المقالات

مخاطرة محسوبة.. ومواجهة عسكرية محتملة في الجبهة الشمالية

مخاطرة محسوبة.. ومواجهة عسكرية محتملة في الجبهة الشمالية

اليكس فيشمان

هاجمت إسرائيل، كما تزعم الصحافة الأجنبية، فجر أمس (الأول) قافلة سلاح الى منظمة حزب الله على حدود لبنان مع سوريا، استمرارا للتوتر في المنطقة الذي بدأ الأسبوع الماضي. اذا وقع هجوم حقا فانه يسأل السؤال الآتي: هل الحديث عن أول النذر الذي يبشر باقتراب مواجهة عسكرية واسعة النطاق في الجبهة الشمالية؟ يجب ان نبحث عن جواب هذا السؤال قبل كل شيء في المطبخ العسكري لرئيس هيئة الأركان. إن الفريق بني غانتس ونائبه غابي آيزنكوت ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية أفيف كوخافي هم أنصار ما يسمى باللغة العسكرية غير المنظمة «سياسة المنع» بواسطة نشاط سري – هكذا يمكن ان نفسر الأنباء المنشورة عن الهجوم على قافلة السلاح في الماضي في السودان.

اذا أمكن مثلا منع وصول سلاح من ايران الى غزة بالقضاء عليه في الطريق فما أفضل ذلك. انه أفضل وأصح من غزو بري موجه على السلاح حينما يكون قد وصل الى غزة أو لبنان. وتشمل «سياسة المنع» في الأساس كل إفشال هادئ لتنظيمات ونشاطات معادية، والهدف هو القضاء على التهديدات في أبعد مكان وفي مراحل التنظيم اذا أمكن. أما الخطر فهو التورط في دول معادية، الى جانب تورط محتمل مع دول صديقة مع تعريض مصالح سياسية للخطر. بيد أن سياسة المنع تعمل ما بقيت سرية وهنا تكمن النقيصة الكبرى ففي اللحظة التي يكشف فيها النقاب عن العملية أو اذا تركت وراءك بصمتك فانك تدعو الطرف الآخر الى الرد. وفي هذه النقطة بالضبط يمكن ان تنشب حرب ربما لم تكن تريدها وليس لها تسويغ من جهة الكلفة التي ستدفعها.

أثناء السنة الأخيرة، وكلما ضاقت سيطرة رئيس سوريا بشار الأسد نقل أجزاء كبيرة من السلاح الاستراتيجي الذي بحوزته – كصواريخ سكاد على اختلافها ومواد حربية كيميائية –الى مناطق كانت سيطرته عليها أفضل. وأثارت هذه التحركات تأثرا شديدا عند جهات استخبارية في الغرب، لأنه كان الشعور بأن هذا السلاح يوشك ان يصل الى لبنان. بيد ان التأهب الاستخباري والعسكري يعلو وينخفض على التوالي كلما أخذ النظام العلوي يضعف، وأخذت الفترات بين استعداد عسكري وآخر – وأكثرها لا يصل ألبتة الى العناوين الصحفية – أخذت تقصر.

حسب أنباء أجنبية منشورة، هاجمت إسرائيل في الماضي قوافل سلاح ومخزن سلاح في السودان ودمرت صواريخ بعيدة المدى. وأصيبت قوافل سلاح خرجت من ليبيا وأغرقت سفن مهربين في البحر الأحمر، وانفجرت مستودعات ذخائر على اختلافها بين الفينة والأخرى في لبنان – لكن إسرائيل لم تهاجم في لبنان رغم أنها علمت ان حزب الله وصلته صواريخ سكاد وصواريخ «إم 600» بعيدة المدى وسائر الصواريخ والقذائف الصاروخية التي يملكها الجيش السوري.

إن كل دولة تجري لنفسها حسابا يجب ان تجريه إسرائيل لنفسها ايضا من جهة مبدئية وهو: أين يحسن ان تخاطر وتهاجم لأن احتمال نشوب حرب قليل، وأين يحسن ان تضبط نفسها لأنها ما زالت لا تريد ان تدفع الثمن المقرون بنشوب مواجهة عسكرية ظاهرة.

رغم ان إسرائيل اليوم غير معنية بمواجهة عسكرية شاملة في الجبهة اللبنانية، استعد الجيش الإسرائيلي في السنة الأخيرة – لا سيما الأشهر الأخيرة – ماديا لمواجهة كهذه في مستوى الخطط والتدريبات.

ويرى الجيش ان الجبهة الشمالية هي الجبهة المفضلة في جميع المجالات. لكنه يوجد في قيادة الجيش العليا استعداد مادي ونفسي لامكانية ان تنشب هذه المواجهة العسكرية وهذا بمثابة نبوءة قد تحقق نفسها. ولهذا يجوز لنا ان نفترض ان إسرائيل اليوم أقرب الى مواجهة عسكرية في الجبهة الشمالية مما كانت في كل وقت منذ كانت حرب لبنان الثانية.

يديعوت، 31/1/2013

الحياة الجديدة، رام الله، 1/2/2013

مقالات ذات صلة