اخبار الوطن العربي

إسرائيل مجبَرة على شنّ الحرب.. وستخسر

أنيس النقاش

الخميس, 05 أيلول/سبتمبر 2013

وكالة شتات نيوز – لا يبدو أنّ أزمة المنطقة متجهة إلى الحلحلة، فاستعداد رجال العسكر تتسارع ورقعتها تتسع، وجولات الصراع الخفية والمعلنة تزيد الشرخ بين محور أميركا و”إسرائيل” وحلفائها من جهة، وروسيا وإيران وحلفائها من جهة أخرى.. وبانتظار معرفة قرارات كواليس غرف البيت الأبيض ومن يحركها، تظلّ منطقة الشرق الأدنى على حالها من الارتجاجات..

عن هذه الأسئلة وغيرها ناقشت جريدة “الثبات” تداعيات استمرار الأزمة السورية وانعكاسها على المنطقة والعالم، وإليكم هذا الحوار الشيّق مع منسّق “شبكة الأمان للبحوث والدراسات الاستراتيجية”؛ أنيس النقاش:

التفسيرالأولي الذي يخرج به النقاش بعيد ساعات من إعلان وزارة الدفاع الروسية سقوط صاروخين بالستييْن في بحر المتوسط، إشارته إلى فشل المناورة العسكرية المشتركة بين “إسرائيل” وأميركا، لأنّه برأيه سقوط الصاروخين في البحر مفاده أنّ الصاروخ الذي يجب اعتراض الآخر لم يصب هدفه، ويقول النقاش: “من الواضح جداً أنّ الأميركيين والإسرائيليين، يريدون اختبار إمكاناتهم العسكرية على الأرض، هي رسالة موجّهة أساساً إلى المعنيين في المنطقة، وهناك تأكيد لإبراز حجم التعاون والتنسيق بين الدولتين الحليفتين، لأنّه وراء الكواليس هناك مأزق يعيشه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، إذ إنّه لا يستطيع دعم الرئيس الأميركي باراك أوباما علانية لشنّ عدوان على سورية، لأنّه عندئذ ستعتبر الحرب الأميركية كرمى عين دولة إسرائيل بنظر الشعب الأميركي، ولأنّه بذلك أيضاً يشرّع لمحور المقاومة ضرب إسرائيل بالصواريخ”.

ليسا “بالستييْن”

ويضيف النقاش: “القول بأنّ الصاروخ الذي أطلق هو بالستي ليس دقيقاً، لأنّ الصواريخ البالستية تفترض خروجه إلى الفضاء (بالمعنى العلمي) ليدور وينحني بعدها صوب الهدف، متجاوزاً آلاف الكيلمترات.. لكن ما هو متعارف عليه شعبياً أنّ صواريخ “شهاب” الإيرانية التي يتجاوز مداها 3000 كلم تعتبر بالستية أيضاً، كما أنّ صواريخ “جاريكو” الإسرائيلية بإمكانها ضرب الأهداف المحددة على بعد أيضاً 3000 كلم، ولكنهم لا يتجاوزون الغلاف الجوي، ما يعني علمياً أنّ هذه الصواريخ ليست بالستية، هي حقيقة مجرد صواريخ بعيدة المدى، ولكنه إعلامياً على ما يبدو والصحافة الإسرائيلية يريدان إبراز عضلاتها وتقوية الموضوع أكثر من اللزوم”.

يشير النقاش إلى أنّ الأميركيين و”الإسرائيليين” كانا يختبران إطلاق الصاروخ من جهة واعتراضه من جهة أخرى: “سقوطهما في البحر دليل فشل عسكري، لأنّ ما تحدثت عنه إسرائيل وأميركا عن تصدٍ للصاروخ لم تفلح، ولم يحصل الانفجار وفق المسار المطلوب، وبالتالي عليهما إعادة تقييم وضعهم الأمني والعسكري المهتزّة أصلاً في المنطقة”.

سألنا النقاش عن معنى إجراء الإختبارات العسكرية في منطقة ساخنة، ومن إعلام القوى الموجودة فيها؟ يقول: “تقصد إسرائيل إجراء الاختبار الاستعراضي في البحر المتوسط، هي رسالة واضحة للروس وللإيرانيين، إنها عملية موصوفة لناحية خرق القواعد المتعارف عليها دولياً، لأنه عند إجراء المناورات البحرية عادة، يتمّ إبلاغ البواخر التجارية بالحدث لاسلكياً، لمنعهم من الوجود في مناطق محددة، لكن عدم تبليغهم أحداً عرّض البواخر التجارية للخطر، وفي ذلك تعنّت إسرائيلي واضح”.

