شؤون فلسطينية

حوار مع الناطق الرسمي لتيار المقاومة والتحرير عن الزميلة الموقف الموقف تحاور الناطق الرسمي لتيار المقاومة والتحرير

– فتح ذابت في السلطة ومؤتمراتها مؤتمرات سلطة – عباس لا يمتلك رؤيا وصفقة القرن وليدة أوسلو – التنسيق الأمني جريمة مثبتة الأركان – التيار مشروع جبهوي عامل – قوات العاصفة تسمية دون مدلول – الوحدة الوطنية الكفاحية تصوغها الانتفاضة – الانتفاضة ممر حتمي للخلاص

– «الموقف»: نرحب بالأخ «أبو محمد» وها نحن نلتقي مرة أخرى بعد الحديث الذي أجريناه قبل ست سنوات، مرحبا بكم.

«أبو محمد» : مرحبا بكم ويسعدنا دوما لقيا الأخوة المباركين الثابتين و«الموقف» لها معزة خاصة كصحيفة ثبتت على خط مقاوم منذ انشائها في العام 2010.

– «الموقف»: شكرا لكم ونعدكم أن نبقى كذلك، أخ «أبو محمد» ما الذي جرى بالضبط ؟

«أبو محمد» مبتسماً: جرت مياه كثيرة تحت الجسر يا أخي العزيز، ولعلك تقصد لماذا أخفق التيّار في استعادة « فتح» لجذورها، والسبب أن موجة السلطة التي غذاها عباس ومن دار معه في فلك تخريب الإرث القديم، نجح في صوغ «فتح» أخرى ليست التي باتت في الذاكرة الآن، «فتح» أخي تم تذويبها في دهاليز السلطة، ولم يتبق منها غير الذاكرة والفكرة التي ركنها المتغطون باسمها، وهم يصرفون يوميا من رصيدها المعنوي لدى الجماهير والذي بناه الأبطال الذين ساروا في هذه الطريق صادقين وقضوا وهم كذلك.

«- الموقف»: ولكن فتح لها أطر أين ذهبت ؟

«أبو محمد»: ذابت مع الذائبين، فتح هي السلطة والسلطة هي فتح ، ومؤتمراتها بعد الخامس مؤتمرات سلطة لا أكثر ولا أقل، ونشاطها الفعلي أقرب إلى ما يريده هؤلاء بأن تكون نسخة عن حزب السلطة في أي بلد عربي وتأمل أن تكون الحزب المسيطر والوحيد، لكن فلسطين محتلة والأرض تهوّد والقدس تضيع واللاجئون في الشتات وغزة تحاصرها هذه السلطة نفسها طلبا لجلب المقاومة إلى بيت الطاعة، فعن أي أطر نتحدث؟

– «الموقف»: ولكن التيّار كان حاضرا بقوة وثبات في وجه المتسلطين والمنحرفين فلماذا يغادر هو الساحة ويتركها لهم؟

«أبو محمد» : منذ تهريب المؤتمر الذي أسموه بالسادس وسكوت أعضاء مركزية الخامس والتعبئة والتنظيم على هذه الجريمة ونحن نحاول ما أمكننا بالنصح وبالقول الثابت، وحتى بعد أن اختلف الذين اشتركوا في هذه الجريمة عباس ودحلان لاحقا وقيام دحلان بتأليف ما سماه التيار الديموقراطي الاصلاحي وعقد عباس لحلقة جديدة في مؤتمراته والتي رقمها بالسابع ليقوم بإقصاء شركاء الأمس من جماعة دحلان لم نتوقف لحظة عن التنبيه لمخاطر ذلك على الحركة، لكن كما يقال يبدو كانت النتيجة «فالج لا تعالج»، هذا الواقع هو اقتتال على السلطة في الحقيقة وليس صراعا على «فتح» ولا على تخليصها من مصيرها الذي قادوها إليه، كلاهما يراوغان وهما يعلمان ذلك.

– «الموقف » : إذن تيّار المقاومة بذلك سلّم بالهزيمة !

«أبو محمد»: تيّار المقاومة سلّم بأن «فتح» بهذا الوضع بعد تذويبها لصالح السلطة،لم تعد منصة صالحة لا وطنيا ولا جماهيريا للمتابعة منها إلى برنامج الاشتباك الدائم مع العدو، بل هي منصة تقاسم وظيفي مع العدو عبر التنسيق الأمني، ومنصة تقطيع لوحدة الشعب الفلسطيني عبر صراعها المعلن مع المقاومة وليس فقط مع حركة حماس ، الصراع مع حماس هو صراع سلطة في عمقه وصراع على السيطرة السلطوية، وشعارات عباس التي يطلقها باسم قانون واحد وسلاح واحد هي لتشليح حماس مشروعيتها الأساس وهي المقاومة، وعلى كل عباس لا رؤيا لديه ولا برنامج سوى كلمة واحدة التعايش، يريد أن يتعايش مع الواقع الاحتلالي ويظل يطلق تصريحات السلام والمفاوضات التي يعلم أنها لن تعطي شيئا وثبت أنها لا تنتج شيئا بعد عقدين ونصف من ركضه فيها، والنتيجة هو اليوم أمام صفقة القرن التي ولدتها أوسلو التي صنعها هو وجماعته.

