المقالات

معرفة الله ! قصة واقعية

د. نزار محمود

قبل أعوام كنت أعرف أحدهم في برلين وهو من الموصل، وكان قد أصابته لوثة جنون على أثر ظروف عائلية لم تسعفها ثقافته المحدودة وايمانه المهزوز وانتهى به الأمر الى الانتحار!

مررت به يوماً في محل يقوم بتأجير أفلام الفيديو مع صديق لكلينا. وكان الصديق قد حدثني، ونحن في الطريق الى صاحبنا، بأنه، اي صديقنا صاحب المحل، يعاني من اضطرابات نفسية حادة، وأنه قام بتمزيق صفحات من المصحف الكريم!.

دخلنا المحل واستقبلنا صاحبنا بابتسامة عريضة وفرح غامر. أحسست بالارتياح وحاولت أن أبدد ما إرتسمت في ذهني من صورة حالته.

بعد تبادل التحيات المعتادة، سارع صاحبنا بسؤالي: هل يمكنني معرفة الله؟! فاجأني بالسؤال وأعاد بعض الشيء ما حاولت تبديده من صورة وضعه المخزنة لدي. أجبته: نعم. ولكن كيف؟ سارعني بالسؤال التالي. قلت له يا أخي، وقد وقعت عيناي على آلة حاسبة يدوية، وهي من نوعية كاسيو، فقلت له: أنت تستعمل هذه الحاسبة في عملك وتثق بها. هل هذا صحيح؟ أجاب نعم! لكنك لم تقم باختبار صحة حسابها على جميع العمليات الحسابية الممكنة والتي قد تبلغ حد اللانهاية! لكنك على الرغم من ذلك تصدقها وتؤمن بصحة عملها. أليس كذلك؟ أجاب ثانية بنعم.

قلت له: يؤمن الكثيرون، كما آمن الأكثر من قبلهم، بأن هناك دلائل كثيرة على وجود الخالق للكون وتسييره، لكنهم بالتأكيد، وكما هو حالك مع الحاسبة، لم يتددللوا على كل شيء لغرض ايمانهم!. وأضفت: واذا أردت أن تعرف الله حقاً فعليك معرفة كل شيء أولاً كشرط لهذه المعرفة. عليك أن تعرف كل شيء في الكون من فيزياء وكيمياء وحساب وفلك وعلم نفس واجتماع ولغات وغيرها الكثير وتحصل على شهادات معرفة تامة بتلك العلوم، وعندها ستحصل على شهادة معرفة الله!!

فلا تيأس يا صديقي، وإبدأ رحلة معرفة الله.

برلين، ٢٠/٨/٢٠١٩

مقالات ذات صلة