أرشيف المنتدى

القضية الفلسطينية بين تقاسم الغنائم والحرب الكونية !

القضية الفلسطينية بين تقاسم الغنائم والحرب الكونية !

ضمن معركة كسر العضم الحاصلة هذه ألأيام بين المعسكرالسوري ألأيراني العراقي اللبناني ( حزب الله )مدعوم بفيتو روسي صيني وبين المعسكر القطري السعودي التركي الفرنسي البريطاني المدعوم بالقوة العسكرية ألأميركية ، لا بد حتما ًمن منتصر في نهاية النفق ! ومن هنا يأتي السؤال ، ماذا لو إنتصر المعسكر المعادي لسورية ؟ وماذا لو إنتصر المعسكر السوري ؟ وما الذي يمكن أن تجنيه القضية الفلسطينية من إنتصار أحدهم على ألآخر؟

تعالوا نحاول قراءة القضية الفلسطينية وما الذي يمكن أن تعكسه هذه الحرب الدائرة عليها ، التي يُستخدم فيها كل أدوات الحروب بما فيها الدين والمال والحديد والبشر والحجر ، فكلٌ يسعى لكسب الحرب بأيّ ثمن .. ! والخسارة هنا ليست هزيمة كهزيمة حزيران ، أو كحرب تشرين .. أو حتى كحرب العراق ، بل فناءٌ للطرف المهزوم وطمس معالمه . ولن نغالي إن أطلقنا عليها إسم الحرب العالمية الثالثة إن جنّ جنونها وإتسع لهيبها ، وبلا شك بعد أن تضع أوزارها سترمي بظلالها المباشرة على القضية الفلسطينية والمنطقة العربية بشكل عام لعقود قادمة من الزمن . لذلك أراه من المفيد أن نجتهد في قراءة النتائج المتوقعة وتأثيرها المباشرعلى القضية الفلسطينية ووعموم منطقة الشرق ألأوسط .

في البداية وكمنطلق لفهم النتائج لا بد من الوقوف على صياغة كل دولة من ألأطراف لنهج برنامج تحالفاتها ، وكذلك رؤيتها في حل الصراع الفلسطيني ألأسرائيلي ( لم يعد صراع عربي إسرائيلي ) . إن الجزء العربي من الحلف الغربي ، وهم قطروالسعودية وبعض دول الخليج العربي قد بنوا تحالفاتهم على مبدأ طلب الحماية خوفا من ألأطماع الخارجية للحفاظ على ثرواتهم البترولية الهائلة التي تختزنها أرضهم العربية . وهو تحالف له تعريفه في العُرف السياسي ، وهو حلف القوي مع الضعيف .. الذي يكون الضعيف فيه متنازلا عن الكثير من حقوقه تحت مبدأ خسارة بعض الحقوق مقابل كسب البقاء . وهو مبدأ يسمح للقوي بأن يفرض شروطه في بنود هذا التحالف . ولأن القضية الفلسطينية وكيفية إيجاد الحل لها ، هي نقطة الخلاف بينهما ، فحلها سيأتي متجانسا أكثر لرؤية القوي من الضعيف . وفي التفاصيل نقول ، أن الرؤية القطرية السعودية في حل الصراع ألفلسطيني ألأسرائيلي يأتي عن طريق إقامة دولة فلسطينية على حدود أل 67 وعاصمتها القدس الشرقية ، في حين لا يتبنى الحليف الغربي القوي رؤية واضحة لهذا الصراع إلا عبر ما تصوغه أسرائيل من تعريف لهذا الصراع .. ! والرؤية ألأسرائيلية المُستخلصة من سلسلة التفاوضات المتعاقبة تشيرإلى أن إسرائيل تريد – قيام دولة اللا دولة في حدود اللا حدود على أرض اللا أرض -! وعبر هذا التصور الأسرائيلي العجيب الغريب للحل .. تجتهد الدول الغربية الحليفة لقطر والسعودية منذ أكثر من أربعة عقود لأيجاد وسيلة ما لتطبيق ذلك التصور ألأسرائيلي ! وكما نعلم كانت الضغوطات العربية والغربية تفرض على المفاوض الفلسطيني التنازل المستمر بإعتباره الأضغف عله يُقدم لهذا التحالف العربي الغربي رؤية تسمح بوجود تصور ما يتوافق والرؤية الأسرائيلية العجيبة !! ولأننا أمام المستحيل في تطبيق ما تريده إسرائيل ، سنشهد ألآتي – في حال إنتصر الحلف القطري السعودي الغربي على سورية وحلفائها – :

أولا ً سيتم التطبيق الفعلي لقبول وجود إسرائيل من خلال وجود أنظمة عربية جديدة لها الخضوع الكامل للسياسة الغربية ، ومن ثم الأعتراف العربي العلني والصريح عبر فتح السفارات ألأسرائيلية في كل العواصم العربية ، وهذه الخطوة سيصاحبها تطبيل إعلامي كبير يصب في خانة التطمين العربي الغربي لأسرائيل من خلال تمرير قبول الشرط ألأسرائيلي بالأعتراف بيهودية دولة إسرائيل من أجل أن يُرفع الفيتو الأسرائيلي عن قيام كيان فلسطيني !

