اخبار مخيم البداوي

مروان عبد العال || إذا سقطت الرواية سقط المستقبل

قال عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الكاتب والأديب الفلسطيني مروان عبد العال أن اختيار اسم ” شيريديل الثاني” في روايته الجديدة الصادرة عن دار الفارابي بالنسبة له هو مسألة وقضية، وفي ظل زمن سياسي مرهق فإن الرواية تجسد ثورة بكل ما لا ينسى بها وخاصة أن هناك أناساً لكثرة ما التصقوا بالثورة أخذوا أسماء غير أسماءهم ونسيوا أسماءهم الحقيقية ولكن كان الانتماء لهذا الاسم وما خلف الاسم كما يوجد شيريدل ثاني كذلك يوجد يوجد أول.

وأضاف عبد العال خلال لقاء على فضائية فلسطين اليوم ضمن برنامج مرآة الكتب بأن الاسم بالنسبة في إحدى تقديماته، قال للبطل بأنه كتب عنه وباسمه عرفاناً بالجميل واعترافاً بعاشق قدّم من أجل القضية الفلسطينية، رغم اختلاف البطل باللغة وبالدين والبيئة التي اتى منها ولكن كان ينتمي بكل حواسه إلى القضية.

ورأى عبدالعال أن هناك أبطالاً غير مرئيين، وهم الأبطال الحقيقيين وربما من سيقرأ رواية شيرديل الثاني سيكتشف أن هناك أبطال حقيقيين غير الأبطال الاستعراضيين وغير الأبطال المدّعين، لأن البطل الحقيقي هو من يكون في مواجهة القبح بالجمال، وفي مواجهة الخديعة بالأمر الصحيح، وبنفس الوقت هو البطل النموذجي الإيجابي، وعادة يُكتب عن البطل السلبي وتكون حالة صراع معه ولكن في أحياناً كثيرة يكون البطل إيجابي، مشيراً أن الكاتب ضد فكرة البطل السوبرمان، والبطل في الرواية ليس سوبرمان بدليل انك عندما تكتب عنه تكتشفه وتظهره للناس وهذا رغماً عنه، يعني أنه بقي الجندي المجهول ربما حتى في الكتابة أصر أن يكون مجهول بالتالي هذا الشيء واضح تماماً، والكاتب اراد ان يوضح بأن ثمة جميل بنا يجب أن نكون أوفياء له ويجب أن يبقى.

وأشار الروائي عبدالعال أن الجمالية في الكتابة الروائية هو الاستناد إلى الرمزية وهي ليست بمسألة كتابة قسرية لمن اتجهت إليها، ولكنها تعطي مدلولات عديدة من أجل إيصال الفكرة. مدلولات لأن الارتباط بفرد تقليدي وواقعي قد يُذهب المتعة في الرواية، وأراد أن يقرأها الناس، لأنه لا يبتغي العالمية في هذا المجال ولكن أرادهم ان يقرأوها ليس بتحسس المسائل بشكل ملموس بالكامل كي يعتبر كل فرد نفسه بأنه معني فيها، وأراد أي بطل من هؤلاء الأبطال بأن يتماهى فيها من أي قاريء وهناك الكثير يرى أن في بعض القضايا التي كتبها قد تكون مرتبطة بمخيم محدد، لكنها تتكرر في كثير من الأمكنة، فالمكان أحياناً يغيّر النكهة أو الهوية، لكنه لا يغيّر المأساة، فمأساة الشعب الفلسطيني يمكن اختصارها بكلمة شتات، وكل فرد يرى فيه طعم محدد من هذه المأساة ولكنه يتعرف على شكل آخر من الشخصية الفلسطينية بآلامها وعذاباتها وألوان التشرد، وهذا هو الهدف من هذا الموضوع، المسألة الأخرى هي التاريخ والأمكنة، والفلسطيني عنده عقدة المكان، ويصير المكان نفسه بطل لذلك نجد أن هناك أشخاص يحملون أسماء قرى فلسطينية.

من منظور عبدالعال أنه طرح أسئلة لأن الكاتب قد يطرح التغيير ولكنه ليس هو من يقوم بالتغيير وعلى الناس أن تفكر بالأجوبة.

وأشار عبدالعال إلى أن فرحة الحرية لا تكتمل من دون وجود امرأة وبالتالي هي جزء من المحاولة للإشارة أنه عندما انتقى ببطال هم ليسوا فقط من حدود ألف ليلة وليلة العربية، فحدود ألف ليلة وليلة تمتد إلى الهند، وهو يتحدث عن رواية تاريخية وفي بلاد فارس تعتبر جزء من ثقافة بلاد فارس وشيرديل نفسه هو لا يحمل الجنسية العربية، اذن في التصاق كامل بالحكاية والخرافة إلى الواقع الذي نعيشه وهناك خط متصل في هذا المجال، وعندما تحدث عن شهرزاد فهي قاومت الطاغوت بالرواية والكثير يعتبر أن مهنة راوي هي ليست ثورة ولكنها ثورة بشكل أو بآخر لأنها تمثل الوعي الشعبي والوجداني.

