المقالات

يوم القدس تحول بنشاط محور المقاومة الى يوم “الحرية” عالميا

قائد الثورة الايرانية سماحة الامام آية الله خامنئي ، كان واضحا في رسم وتحديد أهداف الثورة تماما كماهي أهداف الشعوب المظلومة والمنهوبة والمسلوبة حقوقها كبقية الشعوب: –

مسلوبة من حق الشعوب في تقرير المصير

مسلوبة من حق الشعوب في الحرية

مسلوبة من حق الشعوب في الاستقلال والبناء والتنمية والازدهار.

وكان واضحا كما هم ثوار فلسطين الحقيقيون بتحديده أدوات القهر والظلم والاستعباد والنهب والحرمان، وهنا نتوقف لتفحص: مرحلة جديدة وتوازن جديد

لخص القائد الثوري آية الله خامنئي مساهمات كل القادة الاسلاميين ، وقادة المقاومة بمحاورها العديدة في يوم القدس بقوله: “هدفنا تحرير فلسطين من البحر للنهر، والجهاد لتحرير فلسطين هو جهاد في سبيل الله”، كثيرون قالوا هذا الكلام ومنهم أنا لكن أن يأتي هذا الكلام من السيد علي خامنئي ، فله معنى آخر ومترتبات اخرى وخطط متفرعة ومتشعبة ومتعددة تصب كلها في خانة واحدة: –

هي وحدة أداة المقاومة في وجه العدوان والظلم والبطش الاميركي الاسرائيلي ، وهي اعلان عن مرحلة أرقى من التنسيق والتكامل والتعاضد بين جبهات المقاومة وفصائلها .

لم يقل القائد خامنئي يوما كلاما لايعنيه بحرفيته، ولم يتخذ موقفا لايستطيع ترجمته على أرض الميدان ، وتوقيت الاعلان عن هدف تحرير القدس وفلسطين جاء مرتبطا بيوم القدس من ناحية – وحسب تقديري – ارتباطا بارتفاع مستوى قدرات ايران، وفصائل المقاومة على التصدي لأي عدوان اميركي واسرائيلي ورجعي ، كان الموقف صلبا ككلمته ، وكان الوعد قاطعا كسيف الحق لذلك نقول ان التوازن في القوى، هو الذي لعب دورا في توقيت هذا الاعلان المقدس.

كلمة خامنئي في يوم القدس، كانت الاشارة لكافة القوى الخيرة … قوى مقاومة العدو ومخططاته ان ميزان القوى لن يميل لصالح العدو أبدا فالتوازن بحد ذاته هو كسر القاعدة التي سار عليها العالم تجاه اسرائيل ذاتها منذ عام 1948، وهي القاعدة التي تنص على “الحفاظ على تفوق اسرائيل العسكري والتقني على كافة الدول المتصدية لاسرائيل”، لذلك لم يزود عبدالناصر بالسلاح القادر على الحاق الهزيمة باسرائيل ، ولذلك أوقف السادات جيوش مصر الشجاعة التي عبرت قناة السويس ، لكن رغم ذلك تلقت اسرائيل قبل انشاء غرفة عمليات لفصائل المقاومة ضربات هزتها وهزمت أسطورة الجيش الذي لايقهر ، وكانت المعارك التي خاضتها اسرائيل عدوانا على الشعبين اللبناني والفلسطيني معارك زج فيها العدو كامل قواته البرية والبحرية والجوية والصاروخية.

هذه الهزائم حصلت عندما كان ميزان القوى يميل لصالح اسرائيل ، أما اليوم فهنالك توازن في القوى مما يجعل اسرائيل مضطرة لاجراء حساباتها أكثر من مرة قبل الاقدام على أي عدوان لكن هذا لايلغي ولا ينفي أن العدو يهيء نفسه باستمرار للعدوان على القوى الثائرة على الاحتلال وقضم الأرض والثورة على حساب شعب فلسطين وشعب لبنان وشعب سوريا.

وأعلن العدو على لسان رئيس وزرائه نتنياهو أن الأول من تموز، هو تاريخ ضم أراضي الضفة الغربية والأغوار، وأن هذه فرصة تاريخية لاسرائيل يجب ألا تفوتها ، ليس هذا فحسب بل أعلنت رئاسة الأركان الاسرائيلية عن وضع استراتيجية “دفاعية”، جديدة للحدود مع لبنان وسوريا تحمل اسم “الرياح”.

