المقالات

السيدعزام الاحمد والعزم المبيت

السيدعزام الاحمد والعزم المبيت

احسان الجمل

في وقت كانت كل الانظار في الوطن، تتجه لحالة الاعدام بدم بارد للشاب الفلسطيني اسلام الطوباسي من قبل قوات الاحتلال الصهيوني، وتنتظر ردا على اي مستوى من الرسمي الى الفصائلي الى شعبي، او حتى على مستوى مخيم الشهداء والبطولة والتحدي مخيم جنين.

يأتي الرد من ساحة الاقصى، في عمل استفزازي، غير منطقي، وغير مبرر، ولا يمت للاخلاق والوطنية، ويعبر عن عمق ازمة عند فريق، يريد ان يصدر ازماته الى خارجه.

وهي خطوة ليست عرضية، ولا حادث حصل بالصدفة، انما في سياق نهج ومخطط معد ومدروس، وله ابعاده السياسية، وارتباطاته بالسياسة العربية والاقليمية.

ومن الغريب ان تسمع كلاما معسولا من نائب رئيس حركة حماس موسى ابو مرزوق عن خطوات الرئيس تجاه دعم اهل غزة، وترى على الارض ما يتناقض مع ذلك.

لذا، هل كان التصريح لتشكيل خطوة للهروب من مسؤولية ما جرى في ساحة الاقصى؟؟

ولا بد من الاشارة ان السيد عزام الاحمد، ليس فقط عضو لجنة مركزية في حركة فتح، بل هو رئيس كتلتها البرلمانية. وهو عندما قام بالزيارة مع الوفد الاردني، كان من الموقع النيابي، وفي خطوة تترجم قرار وتوجه الرئيس ابو مازن بتعزيز الزيارات الى القدس،للابقاء على طابعها العربي والمسيحي والاسلامي، في وجه محاولات التهويد.

وهناك فتوى من مرجعية الذن قاموا باعتراض السيد عزام الاحمد، بتحريم زيارة القدس، وليس من المعقول فصل ما جرى عن سياق هذه السياسة.

فإذا كانت روح الرجولة موجودة عند هذه المجموعة، فاين هم من المستوطنين الذين يجولون ويسرحون وينتهكون على مدار اللحظة في ساحات الاقصى وشوارع القدس، لكن يبدو ان اولويات الصراع في نهجهم اصبحت معكوسة، وهناك انقلاب كامل في الصورة عندهم.

ولا ننسى ان السيد عزام الاحمد هو ايضا مسؤول ملف الحوار الوطني مع حماس، ومن يترجم تلك السياسة بصلابة امام تسويف ومماطلة وخداع حماس في الهروب من ملف المصالحة، وهي من شنت عليه حملة شعواء، تطالب اقالته.

ان هذا التصرف يستهدف السلطة وحركة فتح ورموز فيها، في محاولة لجرها الى الانتقال من مربع الاشتباك السياسي، الى الاشتباك الميداني لاحداث فوضى في مناطق السلطة،لابعاد الانظار عما يجري في غزة من سياسة قمع واعتقالات، والاهم سياسة توريط غزة في التدخل في شؤون السياسات الداخلية لدول عربية.

لكن حسن فعل السيد عزام الاحمد، بأمتصاص بذرة الفتنة، والعض على الجراح، امام سيل من الشتائم والاهانات لمكانته وما يمثل، وانه التقط الرسالة التي تحمل عزما مبيتا لمشروع قد يعرف اين بدايته، ولكنه مجهول النهاية، وستكون نتائجه وخيمة على قضية فلسطين وشعبها.

ان حركة حماس المازومة، والمحاصرة من داخلها وخارجها، تبحث عن مخارج لهذه الازمات، وربما ترى في وضع السلطة المحاصر والمضغوط ووضع حركة فتح الذي يحتاج الى اعادة ترميم وصياغة من حيث الهيكلية والبرنامج، نقطة ضعف للاختراق، وخاصة ان المبادرات المركزية مفقودة لديها، فحول كل ما يجري في قطاع غزة، لم تعلن موقفا، سوى لغة الانشاء اننا مصرون على المصالحة، وهم يدركون مدى صعوبتها، ان لم يكن استحالتها لتصارع المشروعين الوطني والحمساوي المرتبط بتنظيم الاخوان. وحتى الان لم تعلن فتح موقفا مما يشاع عن حركة تمرد في غزة. مما شكل حالة من الارباك لدى الفتحاويين وموقفهم من حركة تمرد.

ولا يجب الركون الى هرطقات حماس، التي تحاول ان تجرنا الى فوضى امنية، وتتهم السلطة وفتح بالاعتقالات والقمع، في حين لم نسمع يوما ان السلطة او فتح منعت مسؤولا او قياديا من حماس من مغادرة الضفة، والاعتقالات تتم لافراد على خلفيات جنائية وامنية, عكس ما تتعرض له فتح في قطاع غزة من ممارسات تتساوق احيانا مع سياسة الاحتلال. وحتى لا يكون هذا الكلام مجرد اتهام سياسي مبني على خلفية سياسية او تنظيمية، ادعو الحركتان لتقديم كشوفات بحالات الاعتقال واسبابها في كل من الضفة والقطاع لتبيان الحقيقة.

ان ما حدث مع عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، ما هو سوى مؤشر لبوصلة جديدة من النهج للعزم المبيت، وحسنا فعل السيد عزام الاحمد من موقع الحكمة والعقلانية، ولكن على الجميع ان يعرف ان ذلك لم يكن موقف ضعف، بل قوة القوي عند قدرته على التسامح لاجل حقن الدماء.

احسان الجمل

مدير المكتب الصحفي الفلسطيني – لبنان

ihsaneljamal@hotmail.com

ihsaneljamal@gmail.com

tel:009613495989

مقالات ذات صلة