فى هذا اليوم

51 عاما على حريق المسجد الأقصى ورائحة الدخان تنبعث من سياسة التهويد الإسرائيلية وعمليات التطبيع

ذكرى احراق المسجد الاقصى ||21 -08- 1969

تمضي 51 عاما على الحريق الشهير الذي تعرض له المسجد الأقصى المبارك، على أيدي الإرهابي اليهودي مايكل دينيس، ولا يزال المسجد القبلة الأولى للمسلمين يئن من ويلات الاحتلال، الذي يرتكب بحقه وبحق رواده يوميا عشرات الانتهاكات، ولا يزال يحفر تحت أساسه في مسعى لهدمه، لإقامة الهيكل المزعوم.

وبالرغم من مرور تلك السنوات الطويلة على حرق المسجد، إلا أن رائحة الدخان لا تزال تنبعث من أروقته ومصلياته وباحاته، ومجالس علمه، بفعل تدنيسها يوميا من جماعات استيطانية ومن جنود الاحتلال، الذي ينفذون خطط احتلالية تهدف لتقسيم المسجد المبارك زمانيا ومكانيا.

ومكنت عملية تحكم جيش الاحتلال في مداخل المسجد، منذ احتلال مدينة القدس عام 1967، في التضييق على المصلين المقدسيين والقادمين من الضفة الغربية والمناطق المحتلة عام 48، في مسعى لتفريغه لصالح تسهيل اقتحامات المستوطنين.

وبشكل متواصل يستبيح جنود الاحتلال، المسجد من خلال الدخول بأحذيتهم داخل مسجد قبة الصخرة، وفي المصليات الأخرى وبالأخص مصلى باب الرحمة الذي يخطط الاحتلال لإغلاقه في وجه المقدسيين وتحويله إلى كنيس يهودي.

وإلى جانب كل هذه الأفعال، ومن بينها تحكم سلطات الاحتلال بـباب المغاربة المخصص لاقتحامات المستوطنين، يتم استباحة أسوار المسجد ومنطقة حائط البراق لأداء طقوس تلمودية، واحتفالات ضمن عمليات التهويد المبرمجة، فيما يجري حاليا التخطيط لإقامة مشاريع استيطانية أكثر خطورة، تحاول من خلالها سلطات الاحتلال تغيير الطابع التاريخي للمسجد، ومن بينها إقامة خط قطار كهربائي في الوقت الذي تمنع فيه دائرة الأوقاف الإسلامية، من إجراء أي ترميم للمسجد الأقصى، خاصة في المناطق التي يهددها خطر السقوط.

ويصادف الجمعة، الذكرى الأليمة الـ51 لحرق المسجد، حين أقدم اليهودي المتطرف الأسترالي الجنسية مايكل دينيس المسجد الأقصى، على إشعال النار عمدا في الجناح الشرقي للمسجد، خلال اقتحامه، ووقتها أتت النيران على واجهات المسجد الأقصى وسقفه وسجاده وزخارفه النادرة وكل محتوياته من المصاحف والأثاث، وتضرر البناء بشكل كبير، ما تطلب سنوات لترميمه وإعادة زخارفه كما كانت.

وقد جاءت النيران التي سببها الحريق وقتها على ثلث مساحة الأقصى الإجمالية، باحتراق ما يزيد عن 1500 متر مربع من المساحة الأصلية البالغة 4400 متر مربع، ما أدى إلى حدوث ضرر بليغ في الأبنية، والأعمدة حيث سقط سقف المسجد على الأرض نتيجة الاحتراق، وسقط عمودان رئيسان مع القوس الحامل للقبة، كما تضررت أجزاء من القبة الداخلية المزخرفة والمحراب والجدران الجنوبية، وتحطم 48 شباكا من شبابيك المسجد.

ووقتها قطع سلطات الاحتلال الماء عن المصلى القبلي ومحيطه، وتباطأ في إرسال سيارات الإطفاء، ما اضطر المواطنون إلى المبادرة لإخماد النيران، وإنقاذ القبلة الأولى للمسلمين.

ووقتها اكتفت سلطات الاحتلال بإلقاء القبض على المتطرف الذي أشغل النيران، ونقلته إلى مستشفى للأمراض النفسية، لتنقله بعد فترة ليست طويلة إلى أستراليا، وروج في حينه خرافة قال فيها: إنه قام بفعلته بأمر من الله.

وقد أثار الحريق استنكارا دوليا، واجتمع مجلس الأمن الدولي وأصدر قراره رقم 271 لسنة 1969، بأغلبية 11 صوتا وامتناع أربع دول عن التصويت من بينها الولايات المتحدة الأميركية، حيث جاء في القرار أن مجلس الأمن يعبر عن حزنه للضرر البالغ الذي ألحقه الحريق بالمسجد الأقصى، ويدرك الخسارة التي لحقت بالثقافة الإنسانية نتيجة لهذا الضرر، فيما جرى إعادة ترميم المسجد ومنير صلاح الدين، في العام 1970.

ووقتها كانت الظروف التي يمر فيها المسجد من عمليات تهويد واقتحام، تشابه لما يعايشه الآن، وربما الظروف الحالية أكثر وطأة، بهدف طمس الهوية الحضارية الإسلامية لمدينة القدس.