ثانيا ً سيصار إلى فرض توطين الفلسطينين في الشتات حيث يعيشون ، وستمارس الضغوطات لتطبيق ذلك عبر كثير من المبررات والأغراءات المالية وغيرها . وهي خطوة تتناغم مع ألأستراتيجية ألأسرائيلية التي دأبت على تسويقها في الغرب لتثبت أحقيتها في ألأرض الفلسطينية التاريخية ..!

ثالثا ً سيتم وبشكل ملحوظ ضخ المال العربي والغربي في المنطقة العربية عبر كثير من المشاريع ألأنمائية والأعمارية وخصوصا في الدول العربية الفقيرة الرافضة لمبدأ وحود إسرائيل بناء ما تحمله من موروثات تاريخية تقافية ، لقتل تلك الثقافة من خلال إثبات منافع التوجه الجديد ، وهو توجه مستوحى من مبدأ الفكر الصهيوني الذي أثبت نجاعة تطبيقه في كثير من مناطق العالم .

رابعا ً سنشهد هجوما ً واضحا ً على مناهج الثقافة في التعليم العربي .. ، وسيصار إلى طمس كل ما يتعلق بالحقوق الفلسطينية التاريخية .. ، من خلال منهاج تعليمية جديدة تؤسس لكتابة تاريخ جديد يتوافق والحلم التوراتي قي المنطقة العربية .

لو سلّمنا بحدوث ما أسلفناه .. ستكون الدولة الفلسطينية المزعوم إقامتها في أماكن ما من الضفة الغربية وقطاع غزة قد إقيمت فعلا ..، لكن ليس على أرض الواقع بل عبرمشاريع إقتصادية وحكم مدني لبعض المدن الفلسطينية منزوعة القرار والسيادة وسلطة فلسطينية مدنية لتنفيذ ذلك الأتفاق تتلقى أومراها من السيادة الأسرائيلية .

هذا في إعتقادي أهم النتائج المتوقع إنعكاسها على عموم الشرق ألأوسط والقضية الفلسطينية ، في حال إنتصر الحلف القطري السعودي الغربي .

أما لو أعدنا القراءة وتصورنا أن سوريا وحلفائها هم المنتصرون ، فما المتوقع حدوثه في المنطقة العربية وعموم الشرق ألأوسط ..؟ ، وكيف ستكون إنعكاساته المباشرة على القضية الفلسطينية ؟.

لا بد هنا كذلك من قراءة للرؤية السياسية لهذا الحلف تجاه القضية الفلسطينية . في الحقيقة هناك تباين في الرؤى لهذا الحلف من القضية الفلسطينية ..، فسورية ومعها روسيا والصين ترى أن حدود ال 67 كدولة فلسطينية وعاصمتها القدس منطق توافقي جيد يُمكن أن يُبنى على أساسه السلام العادل والدائم في الشرق الأوسط ، أما الرأي ألأيراني فهو أكثر تشددا في هذا الخصوص ، فهو يؤمن بمبدأ الهزيمة الكاملة أو النصر الكامل .. ، وفي حال تمت هزيمة التحالف القطري السعودي الغربي ، فهو إعلان واضح على إنتهاء حكم آل حمد في قطر وآل سعود في السعودية ، وسينسحب ذلك السيناريو على بقية حكام منطقة الخليج العربي ، ولن ترضى إيران بالتوقف عند حد الهزيمة بدون إحداث هذا التغيير ، بل ستعمل على إقناع حلفائها على أن الفرصة سانحة لأحداث هذا التغيير الجذري في التركيبة السياسية والأجتماعية والجغرافية لمنطقة الخليج العربي من خلال دفع مؤيديها لأستلام السلطة عبرقيام ربيع عربي بلون إيراني سوري . وهذا التصور سيدفع الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها إلى أحد ألأمرين – إما التفاوض مع إيران وسورية وحلفائهم روسيا والصين لتقسيم الغنائم من خلال إعادة تقسيم جديد لمنطقة الخليج العربي .. ، وإما الدخول في مواجه عسكرية شاملة لا أحد يعلم أن سيصل مداها . وفي حال قبلت الولايات التحدة وحلفاؤها التفاوض أو الدخول في حرب مباشرة مدمرة .. فهو إيذانا بظهور إمبرطوريات جديدة وطمس إمبراطوريات موجودة على هذه ألأرض .

أما بخصوص القضية الفلسطينية . فإن حصل النصر السوري ألأيراني وحلفاؤهم ، فستكون الفرصة مؤاتية لفرض الشروط من قبل المجتمع الدولي على إسرائيل لقبول مبدأ الدولتين ضمن حدود ال 67 .. ، وسيكون من الصعب على إسرائيل إذا لم يكن من المستحيل أن ترفض القبول .

أما إن إندلعت الحرب الكونية الثالثة فلن يستطيع أحد أن يتنبأ أبعاد تأثيرها على مصير دول وشعوب قائمة بذاتها.

ولنا لقاء أبورياض