أرشيف المنتدى

لماذا سورية والقضية الفلسطينية!

لماذا سورية والقضية الفلسطينية!

الكل مُتفق على حقيقة القول ، أن القضية الفلسطينية تعيش أكثر مراحلها صعوبة وتعقيدا ً ، ولا نغالي إن قلنا أن ” طمس” القضية الفلسطينية كوطن لشعب ينضال من أجل تحقيق ذلك ، قد أصبحت مادة قابلة للنقاش في ظل التعتيم المُمنهج الحاصل من قبل وسائل ألأعلام العربية والغربية . حتى طال التلاعب ألأعلامي المُمنهج ، ثوابت الثقافة الفكرية العربية .. فلا العدو أصبح عدوا ً ولا الصديق بات صديقا ً! وما كنا نحسبه من المحرّمات .. أصبح مُباحٌ الخوض في أسس قواعده ! وبدون أن نعي خطورة الحدث تسلل الربيع العربي وفي طيّاته أدوات التغيير ، فأنعشنا بهروب بن علي إلى السعودية .. ثم خدّرنا بسقوط نظام حسني مبارك البغيض ، لكي تبدأ بعدها مرحلة التنفيذ الفعلي لمخطط التغيير . وعندما رفض معمر القذافي ألأنصياع لذلك .. تم قتله بدم بارد ! وبعدها أزاحوا علي عبداللة صالح بعد أن أجهضوا حلم الشارع اليمني مُستبدلين ألأسماء بأسماء .. وعندما لاح في الأفق ثورة لم يُحسب لها حساب ضمن مخططات الربيع العربي .. زحف الجيش السعودي لقتلها في مهدها ! كل ذلك من أجل الوصول إلى هدف التغيير الفعلي وهو قلب النظام الممانع لرسم خريطة الشرق الأوسط الجديد وهي سورية !

من هنا جاء السؤال المُقلق ، لماذا سورية.. وأين وصلت القضية الفلسطينية .. ولماذا هُمّشت عناصرها !!؟ فإسرائيل أصبحت في إعلام دول صانعي الربيع العربي ليست عدوة العرب الأولى ، ومن يستمع لأعلامهم الممنهج يُدرك يقينا ً أنها لم تعد عدوة على الأطلاق .. وهم يغازلونها صباح مساء من أجل أن تقبل بسلامهم البطولي ! فالعدو الأول والثاني والأخير كما يُراد لنا أن نقتنع ونصدّق هو إيران وكل ما يمت للمذهب الشيعي بصلة !! وهنا يجدر ألأشارة والتوضيح ، أن توجيه الفكر العربي بعدائه لأيران والمذهب الشيعي ليس كرها بإيران كدولة دينية شيعية كما يعتقد البعض ، بل إرضاء لأسرائيل! فالرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز مكروه من قبل دول الربيع العربي ليس لأنه شيعيا بل لأنه يناصر القضية الفلسطينية ، لذلك صار من ألواجب تجنبه إرضاء لأسرائيل والغرب ، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين كذلك ليس شيعيا وكذلك هو الرئيس الصيني !!

ببساطة أقول : إنهم وضعوا قضية المذهب الشيعي في عقولنا لأننا بسطاء ، ولأننا لا نحسن قراءة ألأحداث جيدا ، ولأننا فوق ذلك نملك عصبية عمياء تجاه الأديان والمُعتقدات !

القضية في نظريتهم الجديدة تتلخص في عداء كل من يناصر القضية الفلسطينية ويناصب إسرائيل العداء ! وما الربيع العربي إلا عبارة عن مظلة يستظل بها أعداء القضية الفلسطينية من أجل ألأجهاز عليها بعد أن تُرسم ملامح الشرق ألأوسط الجديد . وإذا ما عدنا إلى الموقف الدولي من القضية الفلسطينية قبل قدوم ما يسمى ” الربيع العربي ” نقرأ الملاحظات التالية :

على المستوى الدولي :

— أميركا ، لا تستطيع أن تفرض حلا وسطيا ً لحل الصراع العربي الأسرائيلي بسبب تحكّم النفوذ الصهيوني بالقرار الأميركي !

— ألدول الغربية ، لها أجندتها السياسية الخاصة التي لا تتعدى حدود التمني على إسرائيل من أجل الموافقة على بعض مقترحاتها لحل الصراع العربي ألأسرائيلي !

— روسيا والصين ، أبواب التدخل لديهم مُغلقة بسبب خضوع القرار العربي للأملاءات ألأسرائيلية وإرتهانه للأجندة الأميركية الغربية !

— باقي دول العالم ، مواقفهم لا تتعدى الخجل السياسي خوفا من أن يطالهم الغضب ألأسرائيلي الغربي !

