المقالات

زمن المعادلات والاختيارات الصعبة

بقلم : د. نزار محمود

نمر اليوم، نحن الشعوب العربية واقعياً، بأزمة ثقيلة متعددة الوجوه. ثقافياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً. وهي أزمة ليست طارئة أو هي وليدة اليوم. إنها أزمة تمتد في جذورها الى قرون طويلة من سبات زمن المسايرة والتطور وتستند الى قواعد وثوابت رست في العقل والوجدان والروح، تعايشنا معها ورضخنا لها، ولم يغب عن الآخرين الانتفاع منها ولستخدامها.

بدأنا في وقت متأخر جداً نحس بالخراب ونقص الكرامة! ورحنا نتوسل الرؤى والطرق لتجاوز ذلك الخراب واسترداد تلك الكرامة، وكنا في ذلك مشارب متناحرة شتى، اخترناها حسب أهوائنا وبملىء “ارادتنا” ورعاها الآخرون وفق مصالحهم وقدراتهم!.

لتخلفنا وضعفنا أسباب كثيرة: أولها تناحراتنا، بجميع أسبابه من حرية ووعي وفهم واخلاص وخلق، وثانيها تعليمنا وقوتنا الاقتصادية والدولية، وللأسف، العسكرية كذلك.

ومن الطبيعي والمحتم أن تقوم في كل مجتمع بشري صراعات، قد يشكل التالي أهم مجاميعها:

الطبقية والقومية والدينية، وبكل تفرعاتها وتبعياتها. وهنا تلعب وتتحمل سلطات السياسة والتشريع والقضاء، واراداتها مسؤولية تحقيق العدالة الاجتماعية الفاعلة لأغراض تحقيق الاستقرار والأمن والتنمية الاقتصادية.

في عموم أوطاننا العربية تناحر الأتباع مع الأحرار، والقوميون مع الشعوبيين، والدينيون مع العلمانيين، والمدينيون مع القرويين، والقبائليون مع الأسريين، والغربيون مع الشرقيين…وكل حزب بما لديهم فرحون!

اقول: إن لجميع هذه الفصائل حق هنا وهناك في ما يدعون، ولكنهم في نزاع أذهب ريحهم وكسر عظمهم وأخسرهم أوطانهم. ولم تكن الثعالب نائمة، ولم تكن الذئاب الجائعة ببعيدة عن الأبواب!

يصعب علينا اليوم ان نتراصف مع هذا، ونعادي ذاك، انه زمن الهرج والمرج.

نلعن ” إسرائيل” لأنها إغتصبت أرضاً عربية، ونصطف ذاتنا، ارادة أو غصباً، مع أخرى شبيهة بدعوى الدفاع عن القضية.

نقاتل من يذبح المسلمين، ونتهم أحزابهم بالارهابية. نشيطن الامريكان ونقدم لهم هدم الأوطان ونحر مستقبل الأجيال على طبق هدية!.

نضيع في بقاع الأرض بعد أن أمسينا، سبايا حروب أهلية. نناضل من أجل اقامة وهوية، ونفرح بزيادة المعونة الاجتماعية.

لكننا لا زلنا نلعن بعضنا ونحلم بسداد رأي أو كرسي ورقية!.

إنه زمن المعادلات والخيارات الصعبة.

برلين، ١٨/٨/٢٠١٩

مقالات ذات صلة