المقالات

من صالون الحلاقة على شارع العروبة في مخيم اليرموك الى الشهادة

من صالون الحلاقة على شارع العروبة في مخيم اليرموك الى الشهادة

بقلم نضال حمد

بدك تسامح الشاب الذي أعطيته بخشيش في صالون الحلاقة… لقد استشهد رحمة الله علية اسمه عاطف الجبالي..

وكذلك شابان عملا في الصالون استشهدا وهما خالد وعبد” الرحمن… الله يرحمهم.”

بهذه الكلمات نعى الصديق والرفيق أبو جندل الشباب الثلاثة الذين استشهدوا في مخيم اليرموك في شارع العروبة.. وفي الرسالة أعلاه التي أرسلها لي قبل دقائق.

اعتدت في السنوات الأخيرة وخلال زياراتي المتكررة والكثيرة للمخيم أن احل ضيفا على أصدقاء ورفاق لي في شقة سكنية تقع قرب صالون الحلاقة المذكور على شارع العروبة بالمخيم الذي ينزف وتدمى قلوبنا لجراحه ولاستباحته من قبل عصابات مسلحة تعيث به قتلا ودمارا وتخريبا وإزهاقا لأرواح رجاله وشبابه. ومع الأيام صارت هناك علاقة طيبة مع سكان الحارة تلك وخاصة مع أصحاب الصالون والعاملين به من الشباب الفتية الفلسطينيين. وفي احد الأيام دخلت الصالون انا وصديقي الدكتور رمزي أبو عياش وطلبنا حلاقة شعرنا،وكان هناك في الصالون ثلاثة أشخاص هم عاطف وخالد وعبد الرحمن يعملون هناك في قص الشعر فقلت لهم ممازحا يجب ان تأخذوا منا خمسون بالمائة فقط فنحن تقريبا بلا شعر، ونظرت الى رمزي وقلت انظروا انه أصلع وأنا مثله ونصف الرأس فقط عليه شعر ضحكنا كلنا . وبعد الحلاقة أكرمنا الشباب وأصبحنا زبائن في صالونهم كلما زرنا سورية ومخيم اليرموك وشارع العروبة. رحم الله الشباب الثلاثة ولعن قتلتهم من الذين يدعون أنهم حرروا مخيم اليرموك.

نضال حمد
نضال حمد

هذه الواقعة جرت قبل سنتين ونصف أو قبل نحو ثلاث سنوات حيث كنت في زيارة عمل نقابية بدمشق وفي المخيم بالذات، أنا والصديق د. رمزي أبو عياش من ألمانيا وهو مثلي عضو في الأمانة العامة لاتحاد الجاليات والفعاليات والمؤسسات الفلسطينية في الشتات- أوروبا، وكانت مهمتنا التحضير لعقد مؤتمر اتحاد الجاليات والمؤسسات والفعاليات الفلسطينية في الشتات، بين أهلنا وجماهير شعبنا في عاصمة المخيمات ومصنع الشهادة، في مخيم اليرموك مع أهلنا هناك. فالتقينا بالفصائل والمؤسسات والجمعيات وبالشخصيات الوطنية الفلسطينية وبوجهاء وكذلك بشباب نشطاء من مخيم اليرموك والمخيمات الفلسطينية الأخرى في سورية العروبة والصمود.

أما الآن فكثيرين ممن التقينا بهم تشردوا أو اضطروا للنزوح عن المخيم بفعل الاحتلال الجديد الذي اجتاح مخيمهم وخرب حياتهم ودمر بيوتهم وسلبهم حقهم بالعودة الى المخيم. فتشتتوا ما بين دول العرب والغرب وتوزع بعضهم على مخيمات الفلسطينيين في لبنان. ووصل قسم منهم الى اسكندنافيا وأوروبا.

كم هي أوجه الشبه كبيرة بين من يمنع الفلسطيني من تحقيق عودته الى فلسطين المحتلة وبين الذين يحتلون المخيم ويمنعون أهله من العودة الى منازلهم وممارسة حياتهم اليومية. ويواصلون احتلاله على أساس انه ارض خلافة إسلامية مزعومة لا توجد سوى في مشروعهم وعقولهم.

