بانوراما برلين

الأسيرة المحررة شذى حسن من رام الله – فلسطين المحتله عبر برنامجنا برنامج بانوراما برلين

يوم الثلاثاء 14/12/2021 – موقع عبد خطار

برنامج بانوراما برلين

أعداد وتقديم الأخ لبيب خطار – باسله الصبيحي

اشراف الأخ عبد خطار

شذى حسن: “35 تهمة، وحكم إداري واحد!”

اعتُقلت شذى (23 عاماً) من بيتها في حيّ عين مصباح في رام الله، في فجر 12 كانون الأول / ديسمبر 2019، وحُكمت حكماً إدارياً لـ 5 أشهر و10 أيام، وكانت عند اعتقالها طالبة في جامعة بيرزيت، تتخصص بعلم النفس كتخصص أساسي، وبعلم الاجتماع كتخصص فرعي (تخرجت في الفصل الثاني من العام الدراسي 2020 / 2021). وكانت شذى تسكن في مدينة رام الله، وتتحدر عائلتها من قرية دير السودان (رام الله)، وقد عملت منسقة لأعمال مؤتمر مجلس الطلبة في جامعة بيرزيت. ومثلما تسرد شذى، فإن أصعب لحظات الاعتقال هي الساعات الأولى بجميع تفصيلاتها، بدءاً من المفاجأة بأن الاعتقال لها وليس لأحد أفراد أسرتها كما جرت العادة، وهذه الصدمة الأولى، في رأيها، تترك أثرها على الأسيرة. وطبعاً، هناك المعاملة السيئة من طرف المجندات والجنود بما يختصر أعظم الانتهاكات لحرية الإنسان، من تقييد المعصمَين، ووضع العصبة على العينين، والزجّ بالأسيرة في الجيب الحديدي والذهاب إلى المجهول.

وفيما يتعلق بظروف الاعتقال، فإن شذى تصف اللحظات الأولى لاعتقالها، فتروي كيف دارت مواجهات بين الشباب الفلسطينيين وجنود الاحتلال، وأن الجنود أطلقوا قنابل الغاز المسيل للدموع على الشباب، بحيث إن الغاز تسرب إلى داخل الجيب وكادت تختنق، لكنها تُركت من دون أي مساعدة من طرف الجنود لنحو ربع ساعة. وكانت محطة الاعتقال الأولى في معسكر “بنيامين – عوفر” قرب بيتونيا، حيث خضعت للاستجواب الأولي من طرف الضابط المسؤول عن ملف جامعة بيرزيت، والذي حاول تثبيط عزيمتها بالادعاء أنها ستمضي فترات طويلة في السجن، وأن الاستخبارات تعلم كل شيء عنها، وأن إنكارها لن ينفعها، وغير ذلك من الاتهامات التي كان هدفها الأساسي زعزعة ثباتها النفسي. احتُجزت شذا لخمس ساعات في زنزانة سيئة كان يتم التلاعب بدرجة حرارتها، فمرة تكون باردة ومرة تكون حارة، الأمر الذي ألحق الأذى الجسدي بها، ثم نُقلت إلى سجن “عوفر” الذي وصفته بأنه “ثلاجة الموتى” لطول ساعات الانتظار فيه ولشدة برودته، وقد خضعت فيه للاستجواب لثلاث ساعات ونصف ساعة، وجرى توجيه 35 تهمة ملفقة إليها، يدور معظمها حول نشاطها الطلابي في جامعة بيرزيت. وحين لم يثبت أي من هذه التهم عليها، حُوّلت إلى الاعتقال الإداري بادعاء أن لديها ملفاً سرياً في المحكمة لا يمكنها لا هي ولا المحامي الاطلاع عليه. وإمعاناً في تعذيب الأسيرة وإرهاقها نفسياً وجسدياً، لم يتم إخبارها بنتيجة الاستجواب ولا بخلفية اعتقالها، وإنما علمت بالمصادفة بنتيجة حكمها لثلاثة أشهر إدارياً، وذلك عن طريق سجين عربي سياسي كان معزولاً في زنزانة قريبة من زنزانتها في سجن “هشارون” الذي كانت قد بقيت فيه ستة أيام، قبل أن تُنقل لاحقاً إلى سجن الدامون الذي أمضت فيه بقية محكوميتها التي جُددت مرة أُخرى.

في حديثها عن التجربة، تروي شذى أن من أصعب المحطات في تجربة السجن هي البوسطة التي وصفتها بأنها “قبر متنقل” ضيّق على شكل قفص حديدي يُحبس فيه الأسرى لساعات طويلة في طريق الذهاب إلى المحكمة وفي الإياب منها، وأنه قفص بارد جداً في الشتاء لطبيعته الحديدية ولظروف عزل الأسرى فيه. وتضيف شذى أن هذه تجربة لا يمكن نسيانها من جهة الأحاسيس والروائح وجميع ما تتركه في النفس من مشاعر تختزن التجربة القاسية، وتقول أنها، ولأول مرة في حياتها، تشعر بهذا البرد غير المسبوق؛ برد الجو وبرد المكان وبرد الغرباء، وهو برد مختلط ببرد المجهول ومظلومية المستعمَر أمام صلف المستعمِر وعنفه. وعلى الرغم من المعاناة القاسية في رحلة البوسطة، فإن شذى وجدت فيها وسيلة للتسرية عن نفسها ومشاهدة المناظر الطبيعية للمناطق الفلسطينية المحتلة منذ سنة 1948، والتي لم تشاهدها من قبل إلّا مؤخراً حين زارتها في رحلة تجوال. ومع أن زيارتها في البوسطة لم تكن رحلة، إلّا إن شذى تعاملت معها كوسيلة للتجوال البصري في الطبيعة الخلابة لأعالي الجليل، متناسية ولو لوهلة بسيطة، وجود السجن والسجان.

مقالات ذات صلة