لنا الموت وإن كان على الأقل معنويا، ولذلك يحاصروننا في غزة ويتنكرون لنا هناك في مخيمات الشتات حيث الموت البطيء منذ سبعة عقود!!!.

لسان حالهم يقول:

أيها المواطن الفلسطيني في كل مكان، نتمنى عليك إن إستسلمت وقررت الموت أن تجتهد حتى يكون موتك مفيدًا لغايات وتطلعات ومصلحة وسلامة (صحة الوطن)، فاختر أيها المواطن أن تموت فقرًا أو بردًا أو جوعًا أو مرضًا أو أسرًا أو قهرًا ليكون موتك وطنيا مباركًا، لا تشوبه شائبة الإنحطاط والشبهات.

أيها المواطن العنيد، مت ولا تقلق ودع الباقي علينا فنحن الوطن والوطن نحن، إياك والانجرار خلف هموم شعبك أو أن تحمل لهم عاطفةً تجيش بك وتدفعك للإقدام ولو كان سلميا، فإن فعلت، فهو الغباء وحماقة الإندفاع، وأحذر من تقمص شخصية الإرهابيين غاندي ومانديلا، فواقعنا غير واقعهم ورؤيتنا أعمق من رؤيتهم، ومن المتوقع أن نحقق أكثر وأفضل مما حققوه.

مُت أيها الفلسطيني وتوكل على الله دون أن تكدّر صفونا وتكشف قبح وجهنا وتظهر سوء نوايانا، مت دون أن يشعل دمك ثورة بين أقرانك من الحمقى والمتهورين، مت لتمت أفكارك الرجعية معك، مت فلا ينتشر وباء العزة والكرامة، مت لننعم بعيشنا الذليل المهان تحت بساطير الاحتلال.

مت ودع الوطن أمينا بأيادينا ولا تقلق على أسمى أمانينا، مت لنرتح من كل لاجئ وفقير أو مريض ومشرد ويتيم، مت مُبعدًا أو محاصرًا أو أسيرا فلن تجد لك عونًا أو نصيرا، فأمثالك يستحقون موتا مريحا وقد عشت حياتك مشتتا ومشردا وطريدا.

مت براحة وهدوء وسكون فبقاؤك حرًا غير مضمون، مُت وأقبل بقدرك المحتوم خشية العيش ذليلا ومصدوم، مت فموتك مبتغانا والأمل، لتترك لنا الوطن بما حمل، لنفرح بالأمن والمال والمناصب مقابل التنسيق وقمع كل غاضب، فإذا كنت مواطن شريفًا مبجلا، فمُت ففساد الرأي أن تترددا.

مت كما تشاء

إلا ثائرًا أو مقاوما أو شهيدا

إلا ثائرًا أو مقاوما أو شهيدا

إلا ثائرًا أو مقاوما أو شهيدا

خالد الظاهر

برلين، 2018.06.11

مقالات ذات صلة