المقالات

الطريق الى جحيم يهودي

الطريق الى جحيم يهودي

اسرائيل هرئيل

التقى أحد رؤساء شعبة الاستخبارات العسكرية ذات مرة مع حلقة وجد فيها ساسة ايضا. وطلب في نهاية عرضه ألا يُسرب شيئا من الحديث. لكن بعض المعلومات نشرت في الصحف، نبهه أحد الحضور فأجاب اللواء، ربما لكن تناول العدو للتحليل الصحفي ليس مثل الاقتباس من كلام رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية لأن كلامه مختصر ثقة لمعلومات زوده بها جهاز ضخم مختص ويمكن ان يتعلم العدو منه ما تعرفه الاستخبارات الاسرائيلية عنه والى أي عمق تغلغلت اليه.

قال العميد إيتي بارون، رئيس قسم البحث في شعبة الاستخبارات في الجيش الاسرائيلي الثلاثاء في مؤتمر معهد بحوث الأمن القومي انه “حسب أفضل ما بلغه فهمنا المهني استعمل النظام في سوريا السلاح الكيميائي”. وقال إن مجرد استعمال السلاح الكيميائي بغير رد مناسب من العالم قد يشير الى ان ذلك مشروع.

وضغطت الولايات المتحدة التي التزم رئيسها قبل شهر ألا يمكن بلده أبدا من استعمال سلاح كهذا، وحاولت ان تخلص نفسها بكلام مُجمجم بشأن “معلومات لم تثبت”. وجاء لمساعدتها كما كان متوقعا غير قليل من الاسرائيليين (من الاعلاميين والجامعات والسياسة)، تساءلوا كيف مكنوا بارون من إسماع كلام يجعل أفضل صديقاتنا تقف وظهرها الى الحائط (“وفي هذا الوقت الحرج ايضا”).

سواء أوجه رئيس قسم البحث الى الكشف عن المعلومة – التي ظهرت في الحقيقة أكثر من مرة في وسائل الاعلام لكنه ختم الآن بختم موثوق به من شعبة الاستخبارات العسكرية – أم كان ذلك بمبادرته هو، فلا يوجد ما يعادل أهمية الكشف عنه في هذا التوقيت خاصة. وهو في أشد درجات الثقة به برغم اعلان ديوان رئيس الوزراء بسبب الخضوع لضغط اميركي أن الكلام لم يقل برأي من بنيامين نتنياهو. وتوجد أهمية نوعية أكبر لكلام عاموس يادلين بشأن اجتياز ايران الخط الأحمر الذي حدده نتنياهو قبل نحو نصف سنة. ويبرهن كلام يادلين وبارون على انه لا ينبغي لاسرائيل في الشؤون المتعلقة بجوهر أمنها القومي ان تثق بالالتزامات المعلنة والأكثر احتفالية التي التزمها لها رئيس الولايات المتحدة ورئيس وزراء اسرائيل.

ما يزال الموقف طازجا في الذاكرة: فقد وقف نتنياهو على منبر الجمعية العمومية للأمم المتحدة يقرع الأجراس يقول إن ايران تستطيع حتى الصيف تخصيب يورانيوم لقنبلة ذرية ولهذا يخط لها خطا أحمر. و”الخط الأحمر لا يفضي الى حرب لأن الخط الأحمر يمنع حربا”. ويخط نتنياهو على الملأ بوسائل رسم الخط الاحمر الذي لا تستطيع اسرائيل بعده ان تجلس مكتوفة الأيدي.

لا شك في التزام اميركا الأساسي بأمن اسرائيل. لكن الطريق الى جحيم يهودي آخر قد ينبع من النوايا الخيّرة – لكن العقيمة – لاوباما أن يمنع ايران من انتاج السلاح الذري بالمحادثات والعقوبات والتحذيرات الغامضة على صورة “لا يمكن احتواء ايران الذرية”.

وفي الأثناء، وليس ذلك حسب تقديرات يادلين ونتنياهو فقط، ستكون ايران في الصيف القريب قادرة على تخصيب يورانيوم لتركيب قنبلة ذرية، وحتى لو لم تركبها بل أعلنت بأنها قوة من القوى الذرية فقط، فان الشرق الأوسط سيزلزل كما لم يزلزل في أي زلزال أصابه. وستزعزع أمواج التسونامي – حينما تسلح ايران منظمات ارهابية كحزب الله بقذائف ذرية – اوروبا واميركا ايضا.

قد تفضي نوايا اوباما الخيّرة الى محور شر شيعي – ايراني يكون مسلحا هو وتوابعه بسلاح ذري. وينبغي منع هذه الامكانية ومن الواجب منعها.

هآرتس، 25/4/2013

الحياة الجديدة، رام الله، 26/4/2013

مقالات ذات صلة