اخبار الوطن العربي

ابو فاعور: أخشى أن يؤدي شحن النفوس تجاه النازحين إلى شحن السكاكين

لفت وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور، إلى أن “النزوح السوري في لبنان، أخطر وأكبر تحد يواجه الدول اللبنانية منذ اندلاع الأزمة في سوريا”، مستغربا “الدهشة المستجدة من قبل المسؤولين السياسيين والوسائل الإعلامية حول هذا الموضوع في الآونة الأخيرة”، معتبرا أن “أزمة النزوح السوري موجودة منذ ثلاث سنوات وقد حذرنا من تداعيات هذا الأمر منذ مدة طويلة، لكن للأسف لم تلق تحذيراتنا أي آذان صاغية من قبل القيمين والمعنيين”.

كلام الوزير أبو فاعور، جاء في خلال ندوة نظمها الإتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة للبلاد العربية بالتعاون مع جامعة رفيق الحريري في مقر الاتحاد، تحت عنوان “التداعيات الاقتصادية لتدفق النازحين السوريين في لبنان”.

وأكد أبو فاعور أنه “على الرغم من النداءات التي أطلقناها منذ مدة طويلة، حول تداعيات النزوح السوري في لبنان، ليس فقط على المستوى الاقتصادي بل على كافة الأصعدة، لكن للأسف لم تقم الدولة بأي خطوة لمعالجة تداعيات هذا النزوح أو الحد منه، مما أدى إلى وصول الأمور إلى ما وصلت إليه اليوم”.

وقال :”في آذار من العام الماضي، أعلنت أن عدد النازحين السوريين في لبنان سوف يصل إلى مليون نازح مطلع العام الحالي، وبالفعل هذا ما حصل حيث يفوق عدد النازحين اليوم المليون و200 ألف على أقل تقدير وفق إحصاءات صادرة عن مفوصية اللاجئين السوريين في لبنان، وعلى الرغم من استمرار تنامي هذا العدد لكن لغاية الآن لم تفعل الدولة شيئا”.

وجدد أبو فاعور التأكيد على أن “لا حل لمشكلة استمرار تدفق النازحين السوريين إلا بإنشاء مخيمات حيث تم تصنيف مواقع لهذا الأمر، لكن للأسف هذا الحل جوبه في السابق باعتراضات من قبل العديد من القوى السياسية بحجة أن هذا الأمر سوف يزعزع الاستقرار الأمني”، لافتا إلى أنه “نسمع اليوم أن الحل هو بإقامة مخيمات للاجئين، ولكن على الرغم من إنشاء بعض المخيمات الصغيرة ومنها مخيما في زحلة على سبيل المثال لا الحصر، لكن غير ذلك لم تفعل الدولة شيئا”، معتبرا أنه “لن تكون هناك أي تداعيات أمنية لهذا الموضوع، خصوصا وأنه تمت مناقشته مع قيادة الجيش اللبناني”.

ورأى أنه “بدل التهويل من الخطر الأمني، يجب وضع حل عملي سواء في ما يتصل بالمحلات غير الشرعية للنازحين السوريين، أو بالنسبة إلى تنظيم دخول النازحين إلى لبنان عبر المعابر الحدودية، لكن لغاية الآن الحلول مفقودة باستثناء التدبير الذي اتخذ بحق النازحين الفلسطينيين القادمين من سوريا”.

وتابع: “لقد آن الأوان أن تتوقف الدولة عن النحيب والنواح، فالدولة ليست دولة إذا لم تعمل ولأجل ذلك أخشى أن يؤدي شحن النفوس تجاه النازحين السوريين إلى شحن السكاكين، لذا لا بد من التخفيف من حدة الخطاب العدائي تجاه النازحين، والقيام بإجراءات عملية تساعد في الحد من تداعيات هذا النزوح لا تسعيره”.

ولفت أبو فاعور إلى أن “ما يسمى بالمجتمع الدولي سقط، بدليل ما جرى مؤخرا في حمص، حيث يمكن وصف الاتفاق الذي جرى التوصل إليه بعملية “ترانسفير” منظم لتغيير الواقع الديمغرافي في سوريا”، موضحا أن “الصندوق الائتماني ما هو إلا وهم بيع للبنان في لحظة عابرة، ومن هنا على الدولة أن تحسم خيارها وألا تنتظر الكثير من المجتمع الدولي، واتخاذ الخيار الشجاع الذي يحمي لبنان واللبنانيين، ويحمي كذلك النازحين السوريين”.

