اخبار الوطن العربي

استيلاء حكومة الوفاق على “الوطية” ضربة قوية لحفتر وداعميه وانتصار كبير لاردوغان

استيلاء حكومة الوفاق على “الوطية” ضربة قوية لحفتر وداعميه وانتصار كبير لاردوغان.. هل ستكون اول قاعدة تركية في شمال افريقيا؟ ما هي السيناريوهات الخمسة التي نتوقعها بعد هذا الاختراق؟ وهل تقبل مصر والامارات وفرنسا والسعودية بهذه الهزيمة ام ستلقي بكل ثقلها خلف جنرالها؟

سيطرة قوات حكومة الوفاق الليبية المعترف بها دوليا والمدعومة من تركيا على قاعدة “الوطية” العسكرية (على بعد 140 كما جنوب غرب طرابلس) يشكل ضربة قوية للجنرال خليفة حفتر والدول الداعمة له خاصة مصر وروسيا والامارات وفرنسا والسعودية، وربما تشكل هذه السيطرة بداية النهاية لطموحاته في السيطرة على الساحل الغربي الليبي، والعاصمة طرابلس التي يحاصرها على وجه الخصوص، الا اذا وضعت الدول الداعمة له كل ثقلها خلفه تماما مثلما فعلت تركيا مع فايز السراج.

اللافت ان الاستيلاء على هذه القاعدة الاستراتيجية اليوم الاثنين، تم دون مقاومة حقيقية من القوات المتمركزة فيها، فالسيد مصطفى الجمعي، المتحدث باسم قوات عملية “بركان الغضب” التي هاجمت القاعدة، قال “ان السيطرة جاءت بعد انسحاب آخر المقاتلين الباقين في القاعدة ممن يتبعون الجنرال حفتر دون إراقة دماء”.

السؤال المطروح الآن هو حول الأسباب التي تكمن خلف عدم الدفاع عن هذه القاعدة العسكرية الجوية الأكثر تحصينا في ليبيا، والتي أقامها الامريكيون في اربعينات القرن الماضي، وتمتد على مساحة 50 كيلومترا مربعا، وتوجد فيها مهابط طائرات، ومخازن أسلحة، وتتسع لأكثر من 7000 جندي، فهل تم الانسحاب واخلاء القاعدة نتيجة اتفاق جرى التوصل اليه بين القوى المتقاتلة لحقن الدماء، او نتيجة ليأس الجنرال حفتر من إمكانية الصمود او لحدوث انهيار في صفوف القوات المتحصنة فيها؟

احتمال الانسحاب دون مقاومة، حسب آراء خبراء عسكريين اتصلت بهم “رأي اليوم” جاء نتيجة اتفاق مسبق جرى التوصل اليه اثر “وساطة ما” امر مستبعد، لان قوات الوفاق التي سيطرت على القاعدة، وتجولت كاميرات محطاتها التلفزيونية، كشفت عن وجود مخازن أسلحة مليئة بالذخائر والمعدات العسكرية، ولو كان الانسحاب باتفاق لجرى اخلاء هذه المخازن والمعدات مسبقا.

هناك مدرسة أخرى تقول ان بعض داعمي الجنرال حفتر، وخاصة روسيا وفرنسا، باتوا غير راضين عن بعض قراراته الأخيرة، وخاصة تسمية نفسه حاكما على ليبيا، وإلغاء اتفاق الصخيرات، وخلافه مع السيد عقيله صالح، رئيس “برلمان طبرق” المنتخب والوحيد المعترف به دوليا، فروسيا أعلنت رسميا على لسان وزير خارجيتها سيرغي لافروف رفضها وادانتها لهذه القرارات، وفعلت فرنسا الشيء نفسه، بينما التزمت الحكومتان المصرية والاماراتية الصمت.

من الواضح ان حالة “عدم الرضا” هذه من قبل الحلفاء، وعدم مسارعتهم لدعم الجنرال حفتر بعد سقوط معظم مدن الساحل الغربي الممتد من طرابلس حتى الحدود التونسية، في مقابل دعم لوجستي وعسكري وبأعداد كبيرة من المقاتلين من قبل الرئيس رجب طيب اردوغان لحكومة الوفاق ربما يؤكد حالة عدم الرضا هذه.

عامل آخر يعزز هذه الفرضية، وهو ان الدول الداعمة للجنرال حفتر مثل الامارات ومصر وروسيا وفرنسا والسعودية، تتفق على امر واحد أساسي، وهو عدم ارسال أي من قواتها للقتال في ليبيا، وتكتفي بإرسال المعدات العسكرية وتمويل قوات المرتزقة من السودان وتشاد، لتجنب وقوع خسائر بشرية في صفوفها في حال ارسالها تنعكس سلبا في أوساط مواطنيها.