وبخصوص التهديدات العسكرية الأميركية على سورية، وتعديل رأي أوباما مع تهديدات إيرانية بردّ قاسي وتحذيرات روسية، يقول النقاش: “جاءت التهديدات الأميركية بعد زيارة سلطان قابوس إلى إيران، وكانت بخلفية جسّ نبض إيران بموضوع توجيه الضربة على سورية، ورافق ترغيب إيران بمواضيع نفطية.. ترغيب روسي لفك ترابطها مع الدولة السورية، بيد أنّ جواب الإيرانيين كان واضحاً لسلطان قابوس ولجفري فيلتمان بخصوص توجيه ضربة على سورية: الردّ سيكون على إسرائيل، وهذا الأمر يعني حرباً إقليمية”.

وهل الرئيس أوباما الذي أصبح محطّ سخرية، لم يكن مطلعاً على تقارير أجهزته الأمنية والاستخبارية، فكيف يظن أن إيران ستتخلى عن سورية على سبيل المثال؟ يجيب النقاش بهدوء: “رهانات الغرب في كثير من الأحيان لا تكون صحيحة، من قبل ظنوا أنّه بإمكان شراء روسيا بصفقات تجارية.. ورغم فشل القطري حاولوا تكرار التجربة مع السعودية.. الدول كالأفراد؛ قد تأتي تحليلاتهم غير سليمة، ومن الواضح مؤخراً أن وزير خارجية أميركا جون كيري سعى إلى إيجاد مخرج لأميركا مع روسيا بشأن أزمة سورية ولم يفلح.. فوضع الرئيس بشار الأسد يزداد قوة، فيما الجماعات المسلحة تزداد حالتها بؤساً، وبالتالي وضعية روسية أفضل بكثير من وضعية أميركا، لهذا السبب لوحت أميركا بالتدخل لإعادة التوازن على الأرض، ومع فشل كلّ المواعيد عن سقوط دمشق، جاءت حجّة تهمة استخدام النظام للسلاح الكيماوي منفذاً لتدخل أميركي، وتجربتنا مع الغرب والأميركيين تقوم عادة على فبركة الأحداث أو تضخيمها، واليوم يسعى الأميركي إلى تمرير السيناريو في سورية، لكن وقوف روسيا دبلوماسياً وإيران عسكرياً وحلفاء سورية في متراس واحد، عدّل من موقف أميركا المتهوّر بخصوص توجيه ضربة عسكرية على سورية، فطلب أوباما الإذن من الكونغرس، والهدف الحقيقي برأيي إعادة تقييم الوضع أمنياً وعسكرياً واستخبارياً”.

قرار عمليات

وماذا سيتغير من معطيات بعد الثامن من أيلول؟ سألنا النقاش، يرد: “إي

ران وجهت رسالتها العلنية، والحرس الثوري الإيراني تلقى تعليمات بالتحرّك.. وصدرت قرارات بوضع أمر عمليات، وسكوت حزب الله حيّر الإسرائيليين رغم جهوزيته، فالمسألة اليوم في ملعب الأميركيين، والتوجّه العقلاني يفترض منهم تراجعاً، ولعلهم يريدون أمراً آخر، كتوجيه صاروخ لقتل الرئيس السوري بشار الأسد، وإسقاط النظام، فالمسائل الخفية لا يصرّح عنها في الإعلام، ولكن صراع المحورين مستمر بمختلف أوجهه”.

