أرشيف المنتدى

مفاصل الاقتصاد العالمي ترتعد من السحابة البركانية

مفاصل الاقتصاد العالمي ترتعد من السحابة البركانية

Sun 18 April 2010

error

من المتوقع أن يتفاقم التأثير الاقتصادي لسحب الرماد البركاني التي أدت إلى تعليق الرحلات الجوية في شتى أنحاء أوروبا كلما طالت مدتها إذ ستؤدي إلى إلغاء عطلات وتأخر تسليم بضائع وانخفاض الطلب على وقود الطائرات.

ومن بين المتضررين المحتملين الشركات الافريقية التي تصدر الزهور والخضروات جوا إلى المتاجر الكبيرة في أوروبا وشركات التكنولوجيا التي تعتمد على تسليم مكونات منتجاتها في أوقات معينة ومنظمو الحفلات وآخرون.

ويقول خبراء اقتصاديون إنهم لم يغيروا حتى الآن نماذجهم ولا توقعاتهم للنمو الأوروبي على أمل استئناف خدمة النقل الجوي بصورة طبيعية هذا الأسبوع. لكن في أسوأ الحالات إذا واصلت سحابة الرماد اغلاق المجال الجوي الأوروبي لعدة شهور يتوقع أحد الخبراء الاقتصاديين أن تؤدي خسائر قطاع السفر والسياحة وحده إلى انخفاض النمو الاقليمي بين نقطة ونقطتين مئويتين.

ومن المتوقع أن يسجل النمو الأوروبي بين واحد و1.5 بالمئة في 2010.

وقالت فانيسا روسي الباحثة الاقتصادية في مؤسسة تشاتام هاوس “سيعني ذلك أن كثيرا من الدول الأوروبية لن تحقق أي نمو هذا العام”.

وأضافت “من شأن ذلك أن يؤدي عمليا لخنق الانتعاش. لكن المشكلة هي أن من الصعب جدا التنبؤ بما سيحدث”.

وفي حالة حدوث ذلك فسيكون الموقف مبهما تماما وذا تأثير واسع النطاق يستحيل التنبؤ به كما يصعب ايجاد نموذج له.

والأسئلة المهمة الآن هي هل سيواصل البركان ثورته ونفث الرماد في المجال الجوي وإلى أين ستحمل الرياح الرماد وإلى متى سيظل الرماد العالق في الجو بالفعل متجمعا فوق أوروبا.

ويقول خبراء البراكين والأرصاد الجوية إنهم لا يستطيعون الاجابة عن تلك الأسئلة على الفور إذ لا يمكن التنبؤ بالبراكين على وجه التحديد. ويحذر هؤلاء من أن آخر ثورة للبركان إيافيالايوكل استمرت أكثر من عام. لكن انبعاث الرماد قد لا يستمر طوال مدة ثورانه.

وتوقع معظم الخبراء في بداية الأمر أن تستمر السحابة فوق أوروبا وأن يتواصل تعطل الرحلات الجوية لعدة أيام.

ويمثل قطاع السفر والسياحة نحو خمسة بالمئة من الناتج الاجمالي العالمي الذي يبلغ نحو ثلاثة تريليونات دولار وتسهم أوروبا بثلث ذلك الناتج وتحقق معظمه أثناء شهور الصيف.

ولن تؤدي السحابة إلى فقد كل ذلك لكن روسي تتوقع أن تتكبد الصناعة ما بين خمسة وعشرة مليارات دولار أسبوعيا بسبب استمرار اغلاق المجالات الجوية الأوروبية.

لكن من المرجح أن يمتد التأثير لنطاق أوسع من ذلك. وفي الوقت الذي يمكن نقل معظم السلع العالمية من حيث الحجم عبر البحر والبر إلا أن تقديرات المحللين في مجال النقل تشير إلى أن 40 بالمئة من البضائع من حيث القيمة يجري نقلها جوا.

وتقول شركات الشحن الجوي الكبرى إنها تنقل البضائع برا قدر الإمكان وتدرس خططا طارئة لاستخدام المطارات الموجودة بجنوب أوروبا والتي لم تتأثر بالسحب البركانية. لكنها تقول إن مواعيد التسليم ستتأخر بشدة.

وقال نورمان بلاك المتحدث باسم يونايتد بارسل سرفيس (يو.بي.اس) “إذا كانت عمليتك التي يجب أن تنجزها في موعد محدد تعتمد على أجزاء تأتي من آسيا أو الولايات المتحدة أو أفريقيا أو الشرق الأوسط … فلن يمكنك الحصول عليها”.

وأضاف “دي.اتش.ال ويو.بي.اس تستخدمان مراكز العمليات الجوية في ألمانيا بينما تعتمد فيديكس كورب على مركز للعمليات الجوية في فرنسا وهذا المجال الجوي كله مغلق. ليس هناك خيار ملائم في الوقت الحالي بينما ننتظر جميعا لنرى إلى متى سيستمر ذلك”.

