المقالات

خطاب محمود عباس اليوم في هيئة الأمم المتحدة .. والتحديات التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية ..!!

د.احمد محيسن - برلين في 2020/02/11

خطاب الأيتام على موائد اللئام ..!!

‏لقد انتظر اليوم شعبنا العربي الفلسطيني خطاباً للسّيّد محمود عبّاس في هيئة الأمم المتّحدة من نوع آخر .. غير الّذي تعوّدنا عليه من إنشاء السّيّد محمود عبّاس .. وذلك حسب التّصريحات الّتي أدلى بها مباشرة بعد الإعلان عن صفقة القرن .. حيث أعتقد شعبنا بأنّها ستكون بداية صحوة لمرحلة جديدة .. عنوانها ‏الوحدة الوطنيّة الحقيقيّة .. ومجابهة الإحتلال ‏صفّاً واحداً .. وإجباره على الرّحيل في مقاومة حقيقيّة بكلّ السّبل والوسائل .. تضمّ كلّ أبناء شعبنا العربي الفلسطيني ..!!

‏لقد شاهد شعبنا السّيّد محمود عبّاس في كلمته اليوم في بثّ مباشر من نيويورك في مقرّ هيئة الأمم المتّحدة .. ‏خيبة أمل حقيقيّة .. وهو يحيّي ضبّاط قوّات الإحتلال واصفاَ إيّاهم بأنّهم هم الّذين قاتلوا من أجل بلادهم .. وكأنّ الفلسطيني يحتلّ أرضهم .. كما قال بالصّوت والصّورة متقدّماً لهم بالشّكر على أنّهم أعربوا عن رفضهم لرؤية ترامب – نتنياهو في خطّة ما أسموه بصفقة القرن ..!!

وأما السّؤال الّذي يوجهه شعبنا العربي الفلسطيني للسّيّد محمود عبّاس الّذي يدّعي قيادة شعبنا هو:

هل قاتل هؤلاء الضباط المجرمون من أجل بلادهم ودفاعاً عن أراضيهم المحتلّة يا محمود عباس ..؟!

أم أنّهم قوّات إحتلال مغتصِبة لبلادنا ولشعبنا ولحقوقنا ولمقدّساتنا ..؟!

ويسألك شعبنا يا سيّد محمود عبّاس .. من الّذي فوّضك للتّحدث بإسم ثلاثة عشر مليون فلسطيني كما تدّعي .. ؟! وقد انتهت ولايتك قبل أكثر من عقد من الزمن .. وقد أتت نتيجة انتخابات أجريت في الضّفّة وغزّة فقط .. وحصلت فيها على ما يعادل 25% من أصوات الّذين يحقّ لهم الإنتخاب .. وذلك دون مشاركة ما يقارب سبعة ملايين فلسطيني .. لم ‏يُشاركوا في الإنتخابات ويعيشون خارج فلسطين .. ولَم يُستشاروا ولَم يُساهموا في اختيار قيادتهم .. لأنّ حضرتك تختطف مؤسّساتهم وتستثنيهم وتستبعدهم .. من المشاركة في تحمّل مسؤليّاتهم في صناعة القرار الفلسطيني ..؟!

لقد أكّد السّيّد محمود عبّاس في كلمته اليوم في هيئة الأمم ‏المتّحدة .. بطريقة ملفتةٍ للإنتباه ومقزّزة في بعض المحطّات .. على أنّه ما زال يحارب الإرهاب .. وأنه سيبقى يحارب الإرهاب مهما حصل .. ‏وكأنه يوصل رسائل ويؤكّد على أمر ما ..!!

فعن أيّ إرهاب يتحدث السّيّد محمود عبّاس .. وأيّ إرهاب تحاربه في فلسطين يا سيّد محمود عبّاس ..؟!

‏نعتقد بأنّ المقصود بهذا الكلام هو أنّ ‏السّيّد محمود عبّاس .. ‏يُذَكِّر على أنّه قد أخذ على عاتقه وتعهّد بأن يتصدّى للمقاومة ضدّ الإحتلال ‏ويحاصرها .. ويمنع إندلاع أي إنتفاضة لمجابهة الإحتلال .. ويقف ضدّ إرادة شعبنا في مقاومة المحتلّ ..!!

