المقالات

المصالحة الفلسطينية إلى أين ؟

المصالحة الفلسطينية إلى أين ؟

اسم الكاتب : عبد الرحيم ملوح*

تاريخ إدراج المقال : 2014-05-12

بداية أنا شخصياً مع المصالحة الفلسطينية وهي ” الوحدة الوطنية ” لأن من يريد مواجهة الاحتلال عليه أن يوحد الشعب الفلسطيني . لقد أثبتت التجارب كلها أن مواجهة الاحتلال ونيل الحرية والاستقلال تفترض الوحدة الوطنية ، لا لشيء إلا لأنها أحد قوانين الانتصار على الاحتلال وأحد قوانين دحره عن الأرض المحتلة وعن الشعب المحتل . وهي القاعدة الأساسية أي ” الوحدة الوطنية ” لكل من يريد مجابهة الاحتلال ودحره والانتصار عليه . هذه قاعدة سياسية لكل مجابهة وإلا سيكون مصيره التشتت والتمزق إن لم يكن أكثر من ذلك .

لقد حاول الأسرى بوثيقتهم المعروفة الآن باسم ” وثيقة الوفاق الوطني ” أن يحولوا دون هذا التشتت والتمزق ، فتقدموا بمبادرة وطنية وقبل أن يلتقي الوفدان بمكة وقبل الانقسام الذي تبع لاحقاً في منتصف حزيران 2007 . وكانوا بذلك مبادرين وقبل أن تنشب المعضلة المسماة ” الانقسام ” بين الضفة وغزة ، وقبل إزالة الاحتلال ,

ورغم كثرة لقاءات المصالحة الفلسطينية ، إلا أن الشعب الفلسطيني في أماكن تواجده كافة لم ييأس من العمل والدفع باتجاه المصالحة ، وتحلى بإرادة قوية ومثابرة قل نذيرها ، في الوقت الذي تفاجأ به بما حصل بغزة في منتصف حزيران 2007 ، لأنه لا زال تحت الاحتلال . لقد مرت عليه مشاكل كثيرة ونتج عنها صعوبات أكثر ، لكنه رأى أن هذه أول مرة يحدث له ما حدث في منتصف حزيران 2007 . لأن الأرض والشعب ما زالا تحت الاحتلال في الضفة بما فيها القدس وفي قطاع غزة ، وأن الصراع الجاري ليس من أجل الوطن ودحر الاحتلال بل من أجل القيادة والكرسي . وأكبر دليل على ذلك هو موقف العدو المحتل لأرضنا وشعبنا ، عندما جمد الاتصالات الفلسطينية – الإسرائيلية باستثناء الاتصالات السياسية والتنسيق الأمني . أي أنه أبقى على ما يفيده ، ونحى جانباً ومن طرف واحد كل ما لا يرى فائدة منه في المدى المنظور على الأقل .

في الآونة الأخيرة ذهب وفد من الضفة إلى غزة وقابل هناك قيادات من ح . حماس ، وكان هدفه دفع الأمور إلى الأمام ، وبعد ذلك ذهب الرئيس محمود عباس إلى الدوحة وقابل المسؤول الأول لحماس ، والهدف هو دفع المصالحة إلى الأمام خاصة أنه ومشعل وقعا قبل مدة على ورقة الحكومة والانتخابات في الدوحة وبرعايتها . ومن أجل أن لا يحدث لنا ما حدث لباكستان وبنغلادش خاصة أننا نعيش في ظل الاحتلال ومطلوب توحيد جهودنا الوطنية من أجل دحره عن أرضنا وعن شعبنا .

الوثيقة الأخيرة والاستقبال الذي حظي به الوفد وما تبع ذلك من ممارسات تبشر بالخير لقضيتنا الوطنية ولشعبنا الفلسطيني ، خاصة أن الاحتلال الإسرائيلي كشف عن مآربه ولو جزئياً ، بأن ما يريده للشعب الفلسطيني هو الفرقة وعدم الوحدة . وأنه مرتاح جداً في ظل الانقسام ، وأن آفاق الوحدة الوطنية بعيدة جداً بالنسبة له ومن أجل خلقه لحقائق الأمر الواقع يسانده بذلك الإدارة الأمريكية ، لأن المصالح العليا للطرفين موحدة .