الرئيس التركي رجب طيب اردوغان في المقابل وضع ثقله خلف حكومة الوفاق، واقام جسرا جويا لدعمها بأحدث الأسلحة والعتاد الحربي، والطائرات المسيّرة، والمنظومات الدفاعية الجوية الحديثة، حسب ما قال لنا مصدر عسكري ليبي “محايد”، بالإضافة الى 7 الاف مقاتل من الجماعات الإسلامية المتشددة، بينهم سوريون وتركمان وشيشانيون وايغوريون الى جانب المستشارين العسكريين الاتراك، واعلن الرئيس التركي مبكرا عن قرب وصول “اخبار جيدة” من جبهات القتال الليبية، وها هي نبوءته تتحقق اليوم بالإعلان عن سقوط قاعدة “الوطية”.

سؤال آخر على درجة كبيرة من الأهمية لا بد من طرحه وهو: كيف سيكون المشهد العسكري والسياسي الليبي بعد هذا الاختراق الكبير لقوات حكومة الوفاق، وكيف سيكون رد الجنرال حفتر والقوى الداعمة له، على هذه الهزيمة الميدانية؟

هناك عدة احتمالات نوجزها في النقاط التالية:

أولا: ان تكون القوى الداعمة للجنرال حفتر قد وصلت الى حالة من اليأس حول إمكانية استعادته للعاصمة طرابلس، وقررت عدم دعمه ولو مؤقتا، للضغط عليه لإبداء مرونة تجاه مقترحات مؤتمري موسكو وبرلين حول الحل السلمي التي رفضها.

ثانيا: ان تتخلى هذه الدول عن حذرها، وتتدخل بشكل مباشر في الازمة الليبية وترسل قوات برية وبحرية وجوية، أي تلقي بكل ثقلها في الحرب لعدم تحقيق “غريمها” التركي الحسم العسكري، وتعزيز حكومة الوفاق، والفوز بقاعدة تركية عسكرية في “الوطية” على غرار قاعدته في قطر، وهنا نحن امام حرب إقليمية كبرى.

ثالثا: ان تتراجع قوات خليفة حفتر الى قواعدها في الشرق، وتتخلى عن طموحاتها في السيطرة على العاصمة طرابلس.

رابعا: ان تعود مسألة تقسيم ليبيا الى ثلاثة أقاليم مثلما كان عليه الحال قبل توحيدها من قبل الملك ادريس السنوسي برعاية دولية، أي طرابلس في الغرب، وبرقة في الشرق، وفزان في الجنوب.

خامسا: انطلاق مفاوضات جديدة للتوصل الى حل سلمي للازمة الليبية، واتفاق سياسي جديد يكون بديلا عن اتفاق الصخيرات، ويرتكز على مبادرة السيد عقيلة صالح رئيس البرلمان المنتخب والمدعوم قبليا، التي تنص حسب التسريبات على تشكيل مجلس رئاسي جديد يتكون من رئيس ونائبين منتخبين يمثل ثلاثتهم أقاليم ليبيا الثلاثة، وتعيين مجلس وزراء مستقل لا يكون رئيسه من منطقة رئيس المجلس الرئاسي، وتشكيل لجنة مستقلة لوضع الدستور الجديد.

لا نستبعد العودة الى المفاوضات على أساس مبادرة السيد صالح مع بعض التعديلات والعودة بالتالي الى الحل السياسي في الأيام والاسابيع المقبلة.

رد فعل الدول الداعمة للجنرال حفتر على هذا الاختراق الكبير في الغرب الليبي والسيطرة على قاعدة “الوطية” تحديدا هو الذي سيحدد طبيعة التحركات المقبلة سلما او حربا، واللافت ان هذه الدول تلتزم الصمت حتى كتابة هذه السطور.

الرئيس اردوغان كسب هذه الجولة، وحكومة الوفاق وانصارها يحتفلون بنصرهم، ولكن هل تطول فترة احتفالاتهم هذه وتمتد الى دخول قواتهم ترهونة وسرت وبني الوليد؟

لا نملك إجابة قاطعة، والمفاجآت متوقعة، والسيد السراج لم يجزم بالنصر الكامل، وانما تحدث عن كسب معركة مهمة.. وما علينا الا الانتظار.

“راي اليوم”

مقالات ذات صلة