– « الموقف» : لكن أوسلو كانت بمباركة الشهيد عرفات ؟

«أبو محمد»: صحيح، لكن هناك فارق جوهري في الأداء، عرفات أراد منها -مع قناعتنا أنها كانت ممكنة ان لا تكون فهي لم تكن ممرا قدريا- أراد ان يتجاوز الخنق الذي قامت به الأنظمة العربية خاصة بعد حرب الخليج كما أراد المسارعة إلى قطف ثمار الانتفاضة الأولى، ولأان يفتتح بظنه الصراع مع العدو على الأرض، بينما أراد رابين أن يحضر الثورة الفلسطينية إلى كمين التحكم وممارسة الكونترول عليها، ولم يكن يخطر بباله نجاحه الباهر ونجاح من أتى بعده، ولكن انتبه في عهد عرفات كانت فتح لا تزال حية، وكان عملها العسكري موجود، وأجهزة السلطة الأمنية كلها بعقيدة وطنية وقيادة وطنية، وعندما أراد الضرب خلقت كتائب الأقصى في يومين اثنين.

– « الموقف»: هل تعني أن فكرة التيّار اختنقت داخل فتح ؟

«أبو محمد»: فكرة التيّار ببساطة أن تمارس الاشتباك الدائم مع العدو وأن تفعل ذلك من خلال فضاء تتيحه قيادة وطنية تفعل ذلك بما أمكنها حتى لو كانت في العلن تقول أنها تفاوض وأنها قبلت أوسلو كما كان يفعل الشهيد عرفات، لكن مع قيادة تقول أنها للمفاوضات حتى بعد موت المفاوضات، وأن لا انتفاضة في عهدها ولا ما يحزنون، بل وتنقضّ على المقاومة والمقاومين وخاصة أبناء فتح نفسها قبل بقية الفصائل، وتمارس الفساد بكل أنواعه وتقهر شعبها سرا وعلنا وتحاصر منهم ملايين الناس، هذه القيادة سواء أكانت شرعية أم غير شرعية هي لا تتيح مجالا إلا للتبرؤ منها بالمطلق، وعسى بعد ذلك أن تسلم من عار وجودك يوما معها في عنوان.

– « الموقف»: ماذا عن قوات العاصفة ؟

«أبو محمد»: قوات العاصفة انتهت بعد الشهيد أبو جهاد عمليا، وبعد استشهاد أبو عمار انتهت نهائيا، وحتى التشكيل الذي صنعه أبو عمار في انتفاضة الأقصى عام 2000 والذي تشظى بعد ذلك لم يعد قائما منذ حله عباس وحل كل علاقة مع البندقية الفتحاوية، ولكن في مرحلة تشكيل التيار الأولى أصرّ الأخوة على ابقاء التسمية والانطلاق منها أحدى الطرق الرئيسة لاستعادة فتح لطبيعتها الأساس، ودعم مشروعا لتجميع تشكيلات فتحاوية خاصة بغزة تحت هذا المشروع ودعم وثيقة شرف لذلك واستجابت عدد من هذه التشكيلات بما فيها كتائب الشهيد عبد القادر الحسيني، لكنها عادت لتصبح مجددا منفرطة العقد، هذا الاسم اليوم موجود لدى فتح الانتفاضة كما هو معلوم، ولكن المدلول الذي في الماضي لم يعد موجودا في فتح ولا يجرؤ لا عباس ولا عضو مركزيته ولا عضو ثوريه أن يقول أنه يدعم ذلك أو يرعى هؤلاء.

– «الموقف»: هل كان قرار الانسحاب هو الخيار الوحيد؟

«أبو محمد» : لا، كان هناك عدة وجهات نظر في هذا الموضوع، ولكن قرار الانسلاخ التنظيمي والسياسي عن فتح السلطة هو الذي تغلّب على رأي الحوارات التي دارت وسيما بعد أن تولّد اليأس من إبقاء فتح الثورة داخل هذا الجو الموبوء حية نابضة، وهذا كما قال التيار في بيانه ووثيقته أيضا التي أصدرها عقب ذلك هو قرار قطعي مرتبط بسلسلة الانهيارات التي أدت إليه، وعلى كل كما هو ملاحظ اليوم في الساحة الفلسطينية حتى النضال الذي أسموه ازرع تفاح هو صوري في الأغنية فقط ومرّت وتمرّ أحداث جسيمة على الوطن والضفة المحتلة كأنها منتزعة في واقع آخر ودنيا أخرى.