إنّ الإرهاب الموجود على أرض فلسطين .. هو إرهاب دولة الإحتلال ضدّ شعبنا الّذي يجب أن يجابهه .. فتفضّل يا سيّد محمود عبّاس وأري شعبنا كيف تحارب هذا الإرهاب .. ‏الّذي يغتصب أرضنا وشعبنا ومقدّساتنا ..!!

‏كما وأكّد السّيّد محمود عبّاس في خطابه اليوم .. على أنّه ما زال ملتزماً باتّفاقيّة أوسلو اللّعينة وكلّ بنودها وملحقاتها .. وهي الّتي طحنتها جنازير دبّابات الإحتلال وأنهتها فعليّاً .. ‏ ‏ومارست ثلاثة حروب دمويّة عدوانيّة على أهلنا في قطاع غزّة الصّامدة .. ‏وقتلت الآلاف من أبناء شعبنا في الضّفّة وغزّة .. كما وشكّلت أوسلو غطاءً للإحتلال في الإستمرار بعدوانه ضدّ شعبنا ومقدّساته .. حيث تضاعف الإستيطان خمسة أضعاف .. ومصادرة الأراضي .. وتهويد القدس .. وبناء سور الفصل العنصري .. والإعدامات الميدانية .. واعتقال أكثر من 6000 من أبناء شعبنا الّذين ما زالوا يقبعون خلف القضبان في سجون الإحتلال .. ‏وحصار ‏أهلنا في قطاع غزّة الّذي ‏ما زال مستمرّاً أكثر من عقد من الزّمن .. ‏هذا حصاد ما خلّفته لشعبنا اتّفاقيّة وآفة أوسلو الّتي هندسها ووقّع عليها بيديه السّيّد محمود عبّاس .. وما زال ملتزماً بها ويفتخر بها على أنّها من إنجازاته العظيمة ..!!

‏لم يتطرّق السّيّد محمود عبّاس في كلمته اليوم في هيئة الأمم ‏ المتّحدة ‏ لذكر معاناة شعبنا الحقيقيّة جرّاء ممارسة عدوان الإحتلال .. في الوطن ودول المنافي في الشّتات .. ولَم يذكر شهداء فلسطين ولم يترحّم عليهم .. ولكنّه ترحّم على روح المجرم إسحق رابين .. وهو الجنرال الّذي احتلّ أراضي الضّفّة الغربيّة .. وعمل على تكسير عظام أبناء شعبنا في الإنتفاضة الأولى .. كما ويفتخر ‏السّيّد محمود عبّاس بأنّه قام بهندسة إتّفاقيّات أوسلو ثنائيّاً بالسّرّ مع دولة الإحتلال .. دون علم أحد .. ويتحدّى العالم إن كان يعلم أحد غيرهم بهذه الإتّفاقيّة ‏وهندستها وتفاصيلها .. وهي الّتي أوصلت شعبنا إلى هذا الحضيض وهذه الهاوية ..!! ‏

كما ويقول ‏السّيّد محمود عبّاس في معرض خطابه .. حتّى لو اعتبرنا الأراضي الفلسطينيّة هي ليست لنا .. بل هي أراضٍ مختلف عليها .. فلا يحق لدولة إسرائيل أن تعاملنا بهذه الطريقة ..!!

‏ ‏وقد أبدى السّيّد محمود عبّاس استعداده ‏ورغبته مجدّداً .. للبدء في المفاوضات ‏إذا وجد شريك في إسرائيل فوراً .. قال أنه مستعدّ لذلك فوراً فوراً ومن مكانه الآن في هيئة الأمم المتّحدة .. ‏ويؤكّد على أنّه لن يلجأ إلى العنف في التّعامل مع الإحتلال .. وأنّه متمسّك بالسّلام وبدون ممارسة عنف كما قال .. ويؤكّد على تعاونه مع أيّ دولة ‏لمحاربة الإرهاب ‏وكرّرها عدّة مرّات ..!!

