شؤون فلسطينية

مشعل || درجة عالية من التفاهم والتقارب مع الأردن وأجواء مباحثاتنا مشجعة وشفافة

أعرب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل في مقابلة خاصة مع «الدستور»، أجراها رئيس التحرير المسؤول الزميل محمد حسن التل والدكتور مهند مبيضين عن سعادته بزيارة الاردن، مؤكدا ان أجواء اللقاءات في الاردن كانت مشجعة وشفافة وصريحة بما يخدم مصلحة الطرفين. وابدى مشعل تفاؤلا بخصوص نجاح المصالحة الفلسطينية جراء الواقع السياسي الحالي منذ حرب غزة وانتصار المقاومة والاعتراف بالدولة الفلسطينية في الامم المتحدة. وفيما يلي نص المقابلة:

* هناك حديث عن وصول المصالحة الفلسطينية الى حالة افضل في ظل الموقف العربي الداعم لها، كيف تقيمون ذلك؟.

– اعتقد أن فرص نجاح المصالحة الآن أفضل من ذي قبل، والظروف تخدم نجاحها، وعلى رأسها الواقع السياسي منذ حرب غزة وانتصار المقاومة والاعتراف بالدولة الفلسطينية في الامم المتحدة، وبناء الثقة بين الضفة والقطاع (حماس وفتح)، وما رافق زيارتي لغزة قبل فترة، بالاضافة الى ثقل الرئيس المصري الكبير، الذي ألقاه من اجلها ومعه المخابرات المصرية، وهناك جهود اللقاءات السابقة في الدوحة والقاهرة.

وما تم بعد لقاء القاهرة، هو الاتفاق على بدء التطبيق العملي لملفات المصالحة الخمسة: الحكومة والانتخابات والحريات والمصالحة المجتمعية ومنظمة التحرير، وهي ملفات تسير بشكل متواز، وهذا ما اكدته لقاءات الطرفين ابومازن وحماس ومعهما الدور المصري، الرئاسي والامني، وقد تم وضع جدول زمني لتنفيذ رزمة المصالحة.

* هل هناك وجهة نظر أخرى في غزة حول المصالحة؟.

لا وجود لوجهة نظر اخرى في غزة حول المصالحة، وهو قرار قيادة الحركة، ولا شك ان هناك عوائق، لكن هناك ثقة كبيرة بإمكانية النجاح، اما العوائق فلها نتائج ومنها التدخلات الخارجية وطول عمق الانقسام، لكن تلك العوائق يتم التغلب عليها.

* وماذا عن الطرف الآخر وجديته؟.

– له نفس الجدية وله نفس الهدف.

* وماذا عن اثر الانتخابات الاسرائيلية؟.

– هو نفس الموقف الاسرائيلي الذي يعمل على تعميق الانقسام، اما بخصوص التسوية والمفاوضات، فالموقف الاسرائيلي هو العقدة وهو السبب ونتنياهو يمارس لعبة كسب الوقت والخداع، والتضليل، وتظل اسرائيل هي المسؤولة عن افشال الجهود وتحقيق السلام، وبعد الانتخابات الاسرائيلية اعتقد ان حكومة نتنياهو ستكون هشة وضعيفة، وهذا سيتخذ ذريعة للمماطلة ولعبة الوقت، لذا علينا البحث عن استراتيجية مختلفة كعرب، فمن يحترم نفسه عليه ألا ينتظر صناعة الامل من عدوه وقضية فلسطين لا يراهن عليها بانتخابات اسرائيلية او موقف غربي، بل الرهان على استراتيجية عربية موحدة تعتمد على امتلاك مختلف اوراق القوة التي تجبر العدو الاسرائيلي كي يعترف بالحقوق الفلسطينية ومن ضمن هذه الاستراتيجية اللقاءات وخيارات المقاومة وتوحيد الجهد العربي ونحن على هذه القاعدة نرحب بأي جهد اقليمي او موقف عربي او امريكي او شرقي، وتظل نقطة البدء من عندنا.

* ماذا عن جدية الموقف العربي من المصالحة؟.

– الجميع يلح علينا بذلك، والظرف جيد عربيا وليس فقط مصر والاردن، العرب جميعا مع المصالحة.

* ماذا عن التزامات حماس؟.

– كل ما اتفقنا عليه في القاهرة والدوحة نحن ملتزمون به.

* منذ اتفاق مكة وحتى القاهرة هناك قلق عربي ظل يعنون الموقف من المصالحة الفلسطينية؟.

– مع تفهمي لذلك، لا يصح ان يظل العربي عند ذلك الموقف، والعرب يعلمون ان هناك عوائق خارجية وفيتو عالميا وموقفا اسرائيليا يصب النار على الانقسام.. وكلنا متألمون من الانقسام، ونحن نقول للعرب اننا خطونا خطوات جدية تساعدنا لتوفير شبكة أمان لتوثيق عرى المصالحة للوصول الى المحطة النهائية لذا يجب دفعنا لتحقيق ما نصبو اليه من توحيد الصف.

* هل المصالحة الفلسطينية تأثرت بصراع الأدوار العربية؟.

