أرشيف المنتدى

شعراء البارد || المخيم في كلماتهم.. حنين وألم وذكرى

شعراء البارد || المخيم في كلماتهم.. حنين وألم وذكرى

ميسون مصطفى

1_1228280098.webp

للكلمة وقع الرصاص حيناً، وقوة الحجر أحياناً، اذا ما كانت صادرة عن اختلاجات الروح ومكامن الوجع، فالادب بوجه عام يمثل حالة شعورية يعيشها الفرد، فينضح قلمه بالحب والحنين والتذكار والالم.. وهذا ما حصل لشعراء نهر البارد الذين عاشوا وترعرعوا فيه، فهزهم الحدث، أذهلهم فلم يصدقوا ما حصل بـ “باردهم” الدافىء الآمن.

غنت قصائدهم الالم والحرقة والمخيم الذي تغير وجهه، فبات حزيناً يبكي أهله، ومَنْ به سكن.

القاضي

يلاحق وجه المخيم الشاعر شريف القاضي، حتى يقض مضجعه،

فيرى فيه اللجوء والتهجير والغربة، فالمخيم يمثل له رحلة الالم والاقتلاع من جذور الوطن:

هنا يغدو المخيم لاجئاً ثرى

رذاذ الماء او وجه التراتيل

يبوح الملح باصداف الينابيع

التي غارت بأسرار المراييل

ويرفض شريف رؤية المخيم مدمراً، فيطلب منه ان يضع خماراً يُغير ما حل به، ليتناسى مأساة مخيمه:

أيا وجه المخيم لم تزل عن عينيك

التجعيد، ضع ذاك الخمار بلونه المغري

لكي أنس صباح الموت علَّ

الاشتهاء يزيدني طهراً بتهليل

الخطيب

يُصبِّح الشاعر مروان الخطيب مخيمه بالدمع وبالاحزان، فالبارد الهادىء،

تحول في لحظة من جامع لشمل العائلة والاهل والاصحاب الى أحمر قانٍ يفرق الاحبة عن بعضهم،

حتى النار التي كانت في يوم من الايام لطهي الطعام، أصابت برمشة عين ذكرياته وكتبه وعمره:

صباح الخير يا أنسام!!

صباح الدمع والاحزان والالغام!!

صباح “البارد” الاحمر،

يغطي الارض بالاوهام…،

صباح الحب،

قد غرقت بتلك النار أرغفتي

وأوسمتي..

… يحلم مروان ان يرجع كل شيء الى مكانه، وان يعود الحلم الى الذاكرة التي تحمل

كل ما هو جميل، فيتدفق النهر بالحب ساقياً ظلمة الليل كاشفاً عن لؤلؤ مخبوء:

وأحلم ان أعيد النبض في نهري

وأحلم في دياجيري،

بأن اللؤلؤ المخبوء،

والاصداف في بحري

وديباجاً أعدوه،

لكم السر في قبري…،

وان الطفلة الحسناء في عينيك

تنصرني على ماضٍ،

أرادوه…

يعقوب

أما هشام يعقوب فيغني مأساة المخيم بصوت ملؤه الحنين والاسى، فتدفقت كلماته باللهجة العامية،

تدفق نهر البارد في مجراه الطبيعي، فتنزف كلماته وهو يطالب ان يسمعه العالم بأسره

ويكون شاهداً على الآم شعبه:

اشهد يا عالم شعبنا المظلوم

عالقهر والاذية

كل يوم نكبة، هموم ورا هموم

ما شفنا عيشة هنية

كل يوم نقول بكرا بترجع الكروم

وخض المي وهي مية

يا نهر البارد عليّ صوتك ما تهون

خلي نبراتك قوية

قول للظالم ويلك من المظلوم

ويلك من رب البرية

عوض

تنصبُّ كلمات الشاعر وليد عوض حقداً على العدو الصهيوني، وهو يتذكر ما أصابه في نهر البارد،

لانه هو السبب في كل ما يجري للشعب الفلسطيني فيتساءل: مَنْ اغتال الاحلام في جوف العذارى؟

مَنْ أحرق الايام وأوقف الفرحة في عيون الارامل..!

يتحدى عوض العدو الصهيوني لان حربه ليست ضد أبناء عرقه ودينه ولغته:

وتسير بقافلتك وأسر أحمل في أحلامي رسماً وردياً

ان أطفأت الانوار فعظامي أعواد مشاعل

عبد العال

يخلق الخروج من المخيم حزناً وألماً في نفس الشاعر باسل عبد العال، ولكن هذا الحزن سرعان

ما يتحول الى فرح لان خروجه من المخيم سيكون الى فلسطين، ولكنه يكتشف انه قد ضل الطريق:

سماء المخيم تصغر خلفي

على وضح الشمس

أرحل نحو سمائي وأرضي

هناك بعيداً

بروز الجراح تئن ببالي

الى أين أعبر فوق جسور الرياح؟؟

الى أين أمشي؟؟

هذا غيض من فيض من شعراء مخيم نهر البارد، وقد قالوا لنا: “ان المأساة أكبر من ان تكتب على الورق”.