لدفع عملية المصالحة للأمام وبعد توقيع الاتفاقية الأخيرة ومن أجل أن تكون الأخيرة بحق بات مطلوباً الآن ، إرادة سياسية فلسطينية أولاً وعربياً ثانياً من أجل الوحدة الوطنية وتوحيد الجهود وعلى قاعدة الشراكة الوطنية ومن أجل دحر الاحتلال عن الأرض والشعب الفلسطيني . فنحن لا زلنا حركة تحرر وطني تناضل من أجل العودة وتقرير المصير والدولة وعاصمتها القدس . لقد ألزمت الاتفاقية الأخيرة الرئيس أبو مازن بعدد من القضايا أهمها :

1. تشكيل الحكومة الفلسطينية الواحدة في مدى أقصاه خمسة أسابيع .

2. دعوة لجنة تفعيل وتطوير م . ت . ف للانعقاد خلال خمسة أسابيع ، وعلينا عقد هذا اللقاء في مقر الجامعة العربية أو في مقر المجلس الوطني الفلسطيني ، إذا اعتذرت جمهورية مصر العربية لأسبابها عن استقبال وفد حماس على أراضيها .

3. على الرئيس أبو مازن أن يحدد كحد أقصى اليوم الثلاثين من الشهر السادس يوم للانتخابات الفلسطينية وأن يصدر مرسوماً بذلك .

4. أن نتوجه للعمل من أجل فتح معبر رفح على مدار الساعة .

هذا هو المطلوب من الرئيس الآن ، أما القضايا العملية الأخرى فهي مسؤولية الحكومة . وهي قضايا مقدور عليها.

وفيما يتعلق بالانتخابات لدولة فلسطين والمجلس الوطني الفلسطيني قد تتجه إسرائيل لمنعها ، وبما أننا أخذنا سابقاً قراراً بأن لا تجرى انتخابات فلسطينية بالأردن لأسباب بات الجميع يعرفها ، ومن الصعب إجرائها في سوريا وفي دول الخليج وربما في لبنان ، فنحن ملزمون بإجراء الانتخابات أو التوافق حول تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني في الأماكن التي لا تجري فيها انتخابات . هذا ما يجب أن نعمل من اجله فأن تحصل الانتخابات هي المطلوبة وفي الأماكن التي لا تجرى فيها لأسباب خارجة عن الإرادة الفلسطينية يتم التوافق على تمثيلها في المجلس الوطني.

منذ فترة بات العمل من خلق بيئة سياسية للمصالحة ” الوحدة الوطنية ” . والبيئة السياسية في وضع آليات لتنفيذ الاتفاقات السابقة . فقد استنفذت جميع الأفكار وتدخل معنا العرب إيجاباً أو سلباً وكل الأمر الآن يحتاج لإرادة الوحدة لا غير . فمن يعتبر أن الربيع العربي بدأ بغزة قبل سنوات عليه أن يعمل من أجل الوحدة الوطنية الآن . ولدينا وثيقة الوفاق الوطني منذ 2006 وهي تشكل برنامجاً سياسياً موحداً لنا . وعلينا الاهتداء به ومن يريد معالجة هذه النقطة أو تلك فيها رغم التوقيع عليها في حينه يجب أن يسمح له بذلك .

المصالحة وصولاً للوحدة الوطنية والشراكة الحقيقية لحركة تحرر وطني كما نحن تقوم على الإرادة السياسية أولاً وقد جربنا وعلى جلودنا الانقسام . والأخير لا يخدم القضية الوطنية للشعب الفلسطيني ولا م.ت.ف وبرنامجها السياسي بالعودة وتقرير المصير والدولة المستقلة وعاصمتها القدس.

* عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية

11/5/2014

مقالات ذات صلة