— العالم العربي مقسوم إلى قسمين ، ألأول مشلول ألأرادة والقرار .. بعد أن أدخلوه بفوضى الربيع العربي ، وهو في ألأساس أصلا لا تُحْترَم قراراته المتعلقة بهذا الصراع من قِبل الدول النافذة في العالم ! والثاني تكيّف مع الوجود الأسرائيلي على الأرض العربية .. لدرجة أن البعض منهم لا يرى إستمرارية بقائه إلا عبر البقاء الأسرائيلي مدعوما ً بالنفوذ الأميركي الغربي !!

أما على المستوى الفلسطيني فحدّث ولا حرج ، فبالأضافة إلى الصراعات الدموية وألأنقسامات المصيرية بين الفصائل الفلسطينية ، نجد أن الفصائل الفلسطينية حريصة على إرضاء كل الدول النافذة في العالم عبر إنتاج أسماء لتنظيمات ما أنزل الله بها من سلطان ، فلدينا الشيوعيين والرأسماليين والديمقراطيين والأسلاميين والمُلحدين والموحدين والسلفيين وجند الشام وجند الحق وجند إبليس وفتح ألأسلام !حتى القاعدة تجد لها من يناصرها ، ودولة قطر لها من ينفذ مخططاتها .. والعربية السعودية لها من يأتمر بأمرها ، وإيران لها أحبابها .. وسورية لها أصدقاؤها .. ومصر لها أتباعها .. ولست أدري إن كان لجزر القمر حلفاء لدينا أم لا! حتى أصبحت فلسطين في ظل زحمة ألأرضاءات هذه ،هي المنسية الوحيدة التي ليس لها ثوار وأتباع لدينا !!

أما المُحيّر حتى التخدير فهو موقف الرئيس الفلسطيني السيد محمود عباس الذي نختصره على النحو التالي :

— هو مع المصالحة الفلسطينية الفلسطينية .. ولكنه لا يُمانع في إبقاء هذه المصالحة داخل مربع ” المصالحة المؤجلة تحقيقها ” !

— هو ضد المفاوضات العبثية .. ولكنه لا يُمانع من أن يغازلها ويواعدها ويقابلها بين الحين والآخر !!

— هو ليس ضد سورية ونظامها القائم .. ولكنه لا يُمانع في أن تمنح منظمة التحرير الفلسطيية رئآسة الجامعة العربية الدورة السادسة والثلاثين بعد المائة لأعداء سورية لأستكمال تنفيذ مخططاتهم الشبوهة ضدها !!

— هو القائد العام لقوات الثورة الفلسطينية وحركة فتح .. ولكنه لا يؤمن ببندقية النضال الفلسطيني وليس لديه مانع من إطلاق النار على كل من يؤمن بنضالية البندقية الفلسطينية !!

— هو يُصّر على أن يُصبح المناضل غاندي رقم 2 ، مؤمنا ً حتى الثمالة بنظريته ، رغم علمه بفارق الزمان والمكان والوقائع ، فغاندي كان له أرضه وشعبه وكيانه ويعيش بين أحضانه ، وأن صراعه كان مع مستعمر جاء بجيشه إالى الهند لأستغلال خيراته .. وليس مع غاصب مُحتل جاء بجيشه وجلب له شعبا ً وقام بتهجيرك لألغاء وجودك من على وجه المعمورة !!

أعود لما بدأت به لأقول ، إن مُخطط التصفية للقضية الفلسطينية قد أصبحت أدواته أكثر وضوحا بعد أن أبعد الربيع العربي بفعل فاعل .. مركزية القضية الفلسطينية من إهتمامات الشارع العربي وحتى الدولي ، بعد ان كانت ثقافة قناعاته تؤكد أن القضية الفلسطيية هي الحدث ومبعث ألأستقرار من عدمه في الشرق الأوسط ، وأن إسرائيل هي الغاصب للحقوق الفلسطينية العربية ومصدر الأزمات والحروب وعدم إستقرار السلم العالمي ! وعليه فقد جاء ” الربيع العربي ” من أجل قلب هذه المفاهيم والقناعات لدى الشارع العربي والدولي !

فهل يقبل الشارع الفلسطيني والشارع العربي الذي قدّم الشهداء من أجل قضيته ألأولى فلسطين بهذا التشويه المُتعمّد لقضيته !؟ وأين هي قيادتنا الفلسطينية التي التي تدّعي الصدق في نضالها !؟ أم أنها مشغولة كغيرها من القيادات العربية .. بعد أن أصبحت موظفة لدى السيرك العالمي لمهرجان ” الربيع العربي ” !

ولنا لقاء

أبورياض