«الموقف»: ولكن ألا ترى أن المسيبرات الأسبوعية كمسيرة كفر قدوم وغيرها ممارسة نضالية جيدة خاصة انها مستمرة؟

«أبو محمد»: أخي على عيني ورأسي، هناك بواقي لا زالت في صدور الشباب بعامة تجد نفسها مثقلة بصورة لا تحسد عليها ولا تستطيع الدفاع عنها، لذا فهي تنفجر في مسارات بالنسبة للسلطة مسموحة في أضيق نطاق وفق رزنامة محددة، وإلا أين هي الجامعات والحركة الطلابية الفلسطينية صانعة الملاحم في الماضي؟ أين هي البرامج النضالية الحقيقية على الأرض بعد أن تتجاوز حمّى أكبر سدر كنافة وأطول علم الخ، كيف أمن المستوطن وبلغ المليون إلا قليلا وكيف ضاعت الأرض وبقي مخططات المدن التي تحمل اثنين مليون فلسطيني محبوسين في اقفاص وأبواب حديدية! الشارع تحت الارهاب اليومي من قبل أجهزة السلطة ولنا في قصة الشهيد باسل ورفاقه أكثر من عبرة وآخرهم الشهيد عمر أبو ليلى.

– « الموقف»: مالذي تبّقى إذن من التجربة السابقة للتيّار المقاوم؟

«أبو محمد»: تبقى الكثير، كل أساسيات الفكرة هي داخل التيار وكل إرث الماضي الكفاحي هي بوصلته، واليوم التيّأر ينفتح مع كل من يتلاقى معه في هذه الصورة الواسعة بقطع النظر عن مبالغات الحساسيات الفصائلية وحساباتها ومنوالاتها، هنا في هذا التيّار الآن عقيدة مقاتلة واحدة تأمل أن تولّد انتفاضة شعبية شاملة في الضفة المحتلة تقود إلى طرد العدو منها دون قيد أو شرط وإلى إطلاق أسرى الحرية ومنع تهويد وتدنيس القدس الشريف واستعادتها، والأولوية في عمل التيار دوما القدس.

– «الموقف» : إذن هل ترون التيار اليوم فصيلا جديدا؟

«أبو محمد»: لا ليس على هذا النحو بالضبط، التيّار أقرب إلى مشروع جبهوي عامل على ألأرض، لا يهمه قضايا فصائلية معلومة تتسابق على التمثيل والانتخاب وباقي مفردات الفصائلية، حتى أنهم يتنافسون على تبني شهداء الانتفاضة بقدر ما يهمه الانجاز من خلال الاشتباك المستمر بكل الصور والمواقع والوجوه الممكنة، والتيار أصلا منذ فترة استوعب بكل راحة كثيرا من مناضلي الفصائل الأخرى الذين رأوا في العمل خلاله الطريق الأصوب بالنسبة لطاقاتهم وقناعاتهم، نحن اليوم في مروحة واسعة لا تهتم بأيديولوجيا محددة، الأيديولوجيا هي قتال العدو تماما كما كانت هي الشيفرة الوراثية لكتيبة الجرمق وسرايا الجهاد والمشروع مستمر هكذا.

– « الموقف»: صفقة القرن تريد أن تحول الشعب الفلسطيني إلى قطيع عبيد فكيف تتم مواجهتها؟

«أبو محمد»: هذا خلاصة ما تنويه فعلا وهي تريد فعل ذلك بأسلوب النخاسي المجرم بكل ما تحمله من إهانة لهذا الشعب العظيم، ومواجهتها تتم بوحدة وطنية كفاحية عاملة وفق برنامج شامل يستخدم ويستفز طاقات الشعب الفلسطيني كله، هكذا تتم مواجهتها وإسقاطها ودون ذلك هو افتتاح صراع معها دون الحسم النهائي لها ولمثيلاتها.