– لا اعتقد ان المصالحة دفعت ثمن ذلك، بل ان الانقسام نبت على الاخطاء والتباينات والمنافسات على الساحة الفلسطينية التي تجاوزت الحد المقبول، الذي لم يقبل دور حماس بعد انتخابات 2006، ولا يعني ان العرب اتفقوا على ذلك الشكل العام للمصالحة، وكانت انذاك «خطة دايتون» في ذلك السياق.

* هل انعكس الربيع العربي على اولوية القضية الفلسطينية لدى الشعوب العربية؟.

– الربيع العربي هو معبر عن تطلعات الشعوب العربية للحرية، وهو حق للشعوب، وله تجلياته وتعبيراته، ومواقفه، ولكنه يظل حق الامة، وهو يشكل حالة نهوض ويصب في صالح القضية الفلسطينية، وإن غير في الاولويات في كل دولة، الا ان ما يقلقنا طول فترات التحول العربي في دول الربيع وما يحصل من تباينات، ولكننا نثق بأن فلسطين ستبقى اولوية العرب الاولى جميعا، وستظل حاضرة في بوصلة الامة، وان انصرفت الانظار لحظيا عن فلسطين، وما نتمناه تحقيق تطلعات الامة وتحقيق مطالب الشعوب، وتضافر الجهود للامة من موقع القوة والتعافي، فالامة عندما تكون قوية ومتعافية تكون اقدر على خدمة القضية الفلسطينية.

* وماذا عن احتفال فتح في ذكرى تأسيسها؟.

– لا شك انه مظهر مهم لعودة الاجواء الطبيعية في الضفة والقطاع، وهو رسالة للجميع بأن لا احد ينفرد ولا يلغي الآخر.. فنحن نحتاج في قضية فلسطين الى ذلك التضافر في الاراء جميعها.

* وهو ما يحقق لحماس تحسين صورتها الديمقراطية؟.

– نعم، فحماس ضحية لعدم القبول بنتائج الديمقراطية التي جاءت بها، وانا في القاهرة طرحت في مؤتمر منظمة التحرير ان يكون هناك انتخابات ثم تأتي الشراكة في بناء مؤسساتها الوطنية، ونحن في مرحلة نضال ونحتاج الى جهد الجميع.

* وماذا عن المصالحة المجتمعية بين اطراف المجتمع الفلسطيني؟.

– نتيجة الانقسام حصل مشاكل بين العائلات وهذا يقتضي ان ننهي ذيوله وما علق به من آلام وهو ملف مكلف ماليا ويحتاج للتعويض لمن تأثر بنتائج ذلك الانقسام.

* غزة الآن لم تعد كما كانت قبل الحرب الاخيرة.. هل برأيكم ان العدو الاسرائيلي ما زال ينظر الى غزة كلقمة سائغة تلعب بها الاطراف الاسرائيلية؟.

– نعم ادرك العدو ان غزة ليست لقمة سائغة للاحتلال، غزة شريط ساحلي يفتقد للتضاريس التي تساعد على المقاومة، لكن وجود مفهوم عام وجهد لصناعة بنية تحتية للمقاومة، جعل هناك كلفة لاي اعتداء اسرائيلي، وهو درس للعرب ولنا بان المقاومة هي الخيار الافضل ومعها المقاومة السياسية والشعبية والاعلامية والقانونية، فالعدو لن يسلم بحقوقنا الا بالمقاومة، واعتقد ان غزة نموذج وهاجس، نأخذ منه العبرة ونستفيد منه، وعلينا ان نعظم القوة الفلسطينية والطاقة الوطنية.

* وماذا عن الهجوم السوري على حماس؟ وماذا تقول للشعب السوري في هذه المحنة؟.

– ما يجري في سوريا جريمة كبيرة ضد الشعب والبلد، وكلنا متألمون وشعبها عزيز، ولا ننكر دعم النظام السوري لنا في سنوات ماضية، لكن هذا لا يبرر له ما يفعله اليوم، فاذا دعمنا بحقنا في المقاومة فنحن لا ندعم احدا او اي زعيم يخوض معركة ضد شعبه، ونحن جزء من الامة العربية ومنحازون للشعوب وآمالهم في الحرية والكرامة والاصلاح.

* ماذا عن تطورات علاقة حماس مع الاردن؟.

– نحن سعداء بزيارة الاردن الشقيق وهي محطة من سلسلة لقاءات ومحطات، وقد التقينا بالملك ودولة رئيس الحكومة ومدير المخابرات واجواء اللقاءات مشجعة وشفافة وصريحة بما يخدم مصلحة الطرفين، وتناولنا مختلف الامور السياسية والافق المتوقع لوضع القضية الفلسطينية، وتبادلنا وجهات النظر وهي علاقة تتطور بشكل مرض ويمكن البناء عليها.. وانني اعرب عن تقديري للجهود التي يبذلها جلالة الملك لدعم صمود وثبات الشعب الفلسطيني، إلى جانب مبادرات جلالة الملك المختلفة، ورعاية مشاريع الإعمار في القدس.. ان هناك درجة عالية من التفاهم والتقارب ونحن حريصون على المزيد من التنسيق مع القيادة الأردنية».

* هل تم الحديث عن عودة مكاتب حماس؟.

– لا، وما يهمنا التشاور والتنسيق في المواقف بصرف النظر عن الاشكال، المهم ان تنشأ حالة من الثقة والتواصل الدائم بما يخدم مصالح القضية الفلسطينية.

الدستور، عمّان، 29/1/2013

مقالات ذات صلة