وأضاف بأن هناك ثورات انتهت بالخديعة ونحن نعيش هذه الخديعة الآن ونحن أبناء الخديعة بدليل أننا خرجنا من فلسطين خديعة على اساس سنعود بعد أسبوع وكذلك خرجنا من مخيماتنا وانا ابن مخيم نهر البارد كذلك خديعة حتى الذين خرجوا من مخيم اليرموك كذلك خديعة، ممكن اللغة تخدع وهناك من يستعمل وسائل حتى المقدسة للأسف من أجل الخديعة، فلذلك حذّر من هذه النقطة ونحتاج إلى حزب الأذكياء ونحتاج الى ثورة داخلية واعتبر أن أهم ذكاء عبرت عنه المرأة، تلك الفاتنة التي قامت بهذه الثورة، hثورة الرواية بشكل أو بآخر.

وقال: بالنسبة للتحليل الخرافي وأنا دائما التفت للخرافة فلا توجد أية رواية من رواياتي إلا وتجد فيها بصمة خرافية في مكان ما. أحياناً أنظر إلى الآخر الذي يقوم بصراع ضدي، صحيح أنه يمتلك وسائل قوة استطاع من خلالها أن يقتلع الشعب الفلسطيني، لكن في الوقت نفسه هو قائم على الخرافة، وهذه مسألة اريد أن أتعلمها صراحة هو أنه كيف استطاع تحويل هذه الخرافة إلى واقع، وفي الوقت نفسه أملك خوفا كبيرا رغم إيماني بالحقيقة، وإيماني بالواقع، وحقيقة شعبي، وبكل مقدراته، ولكنني أخاف أن يتحول المنفى إلى خرافة، وعلى هذه القاعدة فإن المسألة تحتاج لقوى مادية في الوقت نفسه. وأهم سلاح هو الوعي، والثقافة عامل مهم جدا، معتبراً أننا نهزم بالمعنى السياسي لكن الذي يشكل رادعا للفاعل السياسي هو المقدس الثقافي، وهو عبر عنه من المنثيولوجيا إلى الأيدلوجيا بكل اشكالها للتاريخ نفسه، فنحن نكون مفتونين بسعر قطعة الأرض ولكن الصراع حول أهمية الأرض والحدود، ورهاني هو على الذاكرة والتاريخ وكل ما تحاوله إسرائيل من عبرنة كل شيء،

ولفت نظره أحد الصهاينة عندما قال: إن الفلسطينيين انتصروا علينا بمعركة السرد، السرد هو الرواية الأكثر أصالة والأكثر ارتباطا بالمكان وتفاصيله، وهنا يكمن جوهر الصراع أيضا، نحن لسنا كتاب منفى على طريقة كتاّب المنفى الذين لديهم دول وهاجروا منها، لكن مشكلتنا أننا كتّاب منفى، ونكتب عن وطن لم نعش فيه، حتى هناك الكثير من الحكايات دخلت وجداننا وذاكرتنا والرواية عندنا جماعية، في المخيم كانت النساء يجتمعن سوية على حاووز ماء ويسردن الحكايا والذاكرة، والتحدث عن أمر لا يستطعن الفضفضة في البيوت، فالرواية وجدت بأمكنتها وهي موجودة بشكل افتراضي، أنا مع حفظ الحكايا والرواية حتى في أحلامنا، لأن الحلم سلاح كبير، وإن سقط هذا الحلم تكون قد سقطت قوة التخيّل وقوة الإبداع .. سقط المستقبل بشكل أو بآخر.

واعتبر أن هناك اختلاف بالألوان وليس بالمضمون، فأنا مثلا لا أعتبر الجدار مسألة ضاغطة ويوميّة، عليّ أنا بالمعنى الإنساني، لكن يجب أن أعرف عن هذا الموضوع من خلال الروائيين الفلسطينيين في الداخل، و أحد الكتّاب قال: إنه لم يعد يرى إشراقة الشمس بسبب الجدار، أنا لم أعش هذا الإحساس وعليه أن يشعر بأنني كالريشة في الشتات إذا اشتدت الريح فإن فلسطين تغرق في البحر وآخر في الدانمارك وعائلة فلسطينية من سوريا مسجونة في تايلاند، الفلسطيني الموجود بجانب شجرة الزيتون ويحافظ على بقائها يختلف تماما عن الذي يتمنى أن يكون جذعا بسيطا في شجرة زيتون على أرض فلسطين، وكل واحد من لون، وحتى المثقفين من غسان كنفاني إلى اميل حبيبي تحدثوا عن قوة السياسي المثقف، والمثقف يكتب بأدب تحرري وأدب سياسي، وليس كأي مثقف. وأنا ضد الموقف السياسي المباشر في الرواية، لأن الموقف السياسي يمكن أن يعبر عنه في أي مكان، ونحن نطلب أن يكون السياسي مثقفا.

2013-12-06

مقالات ذات صلة