المقالات

هل من مستقبل للكيان؟

عندما تتابع الكيان من داخله، تتعزز قناعتك الاستراتيجية والسياسية، بأن هذه الدولة المارقة في التاريخ مآلها إلى زوال، شاء قادتها أم أبوا. هذا ما يتوقعه بعض «الإسرائيليين» لكيانهم. نعم، بملء الفم نقول: يتزايد عدد هؤلاء باستمرار. هم كثر! ولكن دعونا نستعرض أبرزهم: الكاتب نعوم تشومسكي ولأنه يؤمن بنهاية «إسرائيل»، فقد اختار لكتابه عنوان «الحرب على غزة ونهاية «إسرائيل»، ثم تحدث عن نهاية الكيان في محاضرة ألقاها في لندن عام 2013 أكد فيها أن نهاية هذه الدولة سيكون حتى عام2030.

د. فايز رشيد
د.فايز رشيد

أيضاً، ما كشفه المحامي الأمريكي فرانكلين لامب وفق ما نشرته صحيفة «الميثاق» في 30 مارس/آذار 2009: أن وكالة الاستخبارات الأمريكية (سي آي إيه) أعدت دراسة حول مستقبل المؤسسة «الإسرائيلية»، توقعت فيها سقوطها خلال عشرين سنة مقبلة، وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى الأراضي المحتلة ونزوح ما يقرب من مليوني «إسرائيلي» إلى الولايات المتحدة في غضون خمسة عشر عاماً مقبلة. بناء على استطلاع للرأي نشرت نتائجه صحيفة «هآرتس» الصهيونية 12 مايو/ أيار 2013، أكد أن 35% من الشباب في الكيان، لا يرغبون العيش في «إسرائيل» ويريدون الهجرة منها إلى أية دولة أخرى، إذا ما أتاحت لهم الظروف ذلك، نظراً لأنهم يتوقعون مستقبلاً كئيباً ينتظر دولتهم. ثم أظهر استطلاع رأي آخر نشرته النسخة الإلكترونية لصحيفة «هآرتس» أواخر عام 2014: أن 37% من «الإسرائيليين» يريدون الهجرة من «إسرائيل» لأسباب اقتصادية ولانتهاء «الحلم الصهيوني» لديهم. كما يرى البروفيسور «أمنون روبنشتاين»، الذي شغل في الماضي منصبي وزير القضاء والتعليم في حكومتي رابين وباراك، أن المؤسسة «الإسرائيلية» لا يمكنها البقاء مطلقاً بسبب نوعين من التهديد: خارجي يمثله فشل المؤسسة «الإسرائيلية» في ردع الفلسطينيين والشعوب العربية عن مواصلة تهديدها والتربص بها، والتهديد الداخلي المتمثل في الفساد، وتآكل ما أسماه «منظومة القيم الصهيونية».

أيضاً، تأكيد أبراهام تيروش الذي شغل منصب سكرتير ثان في حكومة «مناحم بيغن» أوضح مظهراً من مظاهر انهيار الفكرة الصهيونية، وهو قرار الوكالة اليهودية بالتوقف عن محاولة إقناع اليهود في أرجاء العالم بالهجرة إلى «إسرائيل»، معتبراً أن هذا يدلل على فشل الحركة الصهيونية في المحافظة على قوة الدفع الخاصة بأفكارها، التي تعتبر الهجرة اليهودية على رأسها. وأشار تيروش، مستنداً إلى نتائج دراسة أجريت في أوساط اليهود الأمريكيين ودلت على أن 50% من الشباب اليهودي الأمريكي لا يهمهم إذا امحت المؤسسة «الإسرائيلية» عن الوجود. كذلك، تصريح مناحم بيغن خلال العدوان الصهيوني على لبنان في عام 1982، بأن «إسرائيل» لن تعيش طويلاً»، مستطرداً القول، بأن الكتب القديمة تؤكد ذلك. الصحفي جدعون ليفي يقول في صحيفة «هآرتس» في عددها الصادر 20 إبريل/ نيسان 2014: «بأن لا أحد عنده جواب عما سيكون وجه الدولة بعد عشر سنوات، بل يوجد من يشككون في مجرد وجودها حتى ذلك الحين، وهذا سؤال لا يثار بشأن أية دولة أخرى». قال الشاعر ناتان زاخ أحد أبرز الوجوه الأدبية في الكيان الصهيوني في أواخر عام 2013: «إن الصهيونية فشلت في تحقيق مرادها، وإن دولة «الحليب والعسل التي وعدت بها تحولت إلى كومة شرور وفساد».

هنري كيسنجر أواخر شهر أكتوبر الماضي، توقع نهاية الكيان، ويومها ثارت ضجة صهيونية عليه.

مؤخراً، استوقفتني محاضرة عقدت في جامعة حيفا، نظمها مؤتمر الرابطة الدولية للدراسات «الإسرائيلية»، وألقاها الكاتب سامي ميخائيل عن: العنصرية الصهيونية في الكيان، من خلال القول بإمكان «إسرائيل» أن تتفاخر بلقب الدولة الأكثر عنصرية في العالم المتطور.

وعن سياسة دولته قال الكاتب: يوجد خطر حقيقي على «إسرائيل» إذا لم تدرك القيادة الحالية حقيقة أن «إسرائيل»» ليست موجودة في شمال أوروبا وإنما في المركز النشط للشرق الأوسط المعذب، وليس لنا مكان فيه بعد أن جعلنا كل المحيط يكرهنا، وشددنا ليل نهار، أن هذا المحيط مكروه علينا أيضاً. وقال ميخائيل محذراً: قد نفقد كل شيء ودولة «إسرائيل» ستكون ظاهرة عابرة مثل الهيكل الأول والهيكل الثاني. توقعات ميخائيل تعيد إلى الأذهان تصريحات رئيس الكنيست الأسبق إبراهام بورغ، الذي صرح في مقابلة له في عام 2007 بأن «إسرائيل» دولة فاشية وهي قوة استعمارية شبيهة بألمانيا عشية صعود النازية إلى الحكم.

ما سبق يذكر بالمؤرخ إسرائيل شاحاك وكتاباته وبخاصة مؤلفه«التاريخ اليهودي، الديانة اليهودية، وطأة ثلاثة آلاف سنة». في نفس السياق يأتي المؤرخ ايلان بابيه في مؤلفه القيم «التطهير العرقي للفلسطينيين»، وأخيراً لا آخراً كتاب شلومو ساند، المترجم حديثاً بعنوان «كيف لم أعد يهودياً».

د. فايز رشيد

19/04/2016

مقالات ذات صلة