المقالات

جولة الاشتباكات الـ15 في طرابلس: لعيونك يا ريفي

جولة الاشتباكات الـ15 في طرابلس: لعيونك يا ريفي

السبت 23 آذار 2013

عبد الكافي الصمد

الاخبار

لم يكن ينقص مدينة طرابلس إلا استقالة الحكومة ليجد المتقاتلون سبباً اضافياً لإشعال المعركة. هذه المرة لا علاقة للسلفيين بالحرب الصغيرة الدائرة. وهي ليست معركتهم كما يقولون. ما يجري في طرابلس من احتراب يحصل هذه المرة كرمى عيني اللواء أشرف ريفي

لم يكن هناك سوى الفوضى. انتشر المُسلّحون بعتادهم الكامل. قطعوا الطُرق بالإطارات المشتعلة، ثم أعلنوها حرباً في عاصمة الشمال طرابلس. سقط عدة قتلى وأُصيب العشرات بجروح. لم تفلح محاولات التهدئة. صوت رصاص القنص والاشتباكات المسلّحة كان الطاغي. بالأمس، اشتعلت جبهة طرابلس على وقع تطورات جلسة مجلس الوزراء النارية، وبعد أسابيع من التوتر الذي تفاقم خلال الأيام الماضية. بند التمديد للمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي زاد النار المشتعلة شمالاً. فقد تجمّع عشرات المسلّحين أمام منزل ريفي، متوعّدين بالتصعيد إذا لم يُمرَّر التمديد. الأمر الذي دفعه إلى الاتصال بهم طالباً فضّ الاعتصام. ورغم ذلك، فإن هؤلاء عمدوا إلى إطلاق رصاص كثيف أمام منزل ريفي تضامناً معه بعد إعلان الرئيس نجيب ميقاتي استقالة الحكومة.

في موازاة ذلك، كانت وتيرة المعارك تشتد ثم تهدأ قبل أن تُعاود الاشتداد. المعارك الأقسى جرت على محاور الشعراني والريفا وستاركو والقبة، علماً بأن محور المنكوبين شهد هدوءاً لافتاً. في المحصلة، لم يهدأ رصاص القنص أبداً. كذلك كانت الاشتباكات التي احتدمت بين عناصر الجيش اللبناني ومسلحين من باب التبّانة. وأدت المواجهات إلى سقوط ستة قتلى وإصابة ٤٦ آخرين بجراح. هذه الحصيلة لم تكن نهائية. فالمواجهات وعمليات القنص بقيت مستمرة حتى ساعات الفجر الأولى. ترافق ذلك مع عمليات دهم نفّذها عناصر الجيش لتوقيف مطلقي النار على آلياته. وترددت معلومات عن توقيف شخصين هما م.ح. ور.ح. للاشتباه بعلاقتهما باستهداف عسكريين تابعين للواء 12 في الجيش في طرابلس. عملية التوقيف هذه دفعت بأقاربهما إلى التحرك والتهديد بالتصعيد إن لم يُخلَ سبيلهما، لكن ذلك لم يحصل. وكانت الاشتباكات قد اشتدت في الليلة السابقة، بعد توقيف الجيش المطلوب جهاد د. المتورط باستهداف الجيش. في مسار المعارك أيضاً، اشتبكت دورية تابعة للجيش مع مشيعين أثناء مرور جنازة أحد الضحايا في ساحة التل. وقد وقع ذلك، بعدما بدأ المشيعون بإطلاق النار، فردّت الدورية على مصادر النيران، الأمر الذي أدى إلى إصابة أربعة من آل زيتون. هذا في الشكل الميداني. أما افتراضياً على فضاء الواتساب، فكانت تجري معارك من نوع آخر. فقد كان «يُزف الشهداء» عبر الرسائل القصيرة. وتُرسل صور المسلّحين، إضافة إلى التحذيرات من حواجز الجيش للمسلّحين: «لكل الإخوة، الجيش اللبناني نصب حاجزاً بجانب مسجد التقوى، يُرجى الانتباه». على صعيد التهدئة، فقد حاول رجال الدين والسياسة استيعاب ما يجري. كان آخر هؤلاء مؤسس التيار السلفي داعي الإسلام الشهّال، الذي أصدر بياناً دعا فيه إلى «التهدئة وعدم الرد على مصادر النيران إلّا في حالة الضرورة القصوى». وقبل ذلك، عقد اللقاء الوطني الاسلامي اجتماعاً في منزل النائب محمد كبّارة، حضرته شخصيات دينية وسياسية طرابلسية، ثم أصدروا بياناً مهددين بـ «العصيان المدني إذا لم يعد الأمن إلى طرابلس». وطالبوا بتطبيق «مقررات مجلس الدفاع الأعلى ودعوة القضاء إلى معالجة وضع من يُطلق التهديد والوعيد».

تجدر الإشارة إلى أن حضور معركة التمديد لريفي في جولة الاشتباكات الأخيرة في طرابلس، أكدها مصدر سياسي مطلع لـ«الأخبار» بقوله إن «الجولة الـ15 من الاشتباكات انطلقت، في مفارقة لافتة، في توقيت متزامن مع بدء جلسة مجلس الوزراء أول من أمس، وإنه في الساعة الأولى من تفجّر الوضع الأمني مساء الخميس سقط 10 جرحى، وهي اشتباكات لن تنتهي على ما يبدو إلا إذا جرى التمديد لريفي، ولو تحت الضغط، وإلا فإن الأزمة ستكون مفتوحة على كل الاحتمالات». وخرج المصدر بخلاصة مفادها أنه «كما كانت جولات الاشتباكات السابقة عبارة عن رسائل سياسية إلى داخل طرابلس وخارجها، كذلك هي الجولة الحالية، التي تبدأ بالخلافات الداخلية بين كوادر ومسؤولي المحاور، وبالتمديد لريفي، وصولاً إلى قانون الانتخابات، من غير أن تستبعد تداعيات الأزمة السورية عما يجري».

إلى ذلك، برزت مفارقة أخرى في الحسابات المختلفة لجولة الاشتباكات الأخيرة، هي أن القوى السلفية نأت بنفسها عن المشاركة فيها، وخصوصاً العناصر المسلحين الذين يدورون في فلك الشيخين سالم الرافعي وحسام الصباغ، بعدما أعطيا تعلميات مشددة لمناصريهما بالابتعاد عن المشاركة في الاشتباكات «لأنها ليست معركتنا». وسُجّلت في هذا السياق ملاحظتان: الأولى أن الرافعي والصبّاغ والمشايخ والكوادر المقربين منهما أقفلوا هواتفهم الخلوية منذ صباح الخميس؛ والثانية أن العناصر المسلحين المقربين منهما شوهدوا بعيداً عن مناطق الاشتباكات، وعندما سئلوا عن سبب عدم مشاركتهم، ردّوا بأنها «معركة لا علاقة لنا بها من قريب ولا من بعيد».

مقالات ذات صلة