المقالات

القمع.. طريقاً للمصالحة

القمع.. طريقاً للمصالحة

د. فايز رشيد

بالفعل، المشترك بين سلطتي رام الله وغزة، هو قمع الفلسطينيين المعارضين! معروف قمع وتنكيل ومذابح الكيان الصهيوني بحق شعبنا ومعتقلينا خاصة، كان الأولى بالسلطتين المحتلتين، تخفيف المعاناة عن شعبنا جراء الاحتلال. بدلاً من ذلك تقوم أجهزتهما الأمنية المتعددة باستكمال القمع، الذي بدأته وتمارسه سلطات الاحتلال الصهيوني.

نعم، قالت «منظمة هيومن رايتس ووتش» في آخر تقرير لها، إن أجهزة الأمن الفلسطينية تعتقل و«تعتدي بالضرب» على ناشطين يوجهون انتقادات للسلطات. وبحسب المنظمة، فإن الاعتقالات وقعت في الضفة الغربية، التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية، وفي قطاع غزة الخاضع لسيطرة حركة حماس.

وقالت سري بشي، مديرة مكتب «إسرائيل» وفلسطين في المنظمة، في التقرير المذكور: «تستعين الحكومتان الفلسطينيتان العاملتان، بشكل مستقل، بأساليب مشابهة في المضايقات والترهيب، والاعتداء الجسدي ضد من ينتقدهما». وأضافت: «خاض الشعب الفلسطيني الصعاب للحصول على الحماية المصاحبة للعضوية في المجتمع الدولي، وعلى قادته الالتزام بالمعاهدات جدياً»، ووثقت المنظمة في تقريرها حالات في الضفة الغربية وأخرى في قطاع غزة.

ومن الحالات في الضفة الغربية، بحسب المنظمة الحقوقية، فإن قوات الأمن الفلسطينية اعتقلت أو استجوبت صحفيين، وناشطين سياسيين وموسيقيين «لانتقادهم السلمي للسلطات». وأكدت أن العديد من المعتقلين في غزة ومن المعتقلين في الضفة الغربية قالوا: إن «قوات الأمن اعتدت عليهم جسدياً أو عذبتهم». وقال ناشطون وصحفيون إن «رجال الأمن ضربوهم أو ركلوهم، وحرموهم من النوم والطعام المناسب، وأبقوهم في وضعيات غير مريحة لساعات طويلة».

وتابع التقرير: «في غزة، قال معتقلان إن مسؤولي الأمن أجبروهما على التوقيع على تعهد، بعدم انتقاد السلطات من دون أدلة مناسبة. وفي الضفة الغربية، يواجه معتقلون تهماً جنائية، منها التشهير بالقادة، وإهانة موظفين حكوميين». وحذرت «هيومن رايتس ووتش» من أن «الحملات (الأمنية) أثرت سلباً في النقاش العام في وسائل الإعلام التقليدي والتواصل الاجتماعي».

رد السلطة في رام الله، تمثل فيما قاله الناطق باسم أجهزة الأمن في السلطة عدنان الضميري: «نعيد تأكيد التزامنا بالمعاهدات الدولية الموقعة من قبلنا، فيما يتعلق بحقوق الإنسان»، وتابع: «نأمل من هذه المنظمات عندما تضع تقريراً عن وضعية حقوق الإنسان، أن تأخذ الرواية من كافة الأطراف، وليس من خلال الحديث مع طرف واحد». كما نفى المتحدث باسم وزارة الداخلية في قطاع غزة إياد البزم، التعذيب أو الاعتقالات السياسية، مؤكداً أن تقرير «هيومن رايتس ووتش» يحمل «مغالطات كثيرة وتجنياً على حقيقة الواقع القائم في قطاع غزة».

للعلم، إن السلطتين تعيشان مأزقاً سياسياً متفاقماً. السلطة في رام الله، انسدّت الآفاق أمام مشروعها السياسي، المعتمد على المفاوضات، كنهج وحيد للوصول إلى الحقوق الوطنية الفلسطينية، بسبب مضيّ العدو الصهيوني في مشاريعه الاستيطانية وتهويد القدس، ورفضه المتصاعد لكل الحقوق الوطنية الفلسطينية بلا استثناء، وشروطه المتجددة على الدوام. كما أن سلطة حماس في غزة تواجه مأزقاً سياسياً، يفرضه الحصار الصهيوني على القطاع، للسنة العاشرة على التوالي، كما مأزق الهدنة مع العدو الصهيوني، والتداعيات المترتبة على ذلك، من منع حماس لعمليات المقاومة المسلحة من القطاع منعاً باتاً!

نقول: ما دام الطرفان متفقين على قمع شعبنا وتعذيب أبنائه، ليقم مسؤولو السلطتين بخطوة جريئة باتجاه المصالحة، واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية، فبينهما وُجد عامل مشترك يتفقان عليه، ويمارسانه عملياً! واجبنا أن نعلق رايات السعادة والفرح، فقد وجدا أخيراً تفاهماً مشتركاً بينهما.

مقالات ذات صلة