أرشيف المنتدى

الصراع السعودي الإيراني إلى أين؟!..

الصراع السعودي الإيراني إلى أين؟!..

هناك مثل فلسطيني يقول “إذا ما كِبرت ما بتصغر”. ويبدو أن القناعة بهذا المثل الفلسطيني من قبل اصحاب القرار في كل من السعودية وإيران قد وصل إلى حد العمل به. ليس حبا في تأجيج الصراع وصولاً لإندلاع حرب حقيقية، بل لعل هذا التصادم الإعلامي الحاد بينهما يذهب إلى تأسيس حدود المصالح لكل منها. خاصة بعد تفرّد القرار الروسي الأميركي في تحدد مسار الحلول المطروحة لمجمل الأزمات المشتعلة بدأ بسورية وإنتهاء باليمن. ولم يكن إعدام الشيخ السعودي المعارض نمر النمر، إلا بمثابة الشعرة التي قسمت ظهر صراع النفوذ والمصالح المدفون بين إيران والسعودية. وإن كانت الأخيرة هي المتضرر الأكبر من هذا التفرد الروسي الأميركي في إتخاذ القرارات. فالخلاف الإيراني الروسي حول تشابك المصالح والنفوذ بينهما لا يزال يقبع تحت سقف التفاهمات ضمن أولويات عدم سقوط حليفتهم سورية. أما المملكة العربية السعودية، فالخلاف مع الحليف الميركي خرج إلى العلن منذ أن تم الإعلان عن الإتفاق النووي الأميركي الإيراني الاوروبي. يومها أدركت السعودية أن سبحة الخسارات بالنسبة لها لن تتوقف عند حدود الإتفاق النووي. لذلك راحت تسابق الزمن علّها تستطيع أن تمنع الإنهيار الأكبر وهو خسارتها في سورية. لكنها فوجئت بالموقف الأميركي وقد أصبح أكثر قربا من الطرح الروسي الإيراني والذي شكل لها بداية حقيقية للصدمة السياسية. خاصة بعد أن تأكدت أن هناك شبه إجماع دولي على فرض حلول سياسية في سورية تتناقض وما تطمح إليه من حلول وعلى رأسها مسألة بقاء الرئيس بشار الأسد في الحكم، والتي أصبحت بعيدة عن الطرح إلا في إطار قيام إنتخابات سورية تفضي إلى من تفضي إليه من نتائج.

إن خروج السعودية خالية الوفاض من حرب أرادتها لتكريس زعامتها على العالمين العربي والإسلامي منذ نشوء “الربيع العربي”، قد دفعها للقيام بالكثير من القرارات المُربكة لها قبل حلفائها، بدأ بالصراع مع تركيا تارة والتحالف معها تارة أخرى. وبالعداء للأخوان المسلمين لدرجة تصنيفهم بالحزب الإرهابي.. ثم العودة للتحالف معهم عبر قطر وتركيا. ثم بالذهاب عبر ولي ولي العهد إلى روسيا لعقد إتفاقات عسكرية وإقتصادية بمليارات الدولارات رغم التناقض الواضح بين البلدين في المسائل الساخنة وخصوصا في سورية، وهي رسالة غضب أرادتها للحليف الأميركي ليس أكثر!. ولم يقف الغضب من الحليف الأميركي عند هذا الحد، بل ذهبت لتعلن فجأة عن تحالف منفرد سعودي عربي في الصراع على اليمن!. ولأنها لم تلقى ما يهدئ من قلقها ليوقف مؤشر فشل سياساتها، ذهبت إلى تشكيل قوة أخرى عربية إسلامية لمكافحة الإرهاب علها تملأ الفراغ الذي أوقعها فيه التفاهم الروسي الأميركي على مجمل القضايا. ولأن العودة إلى الوراء أصبحت دروج النسيان، جاء التصعيد السعودي الإيراني الذي نشهده الآن، علَّه يكون قادر على خلط جميع التفاهمات التي تمّ الوصول إليها دولياَ!.

يجدر الإشارة هنا إلى أن السياسة الإيرانية قد أخطأت في عدم الإهتمام الكافي من أجل حماية السفارة السعودية من غضب المتظاهرين الذين إعتدوا على السفارة، وهو ما سمح بإنتزاع قرار عربي من ثلاث نقاط لصالح الرؤية السعودية يدين من خلاله الممارسات الإيرانية وتدخلاتها في الشؤون العربية، والذي صدر عن الإجتماع الطارئ لوزراء خارجية الدول العربية الذي عقد في مقر الجامعة العربية بالقاهرة!.

وهنا يصح التساؤل، هل حقاً حالة التصعيد التي نشهدها من قبل إيران والسعودية قادرة على تغيير مسار التفاهمات الدولية بما يتوافق وطموحات كل من السعودية وإيران في إنتزاع دور قيادي لهما في القضايا الساخنة بدأ من سورية مرورا في لبنان وإنتهاء باليمن، وفي السياق ذاته القضية الفلسطينية، على إعتبار أن الجميع يدعي نُصرتها؟!.

في إعتقادي أن الجواب على هذا، ينطلق من توافر القناعة لدى قيادة المملكة العربية السعودية بعدم الوقوف في وجه مصالح الدول الكبرى، والإكتفاء بالذهاب إلى الحلول التوافقية مع الدول الإقليمية الفاعلة، وعلى رأسها إيران وتركيا وبنسبة أقل مصر. وقد يكون من المفيد أن لا نغفل الدور الإسرائيلي الذي يسعى لإستغلال كل حدث في الشرق الأوسط لتحقيق خرق ما في جدار التطبيع العربي الشرق أوسطي لها، فهل سنشهد تقاربا عربيا إسرائيليا بحجة العدو الإيراني.. أم هو الحس العربي الإسلامي قد يجد له طريقا للنجاح؟.

لست أميل للكثير من التشاؤم كما هو حال الكثيرين.. لأني أؤمن بأن الحفاظ على الأوطان من التمزُّق قادر على فرض عقلانية القبول بتحقيق بعض الطموحات وليس كلها.

وعند القادم من الأيام الخبر اليقين!

أبورياض