المقالات

حكومة نتانياهو: ومنشّطات مستوردة محظورة!

حكومة نتانياهو: ومنشّطات مستوردة محظورة!

د. عادل محمد عايش الأسطل

مجرد حقيقة من جملة الحقائق، التي تكشف عن شيئين رئيسيين، يغلفان الحكومة الإسرائيلية الجديدة، وهما: النزعة اليمينية، بما يعني تطرفها إلى ناحية التشدد، بل وأشد تطرفاً من سابقاتها، برغم اشتمالها على العنصر الجديد “يائير لابيد” زعيم حزب (هناك مستقبل)، الذي – جلبته الضرورات- والذي هو لا يزال في مرحلة إعداد، ويحتاج إلى دورات أخرى في تعلم السياسات اليمينية المتشددة بغية التعامل معها إن لم ينجرف إليها وهو الأقرب. فالحكومة الحالية من حيث برنامجها العام، لا يظهر إلاّ ما ينمّ عن الثقافة المتأصلة والمكتسبة، التي تنتهحها كل الحكومات التي تضم(الأحزاب) اليمينية، حيث بدت أبرز سماتها من خلال العمل تقوية الدولة على الحساب الفلسطيني، من خلال تكريس الاحتلال، والإمعان في السيطرة على الأراضي الفلسطينية وتعزيز الاستيطان. ومواصلته على أشكاله (استيلاء ومصادرة وتهويد وشق طرق). حيث كان أبرز تعهداتها. حيث عكفت على تعزيز ثقل لوبي المستوطنين، وتخصيص عدد مهم من الحقائب الرئيسية لمدافعين شرسين عن الاستيطان، ولمعارضين لأي تجميد للتوسع الاستيطاني. إلى جانب العمل على تجاهل المطالب الفلسطينية ومن جهةٍ أخرى مواصلة العمل على كبح جماح صوت المعارضة وخاصة حركتي الجهاد الإسلامي وحماس في الضفة الغربية، سواء بالاستهداف القاتل أو الاعتقال.

الأمر الثاني هو ضعفها، ودرجة الهزال التي بدت عليه. فمنذ اللحظات الأولى من تشكيلها، نجت من مسألة (حجب الثقة) عنها بصعوبة بعد يومين فقط من تشكيلها، بفضل ال 67 صوتاً، وهي أصوات عدد أعضاء نواب الكنيست التابعين للأحزاب المشكلة لها، وهي نسبة مثيرة للقلق بالنسبة لرئيس الوزراء “بنيامين نتانياهو”، لا سيما وأنه منذ الآن وحتى إسقاط حكومته (في فوهة المدفع) بالنسبة للكتل الدينية الحريدية، وخاصةً حزبي (شاس ويهودوت هتوراة) والتكتلات اليسارية الأخرى التي بقيت خارج الحكومة. ما يعني أنها ستظل محل تحديات بالإسقاط على مدار الساعة.

إن سلوك حكومة “نتانياهو” مستمرعلى ذات النهج العدواني، بالرغم من الحراك الدولى الرافض لكل أشكال الاستيطان، وإن صدقت في ذلك الولايات المتحدة، حيث صدرت العديد من الدعوات من قِبل قادتها بالتوقف عن الأنشطة الاستيطانية، بسبب أنها تضر بالعملية السلمية وبمشروع (حل الدولتين) وأيضاً بالرغم مما صدر مؤخراً عن مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة، الذي أدان النشاطات الاستيطانية الإسرائيلية في أراضي الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وأعلن عن نتّية باللجوء إلى فرض عقوبات ضد لإسرائيل.

حتى في شأن مسارات القضية الفلسطينية، وبالرغم من زيارة الرئيس الأمريكي “باراك أوباما” لا يبدو أن هناك جديداً في الأفق، غير أن هناك إمكانية لاستئناف المفاوضات المباشرة أو غير المباشرة، والإكثار منها فقط، وإن كانت من غير جدوى، كما أثبتت التجارب على مدي أكثر من عقدين من الزمن.

أيضاً القمة العربية الأخيرة التي ترأستها دولة قطر، التي أكدت على انتهاجها الخيار السلمي كأولوية إستراتيجيه، في إطار المبادرة العربية، كمبادئ عامة في شأن حل القضية الفلسطينية، فإنها بعد إعلانها هذا، كأنها لم تنتبه إلى التغيرات الحاصلة خلال فترة الربيع العربي، والذي أحاط بمعظم الدول العربية. وعملت على تغيير أنظمة العديد منها، وأهمها التي كانت من مؤيدة وبشدة للمبادرة العربية المعروضة على الإسرائيليين منذ قمة بيروت في العام 2002، أما الآن فقد يختلف الأمر في ظل الأنظمة الحالية، غير أن تداعيات الربيع المختلفة الغير متوقعة، أن تبلغ هذه الدرجة أو هذه المدة، حالت دون إسماع الصوت الحقيقي من حيث المواقف الجديدة، التي تليق بالمكانة الوطنية والقومية لتلك الدول.

إن درجات التشدد المتعنّت الذي ينضح من جوانب الحكومة الإسرائيلية، سواء بشأن حل القضية الفلسطينية أو بشأن تجاهلها للمجتمع الدولي، جلب الكثير من عوامل الشك، وأسهم بالمزيد من الريبة، بأن هناك شئ غيبي ما، يقف بجانبها، ويدعم بصمت من خلفها ويعطيها القوة من حيث مداومتها على ممارسة سلوكها العدواني للفلسطينيين وللعرب، وفي تحديها للعالم كما يبدو.

وواضح أيضاً بأن التجارب المختلفة التي خاضها العرب مع إسرائيل والولايات المتحدة بشكلٍ عامن تجعلهم لا ينجحون في إثبات جرائم كهذه التي تقوم بها إسرائيل، وترتفع درجاتها في عملية تصديق الولايات المتحدة، التي لا تفعل سوى الكلام والمزيد منه.

فهل يحتمل أن يكون أقطار كاملة، وشعوب عربية وإسلامية، تغطي وجه الأرض، تقف عاجزة دون حراك ودون فاعلية، بالرغم من التغيرات السياسية والاقتصادية الحاصلة سواء في الشرق، أو في عموم الغرب. وكأنها لا تبتعد كثيراً عن حكومة “نتانياهو” الضعيفة التي لا تحتاج إلى كثيرٍ من الوقت لإسقاطها، ولولا أنها ترتكز إلى منشّطات علاجية مستوردة، قد تفيدها في الوقت فقط، لكن ليس إلى ما لا نهاية، ولكن بصورةٍ أخرى. لا سيما في ضوء هذه المعطيات، سيصعب جداً على العرب – الذين يسيرون على الحافة – أن يتولوا منصب المدافع الحقيقي والقادر على انتزاع الحقوق الفلسطينية والعربية بشكلٍ عام. ويظل السؤال إلى متى؟.

خانيونس/فلسطين

27/3/2013

مقالات ذات صلة