أرشيف المنتدى

ما أقصى الصرخات يا أقصى !

ما أقصى الصرخات يا أقصى !

Wed 17 March 2010

error

يقتلني حزني صباح كلّ يوم وأنا أتصفّح الصحف أو أشاهد المحطّات التلفزيونية الإخبارية عندما أرى أو أقرأ أنّ فلسطين تستباح وتُدمّر على مرأى من العالم أجمع دون أن يتحرّك أحدٌ أو ينطق ببنت شفة على ما يحدث ، بل وربما أنّ هذا العالم أجمع متواطىء على تدمير فلسطين وإزالتها عن خارطة الدول .

يقتلني حزني وأنا أراها تذوب رويداً رويداً وتتألّم وتتعذّب كثيراً كثيراً ولا من مغيث ولا من منجد لهذه الأرض المقدّسة ، أرض الأنبياء والصالحين .

أحزن إذ أرى فلسطين تموت أمامي كلّ يوم ، وأقسى ما في هذا الموت أنه يختلف عن الرحيل الأبدي الذي يحدث وينتهي ، إنّ موت فلسطين هو موت يومي .. تموت كلّ يوم عندما يدمّر فيها بناء عتيق أو حي قديم ، أو عندما يدفن فيها زاروب عابق برائحة أهله الطيبين الّذين أُجبروا على تركه لا يعلمون لماذا ،أو عندما يُقفل فيها دكّان في زاوية كان مسرحاً لقصص الحب بين ساكنيه ، أو عندما تُدمّر المساجد والكنائس التي كانت تجمع القلوب المؤمنة على حبّ إله واحد بحجة أنها تأوي إرهابيين ، هل أصحاب الأرض الّذين يدافعون عن أرضهم وعرضهم وكرامتهم ومعتقداتهم وتقاليدهم أصبحوا إرهابيين ؟ إنه قلب لكل المقاييس المنطقية ، عجبي ..!

عصابة جيء بها لا نعلم من أين ؟ ولا ندري لأية حضارة تنتمي ؟ عصابة زُرعت في قلب فلسطين وفي حلق العرب ، عصابة أينعت شرّاً وبطشاً بأهل العرب ، عصابة انتهجت نهج السيطرة والغلبة ، عصابة لا ترحم ، تُدمّر كلّ خصوصيّات الغير ، تقضي على كل ذاكرة ، وتمحو أثرأً بعد أخر لكلّ ما هو جميل وأصيل ، وتعمّم كل ما هو تافه ورخيص .

يخوض أهل فلسطين حرباً شرسةً ضد هذه العصابة في سبيل البقاء ، مجرّد البقاء ، يدافعون بقوّة عن الهويّة عن الموروث عن المعتقد عن الدين عن الوطن عن فلسطين . إنّهم يزرعون بذور المقاومة في وجه الغطرسة والهيمنة الصهيونية ، إنّهم يسعون ككل شعوب العالم أن يكون لهم وطنٌ مستقلٌ حرٌّ سيّدٌ .

لم تعد ترد في الخطاب السياسي للحكّام في أرجاء المعمورة كلمة الصراع العربي الإسرائيلي أو كلمة القومية العربية أو عبارة تقرير المصير ، غابت هذه اللغة وحلّت محلها لغة كل مفرداتها مكرّسة لوصف إتفاقيات السلام والتطبيع ، ولشرح قواعدهم وتعداد ضوابطهم ، ومديح مزاياهم والتعامل معهم باعتبارهم القدر الذي يصنع المستقبل والمصير ، عجبي..!

حان الوقت ، كي ندرك بعد تجارب السنين أن لا معاهدات ولا إتفاقيات تطبّق أو تُحترم مع هذه العصابة الكاسرة المغتصبة ، علينا إذاً أن نقطع الوهم ، ونعود إلى قيمنا وجذورنا العربية ونفتح كتاب التاريخ لنستذكر القائد صلاح الدين ونستلهم منه الشجاعة والبسالة وكيفية استرجاع الحق واسترجاع المقدّسات .. وعلينا أن نقف ونصرخ بالصوت العالي ” القدس لنا … القدس لنا … القدس لنا …” .

خليل إبراهيم المتبولي