اذكر من الذين التقينا بهم في مخيم اليرموك المرحوم أبو أيمن أحد ابرز قادة العمل الجماهيري في مخيم اليرموك، الذي أمن عليه الله بوفاة وفرت عليه رؤية السلاح الذي لم يقاتل ولو مرة واحدة لأجل تحرير فلسطين والقدس الشريف والمسجد الأقصى وهو يجتاح ويستبيح ويحتل المخيم. ووفر عليه رؤية هؤلاء المأجورين وهم ينصبون المشانق لشبابه ويقومون بتقطيع رؤوسهم ورؤوس السوريين وشيّها على مواقد التدفئة وشيّ اللحوم المذبوحة على الطريقة الإسلامية الحديثة. يعني حلال وفق مفهومهم وحرام وفق مفهوم الله والجميع. لأنه لا يحق لهم تحليل قتل الأنفس التي حرم الله قتلها ولا احتكار الدين والإسلام وفق تفسيراتهم المدمرة.

ما يجري في مخيمات سورية من قتل وحصار وقصف ودمار واستباحة تدخل ضمن مخطط تدمير سورية الوطن والشعب والجيش والاقتصاد والمكانة العربية التاريخية، فدمشق تتعرض للدمار بعدما تعرضت له بغداد على أيدي الأمريكان والصهاينة والأطلسيين وأعوانهم من العرب والمسلمين. والقاهرة تسير في نفس الاتجاه المميت. فيما فلسطين تركت وحيدة ولم نعد نجد ا نشاهد او نسمع عنها أخبارا في وسائل الإعلام العربية إلا فيما نذر أو حين يرتكب الصهاينة مذبحة أو مجزرة جديدة. نستثني من هذه الوسائل الإعلامية فضائية الميادين وشقيقتها المنار.

بالأمس قصف مخيم حندرات قرب حلب بالقذائف من قبل عصابات الجيش الحر مما أدى الى استشهاد وجرح عشرات الفلسطينيين وكذلك تتعرض للقصف الدائم مخيمات اليرموك وسبينة وجوبر والنيرب. يسقط الشهداء في المكان الغلط وبالسلاح الغلط وباللغة الغلط وبالنهج الغلط. وكل ما يتحدث به عناصر وقادة جبهة النصرة والجيش الحر غلط بغلط. فهؤلاء سواء بمعرفتهم أو بدونها ينفذون مخططا غريبا استشراقيا استعماريا معاديا للعرب وللعروبة وفي نهاية الأمر للشرق الإسلامي. وجل اهتمام القائمين على تدمير سورية وحرقها بحطب سوري وعربي وإسلامي ودون أن يكلفهم ذلك شيئا هو كيف يشطب حق عودة الشعب الفلسطيني الى أرضه ووطنه المحتل فلسطين، وكيف يشرد فلسطينيي سورية بعدما شردوا سابق جزء كبير من فلسطينيي لبنان والعراق وليبيا. وكذلك كيفية ضرب تحالف المقاومة الذي تمثل فيه سورية عقدة الوسط والقضاء عليه خدمة لأمن الكيان الصهيوني والأنظمة العربية المتحالفة معه سرا او علانية.

نقول لهؤلاء القتلة الذي يقتلون أهل المخيمات في سورية : سورية لم تطلب من العرب والفلسطينيين ان يستسلموا للصهاينة كما فعلت الأنظمة العميلة التي تقيم علاقات طبيعية وعلنية وأخرى سرية مع الاحتلال الصهيوني، ولم تقل لأحد من الفلسطينيين والعرب والمسلمين اذهبوا وفاوضوا وطبعوا مع الصهاينة. سورية بقيت دائما حريصة على دعم المقاومة الفلسطينية وكذلك اللبنانية وعلى معاداة المشروع الأمريكي الصهيوني الرجعي العربي في المنطقة. كما أنها رفضت دخول الإسطبل الصهيوني الأمريكي الذي اعد للعرب والعاربة بأموال رعاة الإبل والخيول ومن عائدات نفطهم.

مقالات ذات صلة