يجزم النقاش أنّه في حال حصول المعركة، أنّ محور الممانعة سينتصر حتماً، “ضربة أميركية على سورية، لن تغيّر من موازين القوى الإقليمية، يستطيعون فتح معركة، بإمكانه كسب مساحات محددة ومجالات، لكن إقفال المعركة وضمان نجاحها ليست بيد الأميركي ولا الإسرائيلي”، سألناه عن تأكيد إسرائيل أنها لن تسمح بانتصار سورية وجبهة المقاومة لأن تداعياتها خطيرة للغاية، فهل يُفهم من الكلام “الإسرائيلي” أنّه يتمّ تأجيل المعركة لمزيد من الاستعداد؟ يرد: “هم عاجزون عن إسقاط سورية بالطرق غير المباشرة، لهذا السبب هناك حديث متنامي عن حرب مباشرة، المسألة بالغة الخطورة، هم يريدون توريط أميركا والنأي بأنفسهم، لكن المسائل اليوم ليست كما هي الحال أيام نظام “صدام حسين”، فالأخير ردّ على الأميركيين بتوجيه عدة صواريخ صوب إسرائيل، ولكن إمكانياته هذه محدودة، أمّا معطيات محور المقاومة اليوم فهي تتجاوز إسقاط عشرات آلاف الصواريخ على إسرائيل من عدة جبهات، وسورية لديها إمكانات كبيرة في هذا المجال”، ويضيف النقاش: “نحن متأكدون من الانتصار، أي ضربة أميركية على سورية من شأنها تغيير خريطة الشرق الأوسط ستتغيّر نهائياً ومن ينتصر سيرسمها، وكلّ تقديراتنا العسكرية والأمنية والاستخباراتية تشير إلى انتصارنا”، قاطعناه لنسأله عن القول الذي يفيد عن عدم شروعهم بتوجيه الضربة على “إسرائيل” ما دامت الثقة إلى هذا الحدّ؟ يردّ النقاش: “كلّ يوم تزداد جبهة المقاومة استعداداً وقوة، فإن كانت نسبة الفوز تتخطى 55 % مع الأيام ستصبح قدرتنا وغلبتنا تتجاوز الـ60 %، فنحن لسنا مستعجلين على الحرب.. ومن جهة أخرى نحن نراقب ما لدى الأميركيين والإسرائيليين من إمكانات، وننتظر نزول الأصيل إلى المعركة، لأننا لن نتلهّى بالوكيل.. وسورية لم تستخدم قوتها النارية وقسم كبير من احتياط جيشها، لأنّها تريد مبارزة الأصيل.. ولهذا السبب رفض الرئيس السوري بشار الأسد استخدام فائض قوته مع الجماعات المسلحة”.

الكونفدرالية المشرقية

لكن ألا يشوب الانتصار الاستراتيجي الواضح لفريق الممانعة، تسلل “فيروس” تجزئة المجتمعات لإنهاكها وإضعافها وإدخال مصادر قوتها فيما بينها، بحيث أصبح التنوع في المنطقة مسألة تناحر وتقاتل، يجيبنا النقاش بهدوء وروية: “أحد الأمراض التي عمل على تصنيعها، عودة الهويات الفرعية وإبرازها على الهويات الجامعة، فالعراقي لم يعد عراقياً، بل أصبح سنياً وشيعياً وكردياً، ولهذا السبب انتصار فريقنا عسكرياً سيرافقه انتصار رؤيتنا السياسية، ونحن بصدد إبراز أنّ هويتنا الخاصة لا تتناقض مع هويتنا الأكبر، فمحورنا يعي خطورة بثّ شعور التمايزات بين مختلف أطياف المجتمع، ونحن لسنا بوارد حديث عن خطابات شعرية رنانة، نحن لدينا مشروع كبير جامع يستطيع طمأنة أيّ أقلية دينية أو عرقية أو طائفية، وبهذا الصدد ما نطرحه من قبلنا هو “الكونفدرالية المشرقية” التي وحدها بإمكانها لملمة الكردي والتركي والإيراني والعربي، والمسيحي والشيعي والسني والعلوي.. والتداخل فيما بين تلك المكونات يريح تركيا وإيران وسورية والعراق.. ووحدها مثل هكذا تجمعات إقليمية من شأنها حماية الكيانات الحالية ورفع زيادة أواصر العلاقات المصلحية والاقتصادية فيما بينها، كما فعلت قبلنا أوروبا”.

لبنان.. والتفجيرات

وهل تراجع منسوب استهداف المدنيين بالتفجيرات الإرهابية مع ارتفاع منسوب اندلاع حرب إقليمية في المنطقة، يردّ النقاش: “السبب الأول لعدم الاستمرار بها، فشل إثارة الفتنة بين اللبنانيين، فالشيعة مع استهدافهم في الضاحية لم يتصرفوا بمنطق ردّ الفعل، والسنّة مع تفجيري طرابلس لم يتحركوا المنطق ذاته.. أمّا السبب الآخر، فهو الكلام الجدّي عن هجوم حقيقي لأميركا ضدّ سورية، فمن يضع التفجيرات الإرهابية لديه رعاية استخباراتية إقليمية ودولية، بإمكانه انتظار بعض الوقت لانقشاع ما ستؤول عليه الأمور في المنطقة”.

أجرى الحوار: بول باسيل-الثبات

مقالات ذات صلة