القصار

من جانبه، لفت الرئيس الفخري للاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة للبلاد العربية، الوزير السابق عدنان القصار إلى أنه “بالمقارنة مع عدد سكان لبنان الذي يبلغ 4.4 مليون نسمة، تجاوز عدد النازحين السوريين المسجلين فقط لدى مفوضية الأمم المتحدة في لبنان المليون نازح، إلى جانب الآلاف من الذين آثروا عدم التسجيل، مما بات يشكل نقطة مفصلية خطيرة بسبب التفاقم في استنفاذ الموارد واستنزاف قدرات المجتمع المضيف”.

ورأى أن “لبنان بات البلد الأول في العالم من حيث أعلى نسبة تركيز للاجئين والنازحين مقارنة بعدد السكان، فيما لا يلوح في الأفق أي بوادر تنبئ باحتمال تباطؤ وتيرة التدفق التي هي اليوم بمعدل نازح جديد في كل دقيقة، ومن هنا، فإن الأزمة لم تعد تقتصر على توفير الدعم المالي للدولة اللبنانية لتوزيعها أو لتغطية الاحتياجات، رغم ضآلة هذا الدعم قياسا بحجم التداعيات والأزمة الإنسانية الهائلة، بل أصبحت تتعلق بالأمن الاقتصادي للمواطن الذي بدأ يشعر بضغط كبير لناحية المنافسة غير المنصفة وغير الشرعية التي تتعرض لها المؤسسات التجارية والعامل اللبناني على حد سواء، في ظل ركود يعيشه الاقتصاد اللبناني منذ أعوام، إلى جانب التهديدات المتصلة بالنسيج الاجتماعي والاقتصادي للبنان”.

وأكد أنه “بموازاة هذا الواقع، علينا أن لا ننسى التداعيات الاجتماعية التي لا يمكن الاستهانة بها، إذ إن من شأن تراجع معدلات النمو الاقتصادي بنحو 2.9% سنويا للفترة 2011 – 2014، وفقا للبنك الدولي، تضاعف معدل البطالة إلى أكثر من 20 بالمائة، ووصول قرابة 170 ألف لبناني إلى ما دون خط الفقر، بالإضافة إلى مليون لبناني يعيشون حاليا تحت هذا الخط. كما سيكون هناك مضاعفات مقلقة على المالية العامة وقطاعي التعليم والصحة وخدمات البنى التحتية، مما سيزيد من العجز في الموازنة بما لا يقل عن نسبة 6% إضافية”.

شديد

وألقى رئيس جامعة رفيق الحريري رياض شديد كلمة في الندوة، لفت فيها إلى أن “أعداد النازحين السوريين إلى

لبنان ما تنفك تتزايد يوما بعد يوم، وقد وصلت إلى مستويات قياسية لم تسجل في أي بلد في العالم قياسا بعدد سكانه”، معتبرا أن “هذا النزوح يستولد المشاكل المتنوعة إن في سوق العمل حيث الحرفيون وأصحاب المهن الحرة باتوا أمام منافسة غير متكافئة مقابل العمالة السورية، أو في التعليم حيث بدأت المدارس تضيق بطلابها مع ما يتأتى عن ذلك من تأثير على المستوى الأكاديمي، أو في الطبابة أو في الخدمات الأخرى من كهرباء وماء وهي بالأساس لا تكفي لسد حاجات المواطنين اللبنانيين”.

مداخلات

وتخلل الندوة، مداخلات ونقاشات من قبل أكاديميين ومتخصصين، حيث تناول الخبير الاقتصادي مروان اسكندر في كلمته “تداعيات تزايد أعداد النازحين السوريين على البنى التحتية وقطاع العمل”، فيما تحدث نسيب غبريل عن “انعكاسات الأزمة السورية على الوضع الاقتصادي والمالي في لبنان”، بينما تطرق ريمون غجر إلى “آثار الأزمة السورية على قطاع الكهرباء في لبنان”.

ليبانون ديبايت

2014 – أيار – 12

مقالات ذات صلة