المقالات

بانتظار الكونفدراليّة؟!

بانتظار الكونفدراليّة؟!

أسعد العزوني

قرأنا وبحثنا وسمعنا كثيرًا، عن مشاريع تصفية القضية الفلسطينية، مثل المملكة المتحدة، والكونفدرالية مع الأردن، تتبعها الكونفدرالية الثلاثية مع إسرائيل، وهذه يطلقون عليها تحببًا ” كونفدرالية الأراضي المقدسة”، وذلك بعد تحول إسرائيل إلى دولة يهودية خالصة نقية خالية من غير اليهود، ولن يتأتى ذلك إلا بعد طرد 1.5 مليون فلسطيني منها.

الآن وبعد تضحيات الشعب الفلسطيني الجسام، التي أسقطها البعض من حساباته، بدأنا نشهد التطبيق الفعلي لخُطوات تأسيس الكونفدرالية الثنائية على طريق الكونفدرالية الثلاثية مع إسرائيل، وهذا يعني شطب القضية الفلسطينية نهائيًا ومحو كل ما يدل عليها، وربما يصدر الكونغرس الأمريكي تشريعًا يقضي بشطب اسم بلدة فلسطين الأمريكية في الولايات المتحدة الأمريكية.

كانت أولى خطوات الكونفدرالية الأردنية – الفلسطينية هي حصول رئيس السلطة الفلسطينية قبل أيام على ورقة من الأمم المتحدة تفيد أن السلطة التي تنسق أمنيًا مع إسرائيل وتتحمل عبء إدارة الشعب الفلسطيني عن الاحتلال ،أصبحت دولة ،ولا أدري لمَ لم يتم رفع سقف المطالبة لتكون هذه الدولة إمبراطورية عتيدة ؟؟!!!

أما ثاني الخُطوات فهي استقبال رئيس السلطة الفلسطينية ” رئيس دولة فلسطين” في عمّان استقبال رؤساء الدول، حيث عزفت له الموسيقى وفرش له السجاد الأحمر وأطلقت المدفعية الأردنية 21 طلقة احتفاءً به مع أنه دائم الإقامة في عمان.

تمثلت الخطوة الثالثة في زيارة جلالة الملك عبد الله الثاني إلى رام الله، ردًا على الزيارة الرسمية التي قام بها رئيس دولة فلسطين إلى العاصمة عمّان وهو في طريق عودته مظفرًا غانمًا سالمًا حاملاً كتاب الدولة الفلسطينية من الأمم المتحدة.

نحن دعاة وحدة وضد التجزئة والتقسيم والتفرقة والعلاقة الأردنية الفلسطينية ليست كونفدرالية أو أي مسمى سياسي، بل هي عملية إعادة لُحمة بين الوطن الواحد أساسًا قبل سايكس بيكو، ومع ذلك لنعترف أن هناك هُوية أردنية يجب المحافظة عليها وحمايتها، مثلما توجد هناك هُوية فلسطينية متجذرة يجب الحفاظ عليها وعدم العمل على اندثارها.

ما سيجري هو مُؤامرة على الهُويتين الأردنية والفلسطينية، وهي لن تكون إلا لمصلحة إسرائيل التي ستكثف من شرائها الأراضي الأردنية، وسنجدهم وقد تملكوا المناطق الصحراوية، بالقرب من الحدود العراقية والسعودية، ولن تسلم من نواياهم تلك الأراضي الخصبة في البلقاء ومأدبا وعجلون، كونهم يؤمنون بأن ” شرق الأردن” هو جزء من “أرض إسرائيل الكبرى” ولذلك لا يزالون حاقدين على بلفور وبريطانيا لاستثناء شرق الأردن من وعد بلفور.

بعد أن أتيح لليهود زيارة الأردن علنًا بفضل معاهدة وادي عربة سيئة السمعة والصيت، كانوا يذهبون إلى مأدبا لزيارة جبل صياغة ويكتبون أن شرق الأردن أرض يهودية وأن على جيش” الدفاع ” الإسرائيلي أن يتحرك لتحريرها!، كل ذلك ولم يكن حبر معاهدة وادي عربة قد جف بعد، لكن هذه هي عقلية يهود، الذين شوّهوا سمعة كافة أنبيائهم ووصفوهم بأقذع الصفات.

الوحدة الحقيقية بين الأردن وفلسطين هي بعد تحرير فلسطين بالكامل من الرجس الصهيوني، وعلى الأردن مسؤولية كبيرة في ذلك شأنه شأن كافة الدول العربية والإسلامية، وسأكون الفدائي الأول الذي يتطوع للدفاع عن هذه الوحدة لأنها تحقق حلم إعادة اللحمة بين أبناء الشعب الواحد، أما في حال الكونفدرالية التي يخططون لها، فسأكون الفدائي الأول أيضًا الذي ينفر منها ويعمل على إفشالها وليقطعوا رأسي عن جسدي آنذاك.

الأمر لم يعد دراسات وتحليلات أو تخمينات ،بل أصبح حقيقة على أرض الواقع بشّر بها رئيس ” دولة ” فلسطين محمود عباس قبل يومين، وأبيح لنفسي القول إن ما قام به رئيس الوزراء د.عبد الله النسور من رفع لأسعار المحروقات وتمسكه بالتوقيت الصيفي في فصل الشتاء رغم ما فعله ذلك بالشعب الأردني، كل ذلك كان تمهيدًا لتمرير الكونفدرالية الثنائية.

آن الأوان للتوقف عن العبث بمصائر الشعوب، وعلى الشعوب أيضًا أن تدافع عن مصيرها.

الراية، الدوحة، 20/12/2012

مقالات ذات صلة