– «الموقف»: الوحدة الوطنية ملف مشتبك منذ عقد ونيف لم يتم إنجازه، لماذا ؟

«أبو محمد»: الوحدة الوطنية التي كانت على غرار ما نتج عن انتخابات السلطة بحكومة أسموها العاشرة شيئ، والوحدة الوطنية الكفاحية العاملة شيء آخر، الأولى هي وحدة تقاسم نواتج مادة نجسة اسمها أوسلو ومتفرعاتها، بقطع النظر عن كل ما يمكن الجدال بشأنه، هي وحدة من يجلس ليتقاسم تمثيل ومصالح في صورة عامة موجودة اسمها السلطة الفلسطينية التي هي بالمناسبة ابتلعت منظمة التحرير الفلسطينية أيضا وحوّلتها إلى مكتب بالفناء الخلفي، أما الوحدة الوطنية الكفاحية العاملة فهي وحدة على مقاس الشعب الفلسطيني كله بكل قواه وفصائله ومرتكزاته في إطار جبهوي سليم يعيد الحياة لمنظمة التحرير ويحاسب هذه السلطة ويضعها في موضع جهاز خدماتي لشعبنا فقط لا غير، ويعمل ضمن برنامج شامل لمواجهة العدو ، مسألة كل الاتفاقيات السابقة والتعامل معها تصبح تحصيل حاصل عندها وتصبح اوسلو والتنسيق المخزي وغيرها مسائل ميتة بنار الاشتباك الانتفاضي الشامل، هكذا نرى هذه الوحدة والبداية دوما في عقد إطار قيادي يقود إلى مؤتمر وطني جديد يعيد الحياة لمنظمة التحرير وفق نظرية جديدة وأسس جديدة.

– « الموقف» : هل عباس مستعد لذلك؟

«أبو محمد»: لا، ولا حتى مجموعته وطاقم تنفيذه لرؤيته غير الموجودة، ثمة واقع موجود يشير إلى ولادة شريحة كبيرة واسعة في رام الله أصبح قدرها مرسوما ودائرا مع دورة الاحتلال، لأن هذه هي مصالحها التي غذاها واقعها وواقع عقدين ونصف من الوهم السياسي.

– « الموقف»: إذن ما العمل ؟

«أبو محمد»: العمل هو الانتفاضة ولا شيء آخر يستطيع توليد الحل سواها، انطلاق الانتفاضة الشعبية الواسعة وبالذات في الضفة المحتلة والقدس هو العمل، والباقي سيترتب مع ذروة هذه الانتفاضة لوحده دون نداءات ولا ما يحزنون.

– «الموقف»: ولكن الانتفاضة منذ 2015 منطلقة ولها وتائر يومية ولا زال الوضع كما هو؟

«أبو محمد»: هذا صحيح، انتفاضة الشباب وحراكهم النشط والذي بدأ من القدس لا زال موجودا، ولكن الانتفاضة التي نأمل أن تكون هي انتفاضة أوسع تدخلها الفصائل والقوى كلها كما فعلت عام 1987 وكما شوهدت في العام 2000 بخليط منهما معا، وبقوة واسعة وتجريب أشكال أخرى بما فيها الاضراب التجاري العام والعصيان المدني وليمتد لأسابيع وأشهر وحتى لسنوات حتى تحقيق الهدف المعلن بكنس الاحتلال، هذا ممر حتمي للخلاص من الاحتلال ولا يوجد غيره.

– «الموقف»: هل نستطيع القول أن هذا برنامج التيار اليوم؟

«أبو محمد» : نعم بكل تأكيد هذا هو.

– « الموقف»: يطيب لنا أن نسأل عن العلاقة مع الفصائل والقوى، ترى كيف هي ؟

«أبو محمد»: علاقة أشقاء وعلاقة ممتازة مع الجميع، لكن ليس مع تنظيم عباس ولا تنظيم دحلان طبعا، ولدينا تنسيق جيد مع الاخوة في حركة الجهاد الاسلامي وطبعا حماس والشعبية، باختصار الفصائل التي ترى أن المقاومة تأتي أولا هي قريبة جدا منا والتيار قريب جدا منها.

– «الموقف»: هناك أسئلة تتعلق بالخطوات التالية، ما هي الخطوة التالية بالنسبة لكم؟

أبو محمد: الخطوة التالية والتي بعدها والتي بعدها هي تحقيق الانتفاضة لأنها هي المخرج الوحيد لهذه الحالة ولهذا الوضع البائس، هناك مبدأ البناء بالنار، تبني ذاتك وتبني بناك وما تريد وأنت مشتبك، ترف الجلوس والترتيب والتنظيم والتخطيط ليس جزءا من هذا التيار، رحم الله الشهيد باسل الأعرج المثقف المشتبك الذي طبق ذلك في الميدان، وهو كان ولا زال أيقونة لكل رفاقه وأخوته في الحراك والتيار وفي الانتفاضة التي نريد لها في عامها الرابع أن تحقق موجة أعلى، طبعا هناك ترتيبات ومسائل أخرى لا تقلقوا هي تتم في الوقت المناسب.

– « الموقف»: نشكر لكم هذه الفرصة باللقاء.

«أبو محمد»: بارك الله بكم والعهد هو العهد والقسم هو القسم وحتما لمنتصرون.

الجمعة 5 تموز (يوليو) 2019

مقالات ذات صلة