اخبار الوطن العربي

نص كلمة الأب مانويل مسلّم في يوم الأرض الخالد التي وجهها من نافذة هيئة المؤسّسات والجمعيات الفلسطينيّة والعربيّة في برلين

نص كلمة الأب مانويل مسلّم في يوم الأرض الخالد التي وجهها من نافذة هيئة المؤسّسات والجمعيات الفلسطينيّة والعربيّة في برلين الى أبناء الشّعب الفلسطيني ومناصريه في ألمانيا وفي أوروبا وفِي كلّ أماكن تواجدهم.

يا أهلنا في الوطن وأوروبا والمهجر والشتا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الأب منويل مسلم يحيّيكم أجمل تحية.

صراعنا وهمّنا المِفْصلي في سنة صفقة القرن وجائحة الكورونا يدور حول:

1. الأرض
2. الانسان
3. العودة

ففي هذه السنة تنزلق اقدامنا وننزلق نحن عن أجزاء أخرى كثيرة من أرضنا. فالقدس ضمّتها إسرائيل وأحاطتها بالمستوطنات والمتاريس والمعابر، وطغت عليها المستوطنات. وجوامعنا وكنائسنا حتى الأقصى المبارك وكنيسة القيامة ومهد المسيح كلها لا يُسَبَّح اسم الله فيها. حزينة شوارعنا وأماكن عبادتنا فلا تسمع أرضها وقع أقدام مؤمنيها فيها. مقدسات القدس أُغْلِقَت أمام المصلين، وبقيت مستباحة للحريديم اليهود المتعصبين. وغور الأردن وشمال البحر الميت يتمّ إجلاء شعبنا عنه تمهيدا لضمه. ويبصق علينا الغزاة في الشوارع والأزقة في الخليل وصور باهر وحوارة ويفتك الداء بأسرى الحرية والكرامة في سجون الكيان الصهيوني كأنهم ببصاقهم وتعذيبهم يحاولون دَفْعَنا جميعا الى شواطئ الموت. والأرض هذه السنة أصحابها لا يزورونها ولا يحرثونها ولا يصافحون أشجارها ولا يستنشقون عبيرها ولا يُسمَع في سهولها وهضابها أيُّ صوت غناء للرعاة، ولا ترعى أغنام في تلالها وجبالها. واجتاحتها قوائم الخنازير والضباع الكاسرة. صارت الأرض همّنا، وصرنا كلنا لاجئين في بيوتنا، وغرباء في حقولنا، وخَلَتْ شوارعنا ومدارسنا من الأطفال وهَرْجِهم ومَرْجهم.

وأما الإنسان بل شعبنا كله مهدد بجائحة كورونا وجميعنا محجور عليهم، وشتت الخوف حتى في البيوت أفراد الاسرة فلا سلامٌ ولا كلامٌ ولا موعدٌ ولا لقاءٌ ما بين الأحبة. ويشعر الشيوخ بخوف يقطّع أوصالهم من تَعَرّضهم للآفة والموت بل أُفْرِدُوا ” إفراد البعير المعبّد كما قال الشاعر طرفة بن العبد. وتحقق قول المتنبي:” ما مقامي بأرض نخلة إلا كمقام المسيح بين اليهود”، لا يشعر أحدٌ بحنان ولا صداقة ولا قَبولٍ. فَمَنْ يَمْرَض لا دواء له سوى الموت. أصبح الفلسطينيون في الوطن أفرادا لا شعبا

والفلسطينيون في الشتات والمهجر كأنّ سيفا وُضِعَ على رقبة أمَلِهم بالعودة الى هذه الأرض المقدسة. وهم غرباء مرتين، مرة عن وطنهم ومرة بين بعضهم وبين الشعوب الذين يعيشون معهم. ويتعاظم الخوف فينا وفيهم على بعضنا بل تُزْهَقُ أرواحٌ كثيرة من الخوف وانتظار ما يأتي على المسكونة كما قال السيد المسيح.

أصبح همّنا المِفْصَلي هوعودة ولقاء الأحبّة في أرض الوطن. كيف ستعودون؟ ومتى ستعودون ؟ ومن ستُكْتَب له العودة؟

فيا شعبنا العظيم في الوطن والشتات والمهجر ارتفع الى مستوى المسؤولية الملقاة على كل فرد ليحمي الأرض والانسان والعودة. تكافلْ وترابطْ واصبرْ وصابرْ على كَيْد هذه السنة المريرة.

أعلى القيم التي يجب أن نتحلّى بها هي الانضباط وإطاعة القوانين السليمة التي تدعو اليها المؤسسات الوطنية حفاظا على حياة الناس. القانون الشخصي أي الضمير يجب أن يكون هو الذي يحمي الجماعة فلا يُعَرّضُهم باستهتاره إلى التهلكة؛ والقانون المدني هو الذي يجب أن يحمي جميع الأفراد.

رغم كل ذلك سنبقى مُتَشَبّثين بالأرض والإنسان والعودة ولن يُفْلَت أي منها من بين أيدينا. سنبقى كالبنيان المرصوص يحمي بعضه بعضا. سنبقى بناءً من حجارة حيّة تحمي بعضها بعضا.

• فتحية للأرض من شعبها في الوطن والشتات؛

• وتحية من الأرض لشعبها في الوطن والشتات.

• ودعاء من القدس ومقدساتها وكنائسها وجوامعها وأزهار حقولها في بدء الربيع هذا، بالسلامة والعافية والصحة والعودة للجميع.

الاب منويل مسلم في يوم الأرض 30/3/2020
برلين / يوم الإثنين 30.03.2020

مقالات ذات صلة