جدير ذكره أن سلطات الاحتلال تعمل بكل الطرق من أجل تقسيم المسجد مكانيا وزمانيا، رغم تأكيدات المنظمات الدولية المختصة، بأنه لا يوجد أي علاقة لليهود بالأقصى، وقد بنت منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة في أكتوبر من العام 2016، قرارا يؤكد أن المسجد الأقصى في القدس تراث إسلامي، حيث أقر المجلس التنفيذي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونيسكو) مشروع قرار عربي يطالب القرار إسرائيل بوقف الانتهاكات ضد المسجد الأقصى والعودة إلى الوضع التاريخي الذي كان قائماً قبل العام 1967.

ويؤكد مشروع القرار الذي تم تبنيه ليصبح قراراً نافذاً أن المسجد الأقصى هو موقع إسلامي مقدس وأن ساحة البراق وباب الرحمة وطريق باب المغاربة أجزاء لا تتجزأ منه.

وفي السياق، أكد المجلس الوطني الفلسطيني، على التمسك بالقدس عاصمة لدولته المستقلة ذات السيادة، وقال إن الشعب الفلسطيني سيواصل دفاعه عن المقدسات الإسلامية والمسيحية فيها، وأضاف في بيان أصدره بهذه المناسبة المؤلمة، تحل علينا ونيران تطبيع بعض ذوي القربى تحرق كافة التزاماتهم القومية والدينية تجاه المسجد الاقصى، وتعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل تنفيذا لصفقة ترمب وتؤكد سيادة الاحتلال على المقدسات الإسلامية والمسيحية فيها وتقر بروايته الدينية والتاريخية تجاه مسرى رسول الله ومعراجه الى السماء.

وأكد المجلس موقف القيادة الفلسطينية الرافض لاتفاق التطبيع بين دولة الإمارات وحكومة الاحتلال، برعاية ودعم إدارة ترمب، والرامي إلى تكريس سياسة التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي على حساب حقوق شعبنا المشروعة.

وطالب المجلس، منظمة التعاون الإسلامي وبرلماناتها، التي تأسست بعد حريق المسجد الأقصى بالدفاع عن المسجد الأقصى وحمايته، وتوفير الدعم المادي والسياسي العاجل لمدينة القدس.

وأكدت حركة فتح أن القدس ومقدساتها الاسلامية والمسيحية هي تجسيد لضمير الأمة العربية ورمز وجودها، وأن أي تنازل أو تخلٍ عن القدس هو خيانة واستسلام للمشروع الصهيوني الاستعماري وللرواية الصهيونية الزائفة حيال القدس والمسجد الأقصى المبارك أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.

وشددت في بيان لها على أن الشعب الفلسطيني سيواصل كفاحه بإصرار أكبر من أجل تحرير القدس ومقدساتها، رغم تخاذل المتخاذلين وبيع ضميرهم للشيطان، وأن القدس ستبقى وستكون العاصمة الابدية للدولة الفلسطينية العربية الحرة والمستقلة.

من جهتها قالت حركة حماس، في هذه الذكرى إن المسجد الأقصى خط أحمر مشددة على أن أي اعتداء عليه سيوَاجه بمقاومة باسلة من شعبنا الذي لن يسمح للنار أن تمتد إليه مرة أخرى، وأضافت في بيان لها اليد التي تمتد إليه بالأذى والتدنيس ستقطع، لافتة إلى أن إبعاد المرابطين واعتقال الشيخ رائد صلاح ما هو إلا محاولة للنيل من المسجد الأقصى.

وشددت على أن عمليات التطبيع مع الاحتلال مرفوضة رفضا قاطعا، ومستهجنة، ولن تعدو كونها طعنة في قلب القضية الفلسطينية، وخيانة للمسجد الأقصى والقدس وفلسطين، وقالت لم يخمد بعدُ أُوار النار التي أُضرمت في جدران وجنبات المسجد الأقصى المبارك منذ عام 1969؛ فرائحة الحقد الصهيوني الأسود ما زالت تفوح، والمكائد ما زالت متربصة بالمسجد الأقصى لتنفيذ المخططات الإجرامية بحقه، بدءا من نية الاحتلال تقسيم المسجد زمانيا ومكانيا، وصولاً إلى فكرة هدمه وإقامة هيكلهم المزعوم مكانه.

وذكرت أن الذكرى الأليمة تمر هذا العام وقد لفّت سماء القدس غمامة جديدة لتجعل من ظلمة الاحتلال أكثر حلكة وسوادًا، وتابعت فبعض الأنظمة العربية اختارت أن تهرول نحو الاحتلال والارتماء في أحضانه، وتطبيع العلاقات معه بدلاً من الوقوف إلى جانب مسجدهم وصد العدوان الصهيوني المتواصل عليه.

وقالت جبهة النضال الشعبي الفلسطيني إن الذكرى الـ51 لإحراق المسجد، تأتي في ظل تواصل الهجمة الاسرائيلية على مدينة القدس، باستمرار عمليات التهويد والاستيلاء على الأراضي وهدم المنازل، بهدف فرض الوقائع على الأرض، ومحاولات التقسيم الزماني والمكاني للحرم.

حريق المسجد الأقصى

القدس- غزة- القدس العربي

مقالات ذات صلة