أرشيف المنتدى

لبنان، هذا الوطن الجميل إلى أين!..

لبنان، هذا الوطن الجميل إلى أين!..

لبنان بطوله وعرضه، في طريقه إلى أن يشهد أغرب وأعقد عملية إنتخابية. إنتخابات، فُصِّلت خارج مفاهيم الديمقراطية المتعارف عليها منذ عهد الإغريق،

ففي هذه الإنتخابات، كل شيء مباح، شراء الأصوات، وشراء المقعد النيابي مع ضمان النجاح (كما ذكرت بعض الصحف اللبنانية)، وهناك فرق بين سعر صوت المواطن داخل الوطن وسعره في الإغتراب، وهناك أختلاف في أسعار الأصوات، فمثلاً، صوت المسيحي الماروني يختلف سعره عن صوت المسيحي الروم الأرثوذكس. وكذلك صوت المسلم السني له تسعيرة مختلفة عن صوت المسلم الشيعي، ولا ننسى الفوارق في الأسعار داخل الصوت الدرزي.. فالجنبلاطي له سعر والأرسلاني له سعر آخر.. و.. و.. وقد يتحالفون ويوحدوا الأسعار في مكان ما، ثم يتنافسون وترتفع الأسعار في مكان آخر.

ثم الأخصام في الهرمل والبقاع يمكن أن يصبحوا حلفاء في بيروت والجنوب، والحلفاء في البترون وعكار قد يصبحوا أخصماً في صيدا وطرابلس. هي مفارقات غريبة فرضتها وللأسف روافد كثيرة من الجهالة المذهبية.. والعوز المالي.. والطائفية البغيضة.. والتبعية العمياء!.

أما التدخل الخارجي فحدث ولا حرج، فالكل يريد لنفسه موطئ قدم في لبنان، إلا أن المملكة العربية السعودية سيدة المواقف بهذا الخصوص!. فهي لا تخفي تدخلاتها.. وتريدها علناُ معركة إنتخابية مدفوعة الأثمان يزداد المقسوم فيها إنقساماً. فالمال السياسي السعودي كان سيد الموقف في إنتخابات 2009، ويبدو أنه سيكون كذلك في إنتخابات 2018. أما لسان حال المواطن اللبناني فيقول ” لماذا أخرج من مولد المال بدون حمُّص”، ويا ليته لا يفعل.

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي فاجأ الجميع بأفعاله وأقواله الغير متوقعة، يسعى إلى أن يُثبِّت لمملكته القادمة قوى سياسية لبنانية تقف في وجه حزب الله. فالأسماء هنا ولا حتى لبنان كدولة تعنيه بقدر، ما يعنيه معركته مع حزب الله أينما كان تواجده. وهو ما يفسر غضبه من رئيس وزراء لبنان الشيخ سعد الحريري وإحتجازه داخل المملكة بسبب فشل الأخير في مواجهة حزب الله. ويبدو أن زيارة الحريري الأولى للسعودية بعد الإفراج عنه وأخذه صورة سلفي معه مؤخراً.. لها دلالاتها السياسية وإنعكاساتها المالية على الإنتخابات الواقعة في السادس من هذا الشهر.

حزب الله، هو كذلك من جهته يعلم مدى حجم وأبعاد الإنتخابات القادمة، وإنعكاساتها السياسية على لبنان والمنطقة، لذلك أكثر سماحة السيد حسن نصرالله من إطلالاته على جمهور المقاومة وحلفائه، داعياً إلى حشد الطاقات الإنتخابية.

المتغيرات كثيرة ومعقدة، والإنتخابات النيابية يأمل كل طرف أن تأتي بمجلس يلبي طموحاته. المُقلق في الأمر، هو أن المذهبية في لبنان بالنسبة لإختيارات الناخب اللبناني تأتي في أولويات إختياراته.. قبل لبنان الوطن.. لذلك نراها إنتخابات مصيرية ومحفوفة بالكثير من المخاطر على وِحدة لبنان كوطن من عدمه!.

هي معركة إنتخابية لبنانية الوجه والشكل، لكنها إقليمية الخطوات والأهداف.

مقابل كل هذا، يبقى الناخب اللبناني وقدرته على الإختبار الصحيح .. وإدراكه لحجم العبث الذي تعيشه المنطقة نتيجة تبعية وجهالة مواطني تلك الدول. فهل ينجح المواطن اللبناني في الإنحياز لوطنه.. أم تراه هو الآخر يقع ضحية الضغوطات المالية والسياسية الخارجية، فيدفع من حيث لا يدري بوطنه إلى المجهول كما فعل الجهلاء من مواطني الدول الأخرى؟!.

قديماَ قيل:

إحذروا من لا يُرجى خيره ولا يُؤمن شرُّه.

وقيل كذلك:

غالباً، بمجرد ما يبدأ الشخص بالبكاء.. يبدأ عقله بإسترجاع جميع الذكريات المؤلمة فيزداد بكاؤه عليها.

ولنا لقاء..

أبورياض