اسرائيل تستعد لحرب، وتجري حساباتها بتأن خشية وقوع نتنياهو في خطأ قد يكلف اسرائيل وجودها، ولهذا أعلن هو الآخر ردا على نتائج “يوم القدس”، والمواقف الصادرة عن الاجتماع الذي عقد في طهران حول القدس رد نتنياهو بقوله: “ان أخطر أعداء اسرائيل هي ايران وكافة التشكيلات المرتبطة بايران، وسوف نلاحق ايران والجماعات التي تتبعها في كل مكان وكل زمان”.

وجاء الرد سريعا من ايران، ومن مختلف فصائل المقاومة في تزامن يشكل بحد ذاته رسالة لواشنطن وتل ابيب، صدرت الأوامر بكسر الحصار وارسال أربع ناقلات نفط ووقود عملاقة الى فنزويلا المحاصرة من قبل الولايات المتحدة، وأعلنت طهران تحذيرها لواشنطن بعدم خلق أية مشاكل أو عقبات لناقلاتها التي تبحر بشكل حر في المياه الدولية، وتتوجه الى فنزويلا التي تحاصرها واشنطن بقرار أحادي الجانب .

لكن هذا التحدي الذي نجح في كسر هيبة ورهبة الانذارات الاميركية لم يكن مستندا الى موقف فلسفي أو سياسي فقط ، بل كان مستندا الى خطة دفاع قوية هيأتها هيئة الأركان الايرانية للاستخدام في حال تعرض الناقلات للاعتداء من قبل واشنطن .

التحدي الفنزويلي الايراني كان الخطوة الاولى بعد اعلان القدس على لسان خامنئي … الخطوة التي تشير الى استناد طهران لتوازن في القوى يجعل كافة الأطراف تدقق في حساباتها .

فلسطين والوعد: –

كافة الأطراف، وأولها واشنطن تجري حسابات سريعة لما يمكن أن يحصل في بداية تموز أي التاريخ الذي حدده نتنياهو لضم الضفة والأغوار، فهل يحصل الصدام؟ وماهو شكله؟

الصدام سوف يقع حتما اذا لم يتراجع نتنياهو عن ضم الضفة وبسط سيادة الاحتلال عليها وكذلك الأغوار وشمال شرق البحر الميت ، ولم يكن نشر الأوامر التي أصدرها الرئس روحاني من باب الدعاية، بل من باب تأكيد جدية طهران في التصدي لمخطط تدمير فلسطين كقضية شعب فقد (أمر كافة الهيئات التنفيذية في ايران بالشروع عمليا في التحضير للرد على أي خطوة تتخذها اسرائيل من شأنها تعريض استقرار وأمن المنطقة للخطر)، وكشف النقاب من خلال مقابلة السيد حسن نصرالله مع اذاعة النور أن أهم مبدأ يربط أطراف محور المقاومة، هو أن الاعتداء على طرف من أطراف المقاومة سوف يفتح الباب أمام كافة فصائل محور المقاومة للدفاع عن هذا الطرف، والتصدي لاسرائيل.

وأكد السيد حسن نصرالله أن على اسرائيل أن تجري حساباتها بدقة في زمن التوازن، وأكد أن فصائل المقاومة كافة ملتزمة باستراتيجية العمل الكفاحي لتحقيق الهدف الأسمى، وهو تحرير كامل فلسطين، وقال: “لا أشك أبدا في أننا سنرى المستوطنين الصهاينة يعودون الى البلاد التي جاؤا منها”، وأعطى السيد نصرالله البعد الحقيقي للكفاح والجهاد ضد الكيان الصهيوني قائلا: “ان هذا الكيان ليس كيانا دينيا – أو يهوديا – انه كيان عنصري لابد من ازالته والحرب ضد العنصرية ، هي حرب عالمية الأبعاد واقليمية ووطنية”.

لقد وضعت فصائل المقاومة استراتيجيتها ، ونسقت ذلك مع كافة الأطراف لذلك سيلجأ العدو وبأسرع وقت للرد ” دون حرب”، باثارة قلاقل ومشاكل داخل سوريا ولبنان وفلسطين واليمن بهدف زعزعة قدرة الفصائل المقاومة على تحقيق برنامجها بالتحدي والتصدي .

تلوح في الأفق أكثر من أي وقت مضى عواصف الصدام بين الكيان العنصري ومحور المقاومة ، وللشعب الفلسطيني دور أساسي لابد أن يقوم به بقيادة فصائل المقاومة .

الحرب بأشكال متعددة بدأت ، وسينهار نتنياهو وخططه ، وستهب الشعوب العربية في فلسطين والعراق وسوريا واليمن للقتال ضد الوجود الاميركي في المنطقة ، وضد الكيان العنصري الصهيوني .

كاتب وسياسي فلسطيني

مقالات ذات صلة