المقالات

تحديا لوزير الدفاع

سيكون على رأس برنامج عمل وزير الدفاع القادم هدفان مركزيان الاول اقناع رئيس الوزراء بأن الهجوم على ايران خطأ والثاني الاقتطاع من ميزانية الدفاع. وسيصعب على الوزير احرازهما وإن كان سيهب لمساعدته على الشأن الاول كبار مسؤولي جهاز الامن بغرض اقناع بنيامين نتنياهو بالتخلي عما سماه مئير دغان ‘عملا غبيا’ وسماه اهود اولمرت ‘هذيانات مغامِرة’.

بعد الانتخابات بيوم بسط نتنياهو أهداف الحكومة التي ينوي ان يرأسها، المركزية الخمسة. وبدأ القائمة بـ ‘قوة أمنية في مواجهة التحديات الكبيرة التي تواجهنا وقد كان أولها وما زال منع ايران من الحصول على السلاح الذري’، أي أنه برغم انه ‘أخفى’ الموضوع الايراني في الايام التي سبقت الانتخابات فانه لم يُهمله. وبحسب ما يقول ناس مقربون جدا من رئيس الوزراء، بقي على يقين من ان التاريخ فرض عليه دور منقذ العالم الحر من التهديد الذري الايراني.

سيكون التحدي الكبير لوزير الدفاع القادم ان يحاول ان يحرف نتنياهو عن الطريق المفضي الى هجوم اسرائيلي على منشآت ايران الذرية. ولن يكون ذلك سهلا حتى لو أخذنا في الحسبان انه أُنفق في الاعداد للهجوم 11 مليار شيكل (كما كشف اولمرت عن ذلك)، قد يعفى عليها. يجب على وزير الدفاع القادم ان يقف حارسا في مواجهة خطر اتخاذ قرار الهجوم من اجل تسويغ انفاق هذه الموارد الضخمة فقط.

في حين قد يحرز وزير الدفاع هذا الهدف بصعوبة مع الاعتماد على التوصيات المختصة لبعض الضباط الكبار الذين تُنسب اليهم معارضة الهجوم على ايران، فان احتمالات ان يحرز الهدف الثاني أقل كثيرا، فهنا لن يهب الضباط الكبار لمساعدته بل بالعكس. قليلون هم وزراء الدفاع الذين نجحوا في الاقتطاع من ميزانية الدفاع وكان ذلك لمدة قصيرة فقط وأبرزهم دافيد بن غوريون واسحق رابين. فقد أدرك هذان الاثنان انه اذا استمر مسار الزيادة غير المنضبطة لميزانية الجيش الاسرائيلي فسيكون الاضرار بالاقتصاد بالغا. وأدرك هذا ايضا بنيامين نتنياهو حينما تولى وزارة المالية وعبر أكثر من مرة عن رأيه القاطع في الحاجة العاجلة الى الاقتطاع من ميزانية الدفاع. لكن نتنياهو الذي لم ينجح إذ كان وزير المالية في التقليص من الأمن، قلب جلده حينما دخل ديوان رئيس الوزراء وأرخى الزمام. وساعد في السنوات الاربع الاخيرة على زيادة ميزانية الدفاع حتى بلغت مقدارها الحالي الذي يزيد على 60 مليار شيكل.

قال البروفيسور مناويل تريختنبرغ في تناوله لهذه الميزانية الضخمة ان ‘الحقيقة يجب ان تُقال وهي ان دولة اسرائيل لا تستطيع ان تسمح لنفسها بميزانية دفاع تزيد على 60 مليار شيكل كما يطلب جهاز الامن، وهي لا تستطيع ان تتجاهل بعد الحاجات الاجتماعية المُلحة’.

ويتبين ان كبار مسؤولي هيئة القيادة العامة لا يعنيهم حقا ما الذي تستطيع الدولة ان تسمح لنفسها به، وسيضطر من يدخل الى المكتب في الطابق الـ 14 من مبنى وزارة الدفاع الى ان يتطرق فورا الى طلب الجيش الاسرائيلي زيادة ميزانيته في سنة 2013 لتصبح 62 مليار شيكل. ولا يعوزنا القافزون الى عمل وزير الدفاع الذي هو الثاني في التراتب الحكومي بعد رئيس الوزراء. لكن يجب على المرشحين ان يعلموا أنهم اذا أرادوا أن يؤدوا عملهم في اخلاص وعن تفكير في مصلحة الدولة فانه تنتظرهم مواجهة غير سهلة لرئيس الوزراء المسارع الى الهجوم على ايران وقيادة الجيش العليا التي ستحارب بكل ما أوتيت من قوة من يحاول المس بميزانيتها.

رؤوبين بدهتسور
هآرتس 27/1/2013
القدس العربي، لندن، 28/1/2013

مقالات ذات صلة