وتعتمد شركات الصناعات الدوائية على الشحن الجوي إلى درجة كبيرة لكن معظمها قالت يوم الجمعة إن لديها مخزونات تكفي لتجنب حدوث أزمة على المدى القريب. ولن تتأثر الواردات المتعلقة بصناعة التكنولوجيا العالية من آسيا إلى الولايات المتحدة إذ أنها تمر فوق المحيط الهادي لكن الشركات الأوروبية قد تتأثر.

ويجري نقل معظم شحنات الأغذية والمشروبات بحرا لكن بعض المنتجات عالية القيمة مثل الويسكي الاسكتلندي الفاخر – والذي تباع الزجاجة منه بمئات الدولارات في الصين أو اليابان – لم يعد بالامكان نقلها.

وقد يعني ذلك أن أكثر الاقتصادات الوطنية عرضة للتأثر باغلاق المجال الجوي الأوروبي هي الدول الأفريقية المنتجة للفاكهة والزهور التي تذبل سريعا إذا لم تشحن إلى السوق.

وقالت راضية خان كبيرة الخبراء الاقتصاديين في الشؤون الأفريقية لدى بنك ستاندرد تشارترد وهي نفسها عالقة في مطار في بتسوانا بعد الغاء رحلتها الجوية “من المرجح أن تكون كينيا من أكثر الدول تأثرا باعتبارها أكبر مورد للزهور إلى أوروبا وحيث السياحة أيضا قطاع مهم تتبعها دول شرق أفريقيا المنتجة للسلع اللينة”.

وبحسب تقديرات الاتحاد الدولي للنقل الجوي (اياتا) تخسر شركات الطيران 200 مليون دولار يوميا بسبب اغلاق المجال الجوي الأوروبي والذي سبب فوضى تجاوزت حدود الدول الأوروبية التي أغلقت مجالها الجوي.

ولن تحصل معظم شركات الطيران على تعويض عن هذه الخسارة رغم أن شركة ميونيخ ري للتأمين قالت يوم الجمعة إنها ستدرس تقديم تأمين من إلغاء الرحلات في المستقبل إذا تسببت هذه الأزمة في ظهور طلب على ذلك.

وتراجعت أسهم شركات الطيران الأوروبية يوم الجمعة ومن المرجح أن تهبط بشدة إذا تبين أن فترة التوقف ستمتد. وحتى إذا تغير اتجاه الريح فستواصل سحب الرماد فوق المحيط الأطلسي والمنطقة القطبية تعطيل الرحلات المتجهة إلى أمريكا الشمالية وآسيا.

وبحسب تقديرات بعض المحللين فإن اغلاق المجال الجوي الأوروبي يخفض الطلب على وقود الطائرات بنحو مليوني برميل يوميا مما قوض أسعار وقود الطائرات الأسبوع الماضي. ومن شأن استمرار الاغلاق أن يؤثر على أسعار النفط.

ولم تتأثر صناعة السفر والسياحة عموما بصورة كبيرة حتى الآن. لكن ستظهر مشكلة إذا استمر الاغلاق لفترة طويلة تؤدي إلى الاحجام عن السفر مستقبلا.

وقالت راجيف دهاوان مديرة مركز التوقعات الاقتصادية في كلية روبنسون لادارة الاعمال بجامعة جورجيا “الفنادق حتى الآن لديها نزلاء ممن تقطعت بهم السبل. إذا لم يصل مسافرون جدد بعد فترة فسيتضرر قطاع الفندقة”.

ويحذر خبراء البراكين من أنه حتى إذا تبددت السحابة الأولية فإن الشيء نفسه قد يتكرر مادامت ثورة البركان مستمرة مما يشكل تهديدا آخر للشركات التي تعاني.

وقالت راجيف “لو حدث هذا قبل عامين لاستطاعت الحكومات تدبير الأموال للتدخل وتقديم الدعم … لكن في الوقت الحالي بعد الأزمة لا توجد تلك الأموال. قد يكون ذلك كافيا لانهيار بعض شركات الطيران والسياحة الضعيفة. هذا التوقيت هو الأسوأ. على الجانب الآخر يمكن أن تتبدد (السحابة) بين عشية وضحاها ونعود للأوضاع الطبيعية بحلول الاسبوع المقبل”.

وقد يتطور الأمر للأسوأ.

ويقول علماء إن من المستبعد أن تؤثر هذه الثورة البركانية على القطاع الزراعي خارج أيسلندا على عكس ثورة بركان لاكي الأكبر كثيرا عام 1783 والتي كانت في أيسلندا أيضا.

وقال ستيف سباركس مدير مركز بريستول لابحاث المخاطر البيئية في جامعة بريستول “حدثت مجاعات في فرنسا بسبب اخفاق المحاصيل وربما كان هذا عاملا في قيام الثورة الفرنسية”.

ندن – بيتر ابس