الشتات الفلسطيني

مرضى أريق ماء وجههم طلباً للعلاج.. فهل من يتحرك؟!!

خاص / القدس للأنباء

أجبرهم فقرهم على الطلب والتوسل، وأن يقطعوا الجسر الأزلي بين ابتسامة الطفولة والحنين إلى بعض الكمال، وقفوا يتأملون بصور الطفولة، ويعودون بذكرياتهم إلى رفاق لهم أبعد الله عنهم مُصاب المرض، إلا أن الألم أجبرهم على الصحوة من سكراتهم، ليعودوا إلى لحظاتهم المرة وواقعهم الأسود. إنهم المرضى الفلسطينيون اللاجئون في المخيمات في لبنان الذين أرهقهم الألم، وغشيتهم دمعة حراقة على قلة المعيل وشح أصحاب الخير وتلون الأيادي البيضاء.

ناشدوا المؤسسات الإنسانية والخيرية ولا مجيب، ونادوا بالفصائل واللجان ولا سامع لصوتهم، طرقوا أبواب المساجد ولا مكترث لهم، طلبوا من الأونروا، وكأن شيئًا لم يكن. صرخوا صرختين أحلاهما مر، صرخة استغاثة، وصرخة من الألم.

هم ضحية مرض لا يميز بين غني وفقير، مرض أجبرهم على التوسل أمام وسائل الإعلام عل المغيثين يطردون الطير عن رأسهم ليهبوا للمساعدة، مريقين بذلك – ودون تفكير- ماء وجههم الذي احتفظوا به طوال حياتهم، وكأن أصحاب الخير لا يجودون إلا بعد أن تكتظ وسائل الإعلام بعشرات الحالات، ولا يتحركون إلا بعد أن تتبخر آخر قطرة ماء عن وجه المرضى.

حالات كثيرة طرقت الأبواب ولم يكترث لها أحد، منها من وجد أخيرًا من يلتفت لها بلحظ عينيه، ومنها من مات منتظرًا نسمة ضمير من الأغنياء تهب عليهم وتطرد عنهم وحش المرض، إلا أنهم رقدوا بسلام دون ألم أو معاناة، وذهبوا للقاء ربهم يشكون له ما ذاقوا من الألم والمعاناة وغربة في الوطن وغربة في الجسد.

عيسى الحاج موسى

عيسى الحاج موسى، من مواليد مخيم الرشيدية، متزوج وله ثلاثة أولاد، عمره 33 عاماً، مَثَّلَ ضحية جديدة من ضحايا سياسة الأونروا التعسفية بحق اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات، يعاني من أمراض مزمنة ومشاكل صحية عديدة، تتلخص بالإصابة بالربو من الدرجة الأولى، وإصابته ايضاً بالحساسية في الدم، وكذلك زوجته أيضاً تعاني من مشاكل صحية كالضغط والجيوب الأنفية، وكذلك أبناءه الذين يعانون من الربو كضحية وراثية. يعيش وأفراد عائلته في بيت غير صالح للسكن لمثل هذه الحالة الصحية، لأنه يزيد من تأزم حالتهم نتيجة الرطوبة العالية حيث لا تزورهم الشمس. ناشد الأونروا والمؤسسات ولم يكترث لحاله أحد، طلب مساعدة من الأونروا فأوصدت الباب في وجهه، ولا يزال حتى الآن ضحية سياسة لا ترحم الفقراء!!

محمد صالح إبراهيم

محمد صالح إبراهيم، طفلٌ فلسطيني نازحٌ من مخيم السبينة في دمشق، وقع ضحية المرض والمعاناة، وقيّده الألم، يعاني من ضخامة الكبد بسبب التلاسيميا، يبلغ من العمر 11 عامًا، يعيش في منزل مستأجر وسط عائلة مؤلفة من شقيقة وأم وأب عاطل عن العمل ينتظر وعودًا خُطَّتْ في الهواء. الأونروا لم تؤمن له سوى نصف تكاليف الفحوصات، والجمعيات والمؤسسات الإنسانية باتت ساكنة دون حراك وكأن الطير فوق رأسها، والفصائل الفلسطينية لعبت دور المشاهد للأحداث، أما الجمعيات الخيرية الإسلامية فكان أكثرها سخاءً الهيئة الخرية لإغاثة الشعب الفلسطيني التي ساهمت بمئة دولار (100$).

نجم سامي علي

نجم سامي علي، نازحٌ فلسطينيٌ من سوريا إلى مخيم عين الحلوة، من منطقة الست زينب وسط دمشق، متزوج يبلغ من العمر 39 عامًا. أثناء عمله وقعت “سلة الونش” على رأسه، فخضع في مشفى لبيب الطبي في صيدا لعمليه في الجمجمه لجبر كسر تعرض له. يحتاج إلى دواء شهري بقيمة مئتي ألف ليرة لبنانية، ويدفع المبلغ ذاته الشهري لإيجار المنزل، ولا مكترث لصوته وألمه وصراخه.

ليان شادي البدوي

ليان شادي البدوي إبنة الخمسة أعوام، من سكان مخيم عين الحلوة، تعاني من قصور في الجهاز العظمي، تخضع للعلاج من أجل مساعدتها على نمو العظام، في مشفى الحريري، يلزمها ثلاث إبر شهرياً بتكلفة مليون ومئة ألف ليرة لبنانية ( 1.100.000 ل.ل ) لمدة ثلاث سنوات كمرحلة أولى، وهناك مرحلة ثانية لمدة ست سنوات، ومرحلة ثالثة حتى يصبح عمرها 18 عاما. حالها مثل غيرها، لا معيل إلا الله.

هل يُتركون لمصيرهم؟!

صم آذان، وتهرب من المسؤولية، وتذرع بحجج واهية لا تغني ولا تسمن من جوع، أونروا تهرب من الواقع وتمثِّلُ شخصية العاجز، فصائل أسمى حججها تتلخص بكثافة النازحين الفلسطينيين من سوريا والدعم المخصص لهم، مؤسسات لا تعترف بالحالات المرضية لأنها لا تملك ما يكفي من المال في حوزتها. وأخيرًا، واقع مرير، وألم أشد مرارة يعاني منه المرضى، ويبقى السؤال: هل سنتركهم يموتون ألما.. أم أن لأصحاب الأيادي البيضاء رأيٌ آخر؟

مقالات ذات صلة