المقالات

ماذا أبلغ قهوجي الرئيس المكلف؟ سلام «ممتعض» من تجاهل «حزب الله» إشاراته الإيجابية

أغلب الظن، ان عصف انفجار الرويس قذف مشروع الحكومة الحيادية بعيدا، أقله في المدى القريب، ذلك ان تشكيل حكومة من هذه الطينة بعد جريمة الضاحية لن يكون أقل وطأة من السيارات المفخخة، في ظل حالة الاحتقان السائدة على المستويين السياسي والمذهبي.

وإذا كانت قوى 8 آذار قد وجدت سابقا في هذا الخيار الحكومي استفزازا لها، فإنها ستصبح بطبيعة الحال أشد تحسسا حياله في أعقاب متفجرة الرويس، لانه سيبدو بمثابة استهداف سياسي لها يستكمل الاستهداف الأمني الذي طال «حزب الله» وجمهوره.

وبهذا المعنى، فان حجة الداعين الى حكومة وحدة وطنية أصبحت أقوى الآن، باعتبار انها الوصفة المعتمدة عادة في أي دولة تواجه وضعا خطيرا، وبالتالي فان من كان ينادي بحكومة سياسية جامعة قبل حدوث الانفجار أصبح أكثر تمسكا بها بعده.

وفي المقابل، لن يلجأ خصوم «حزب الله»، على الأرجح، الى مد اليد له والجلوس الى جانبه حول طاولة مجلس الوزراء، في اللحظة الراهنة التي يفترضون انها تعكس ذورة مأزق الحزب بعد عمليات التفجير التي طالت عمق ساحته، في أعقاب مشاركته في القتال داخل سوريا، إلا إذا تفوقت اعتبارات الامن القومي اللبناني على الحسابات السياسية.

ويقول الرئيس المكلف تمام سلام لـ«السفير» ردا على سؤال عما إذا كانت المخاطر الداهمة باتت تتطلب حكومة وحدة وطنية، انه «إذا كانت القوى السياسية ترى ان المطلوب تشكيل هذه الحكومة، لمواجهة تحديات المرحلة الحالية، فان عليها ان تبادر الى تسهيل التأليف»، مؤكدا انه شخصيا ليست لديه مشكلة مع هذا الخيار، «وقد سبق لي ان طرحت صيغة 8-8-8 لتشكيل حكومة سياسية متوازنة، وهذه الصيغة لا تزال مطروحة لانها الافضل والاكثر واقعية».

ويستغرب سلام قول قوى «8 آذار» انه لا يمكن ان يشكل ضمانة لها، لانه ينتمي الى «14 آذار»، لافتا الانتباه الى انه ليس أمرا بسيطا ان يتعهد علنا بان يكون شخصيا بمثابة الثلث الضامن لفريق «8 آذار» وبان يقدم استقالته إذا استقال وزاء هذا الفريق. ويتساءل: «ألا يُفترض ان يتوقف البعض عند هذا الموقف المتقدم الصادر عن رئيس حكومة مكلف؟ ولو لا أزال أتصرف على اساس انني جزء من 14 آذار، فهل كنت لأقدم مثل هذا الالتزام غير المسبوق؟».

ويضيف: «للعلم، لقد سبق للبعض في 14 آذار ان اتصل بي ولامني على ما صدر عني، وأبلغني انه لا يجوز لرئيس حكومة مكلف ان يصل في موقفه الى حد ان يلتزم بالاستقالة اذا استقال وزراء من لون معين».

ويلفت سلام الانتباه الى انه أكد أكثر من مرة تأييده للمقاومة ضد الاحتلال الاسرائيلي، «لكن ما فاجأني ان حزب الله لم يكترث ولم يهتم، وإذا كنت بالدرجة الاولى أعبر عن قناعاتي، إلا ان ذلك لا ينفي ان الأمر كان يستحق تعاطيا مختلفا من الحزب، وخصوصا انه يعلم أهمية هذا الموقف في ظل السجال الحاصل حول المقاومة».

وفي معرض تعليقه على كلام الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله حول مسار تأليف الحكومة ومسؤولية الرئيس المكلف عن إبطائه، يشدد سلام على انه لم يضع شروطا على نفسه في سياق عملية التأليف، «بل انطلقت حصرا من معيار المصلحة الوطنية، وهمي الوحيد هو الوصول الى حكومة منتجة، لا يكون انجازها الوحيد صورة تذكارية، وبعد ذلك تتعطل من داخلها، كما حصل في تجارب سابقة».

ويعرب سلام عن خشيته من وجود قرار متعمد بمنع تشكيل الحكومة، مشيرا الى انه يشعر بان هناك من لا يريد لها ان تتشكل ويفضل استمرار الفراغ.

وإذ يعتبر سلام ان جزءا واسعا من الخطاب الاخير للسيد نصر الله كان جيدا، يلفت الانتباه الى ان ما ورد في قسمه الأخير حول الاستعداد لمضاعفة حجم التدخل في سوريا «لم يكن مناسبا»، منبها الى ان «الدخول العسكري على خط الازمة السورية يرتب انعكاسات سلبية على الداخل اللبناني، نحن بغنى عنها».

ويرى سلام ان «التكفيريين لا يُرد عليهم بمثل هذا التحدي، ذلك ان كل اللبنانيين هم ضدهم، ولا أحد في لبنان يمكن ان يغطي هؤلاء او يبرر أفعالهم، ويجب ان نكون جميعا معنيين بمواجهة هذه الظاهرة الغريبة عن مجتمعنا».

ويشير الى ان ما جرى في الرويس «يستدعي من كل الاطراف السياسية تسهيل تشكيل الحكومة، وتبادل التنازلات، لان الفراغ القائم يساهم في تفاقم المخاطر وإضعاف المناعة الضرروية لمواجهتها»، كاشفا عن ان قائد الجيش العماد جان قهوجي أبلغه خلال زيارته الاخيرة له «ان المؤسسة العسكرية متماسكة، ولديها الجهوزية المطلوبة للقيام بواجباتها وتنفيذ المهمات المناطة بها في هذه المرحلة الدقيقة، إلا انها تشعر بانها تفتقر الى الغطاء السياسي الكافي في ظل الاستمرار في غياب حكومة أصيلة».

مقالات ذات صلة