أرشيف المنتدى

بعد زيارة ترامب،المنطقة العربي إلى أين!

بعد زيارة ترامب،المنطقة العربية إلى أين!

ما الذي يمكن أن يقال في زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لكل من المملكة السعودية والكيان الإسرائيلي!.

مما لا شك فيه أن هناك الكثير من القراءات والتحليلات التي خاضت في نتائج تلك الزيارة وإنعكاسها على عموم منطقة الشرق الأوسط. بعضها جزم بأن طبول الحرب في الشرق الأوسط لن تهدأ لسنوات عدة، والبعض الآخر قرأ الفاتحة على ما تبقى من القضية الفلسطينية، ومنهم من إعتبرها ضوء أخضر لإسرائيل في حربها القادمة على حزب الله وحركة حماس، وكذلك هناك من إعتبارها “زيارة مباركة” أمريكية للسعودية من أجل تشكيل تحالف إسلامي واسع قادر على محاصرة الجمهورية الإسلامية الإيرانية وعزلها.

لندع تلك القراءات جانباً ولنحاول قراءة الأسس التي إستند إليها الرئيس الأميركي دونالد ترامب منذ اليوم الأول لظهوره السياسي. فمنذ حملته الإنتخابية ونجاحه فيها وإلى يوم زيارته الأخيرة للسعودية وإسرائيل، لم نسمع ما يفيد عن خطة سياسية تستطيع أن تحاكي صراعات الشرق الأوسط، أو أنه يملك رؤية قادرة على الخوض في تفاصيل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

إن كل ما صدر عنه وعن إدارته تتخلص في ثلاثة جمل حرص على تكرارها بنفس المعاني وإن إختلفت الكلمات أحياناً، وهي:

الجملة الأولى: ” أميركا أولاً “.

والثانية : ” لن نقاتل نيابة عن أحد”.

والثالثة : ” السعودية ودول الخليج عبارة عن بقرة حلوب سنحلبها وعندما يجف حليبها سنذبحها أو نسمح بذبحا”.

هذه الجمل الثلاث في إعتقادي كانت بوصلة خطواته التي خطاها حتى الآن، وما عدا ذلك لم يتعدى البالونات التي تخرج إلى العلن ثم ما تلبث أن يَثبت فراغها من المضمون.

وبالعودة إلى زيارة الرئيس الأميركي ترامب لكل من السعودية واسرائيل، سنلاحظ أنه سَلكَ خلال زيارته للسعودية طريق البند الثاني والثالث عندما قال بوضوح في خطابه أمام مؤتمر الرياض. بأن أميركا لن تقاتل نيابة عن أحد، وهي إشارة واضحة إلى ثوابته بأن أميركا أولاً. ومن شاهد نشوته أمام ما قدمته له السعودية من بذخ في الهدايا وعقود في الإستثمارات التجارية والأسلحة والتي قاربت في مجموعها نصف ترليون دولار أميركي، سيدرك أنه نجح في حلب البقرة الخليجية التي سعى إليها.

أما بخصوص زيارته لإسرائيل والسلطة الفلسطينية، فكانت زيارة لا شأن لها بالمساس بالثوابت المتعلقة بجمله الثلاث سالفة الذكر. فجاءت الزيارة ضمن بروتوكولات التأكيد على الدعم المالي والعسكري الأميركي لإسرائيل كما هو العادة عند كل إنتخاب رئيس أميركي جديد. وعَن الجانب الفلسطيني نلاحظ بلا رُتوش أن أسلوب الزيارة لم يخرج عن مساره المُعتاد منذ إتفاق أسلوا الذي أوجد هذه السلطة الفلسطينية، فكانت كلمته عبارة عن جُمل مُغلّفة بشروطٍ وضوابط وإغراءات مالية وتهديدات شيطانية.. إن قررت السلطة الفلسطينية العصيان من داخل قفص التدجين الذي دخلته بملء إرادتها!.

هذا بالنسبة للشق المتعلق بالزيارة بخصوص السعودية وإسرائيل والسلطة الفلسطينية. أما في شقها المتعلق بإيران والأزمتين السورية واليمنية فقد قال الرئيس ترامب بعض من كلمات ليس لها أقدام تستطيع السير عليها في وحول الأزمة السورية أو اليمنية أو تُبشر بحرب أميركية على إيران. فبإعلانه صراحة بأن أميركا لن تقاتل نيابة عن أحد، يكون بهذا قد ترك الخيار مفتوحاً أمام السعودية في حربها على اليمن من حيث المواصلة فيها أو البحث عن حلول سياسية لها. وكذلك يكون قد أرسل رسالة تهدئة لإسرائيل وحلفائها من العرب بأن حربهم مع إيران إن قرروا الذهاب إليها.. ليست هي الخيار الأسلم أقلّه على المدى المنظور.

أما بالنسبة للأزمة السورية، فقد كان موقف الرئيس ترامب واضح في أكثر من تصريح، بأن معركة إسقاط سورية على الطريقة الأميركية في العراق، يعني الذهاب إلى حرب نووية مع روسيا.. وهو ما لا ترغب به أميركا.

يبقى السؤال، ما الذي يمكن أن يكسر حالة الجمود وتحريك تلك الثوابت الثوابت الأميركية تجاه القوى المتصارعة داخل الشرق الأوسط ؟!

من المؤكد أن الخاسر الأكبر من حالة ثبات الأزمة الحاصلة في كل من سورية واليمن والعراق هي السياسة الإسرائيلية، خاصة وأن ثبات الأزمة يميل لصالح سورية وحلفائها. لذلك قد يذهب رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو في محاولة منه لضرب هذا الثبات إلى شن حرب على حزب الله في لبنان، أملاً منه في إنتصار قادر على تغيير خارطة مفاهيم الصراع والتحالفات في عموم الشرق الأوسط. فهزيمة حزب الله من قبل إسرائيل قد يفتح باب التحالفات الإسرائيلية العربية إلى العلن ضد سورية وإيران، وقد يُصبح الشعب الفلسطيني مُجبرٌ على دراسة ملف المأساة الأرمنية كنموذج قابل للتطبيق وهو ما تسعى له إسرائيل أو إلى حالة شبيهة به، الشيء الذي قد يدفع بإدارة الرئيس ترامب إلى تهيئة كل الظروف القادرة على تحقيق ذلك والسير على نهجه. فهل يفعلها نتنياهو ويُقدم على مغامرة الحرب على حزب الله، بالمقابل هل ستسمح روسيا وإيران وسورية بهزيمة حزب الله الخندق الأمامي لها في مواجهة إسرائيل؟!

الكل يريد أن ينتصر.. والكل لا يرغب بهزيمة مخططاته، وما جنيف1 و 2.. وأستانة 1 و 2.. إلا دليل على أزمة الثبات التي تعيشها المنطقة العربية وعموم الشرق الأوسط!

أخيراً، نحن على أبواب سنة زمنية قادمة، قد ينهار فيها منطق المخاطبة أمام حماقة رعناء، يصاحبها إعلام كاذبٌ حبله قصير.. يأتيك من صغير أو أجير!

ولنا لقاء..

أبورياض