صحيح أنّ السّيّد محمود عبّاس في خطابه اليوم قد قدّم رفضه اللّفظي لصفقة القرن .. وأكّد على تمسّكه بحلّ الدّولتين أيضاً .. ‏وقد استمرّ هذا الأداء وهذا الطّرح وهذا الخطاب من خلال مفاوضات عبثيّة مستمرّة ‏ منذ ما يقارب السّبعة وعشرون عاماً .. تحت يافطة الحياة مفاوضات .. ‏ وأتت النّتيجة اليوم لحصاد أوسلو والمفاوضات والرّدّ على سلميّة السّيّد محمود عبّاس هي صفقة ترامب – نتنياهو .. الّتي تهدف إلى تصفية القضيّة الفلسطينيّة ..!!

إنّ الحقوق تنتزع انتزاعاً ولا تستجدى استجداءً ..!!

‏لم يهدّد السّيّد محمود عبّاس كما وعد ‏من خلال تصريحاته بعد الإعلان عن صفقة القرن بأيّام معدودة .. بأنّه سيسحب الإعتراف بدولة الإحتلال ..!!

لم يهددالسّيّد محمود عبّاس بالإنسحاب والتّخلص ومغادرة مربّع أوسلو رسميّاً ..!!

لم يهدّد السّيّد محمود عبّاس بإيقاف التّنسيق الأمني كما قال ووعد ..!!

لم يهدّد السّيّد محمود عبّاس بحلّ السّلطة كما قال ووعد ..!!

لم يهدّد السّيّد محمود عبّاس بإطلاق يد الإنتفاضة والمقاومة الّتي تجبر الإحتلال على الرّحيل ..!!

‏لقد وجه ‏السّيّد محمود عبّاس اللّوم إلى الإدارة الأمريكيّة على قطع المساعدات الماديّة للسّلطة ‏.. ‏ وبهذا الأداء استجداء الإدارة الأمريكية المنحازة ‏حتى النّخاع إلى دولة الإحتلال .. وهذا آداء لا يليق بشعب يرزح تحت نير الإحتلال الّذي يستوجب المقاومة حتّى الرّحيل ..!!

‏لم يتوقّف ‏محمود عبّاس وأجهزته الأمنيّة عن ممارسة الإعتقالات لأهلنا في الضّفّة المحتلّة .. كما ولم يتوقّف عن المساهمة في حصار أهلنا في قطاع غزّة ومعاقبتهم ..!!

كما وأنّه لم يدعو الإطار القيادي المؤقّت لمنظّمة التّحرير الفلسطينيّة ‏كما تمّ الإتفاق عليه منذ سنوات ‏مع الكلّ الفلسطيني .. ولم يعمل على إعادة الإعتبار لمنظّمة التّحرير ودوائرها ومؤسساتها وإعادة تشكيلها لتضمّ الجميع .. لكي يساهم الكلّ الفلسطيني في ‏اتّخاذ الخطوات اللازمة صفّاًّ واحداً .. في مواجهة صفقة القرن والمخطّطات الّتي تهدف إلى تصفية قضيّتنا الفلسطينيّة ..!!

‏إنّ السّيّد محمود عبّاس لم يبدي أيّة جهوزيّة حقيقيّة من خلال خطوات فعليّة عمليّة على الأرض .. تستنفر جماهير شعبنا وتصعّد وتيرة الإنتفاضة في مواجهة إعلان ترامب الإستعماري .. الّذي يهدف إلى الإجهاز على القضيّة الفلسطينيّة ..!!

إنّه خطاب تسوّل واستعطاء على أبواب المؤسّسات الدّوليّة ‏في هيئة الأمم المتّحدة في نيويورك .. إنه خطاب الأيتام على موائد الّلئام .. ولا يليق هذا الخطاب بتضحيات شعب الجبّارين المقاومين ولا بشعب الشّهداء والجرحى والمعتقلين ..!!

مقالات ذات صلة