المقالات

إن لم تفعلوها فأنتم في دوائر الإتّهام ..

كان في مدينة أريحا يوم الإثنين الموافق 22/06/2020 ما أسموه بـ “مهرجان أريحا” رفضا لخطّة الضّم .. بمشاركة أعضاء الّلجنة المركزيّة لحركة “فتح عبّاس”.. ووزراء وقيادات فصائل .. والّلجنة التّنفيذيّة لمنظّمّة التّحرير الفلسطينيّة المُغَيّبىة .. وذلك حسب ما ورد في تقارير المُنَظّمين .. وما كان مُلفتاً للنّظر قبل البدء بالحفلة .. هي العبارات الّتي أطلقها عريف حفل وهلّيلة مهرجان أريحا إيّاه .. عبر مكبّرات الصّوت وعلى الأثير مباشرة .. هي عبارات هزّت مشاعر المُخلِصين من أبناء شعبنا .. وشعر بعد سماعها الجموع بالقرف والإشمئزاز .. حيث قال السّيّد العريف المقدّم .. “الرجاء إخلاء الصّفّ الأوّل .. يوجد شخصيّات “برجوازيّة ” .. وشخصيّات اعتباريّة وأعضاء لجنة مركزيّة ومدراء أجهزة ” ووو.. الخ .. نرفق تسجيلاً للفيديو للإطلاع ..

إننا لا نلوم المقدّم العريف للحفلة .. حيث أنّه مأمور ينفّذ ما يؤمر به .. من إشباع لغريزة مرضى الأنا المُنتفخة الّتي تعتري مشاهد هذه القيادة .. لقد عِشناها ونعرف بعضهم بالإسم والكِنية .. ومارسوها أمام أعيُننا بلا خجل .. أو بدون أن تحمرّ وجوههم .. خجلاً من حضور أمّهات الشّهداء والأسرى .. الّتي كانت تُشَرّف الأماكن .. إنّه مرض النّرجسيّة الّتي تسكن قلوب وأرواح هؤلاء .. إنّها حالة مرضيّة وظاهِرة سيّئة تدعو المرء للاشمئزاز منها .. هي ظواهر تتعارض وقِيَم الأخلاق والّلياقة .. هو مرض بعُقدة السّلطة والنّفوذ والتّسلّط .. مِن أهل السّلطة والنّفوذ والمال .. الّذين يجمعون من حولهم فرق المُطبّلين والمُزمّرين.. والأبواق والمسوّقين .. والمنتفعين والمنافقين .. أو مجموعات من السّحّيجة ..الّتي تمتهن التّسحيج على مسامع القيادات النرجسيّة .. وتُثني على سيادتهم وفضيلتهم ومعاليهم وعطوفتهم وسعادتهم .. وتمدح إنجازات فخامتهم وحِنكتهم وذكاءهم وقدراتهم .. وليكونوا ملفِتين للأنظار .. فلا بدّ من تغطية لحضورهم ولنشاطاتهم وأقوالهم وتحرّكاتهم ولقاءاتهم وزياراتهم وعلاقاتهم .. بكلّ وسائل الإعلام المُسَخّرة لهم .. من أجل إشباع غرائزهم وإبراز اسمائهم على الملأ ..

لقد كان الأحرى بهم تخصيص المقاعد في الصّفوف الأولى .. للجرحى ولذوي الشّهداء وللأسرى المحرّرين .. ولذوي الّذين يقضون المؤبّدات في سجون الإحتلال .. كان من المفترض أن يتقدّم الصّفوف المناضلات والمناضلين .. الّذين تجعّدت جلود وجوههم وخشنت أياديهم .. في خدمة الأرض والإنسان والمقدّسات .. وظّلوا ينافحون ضدّ الإحتلال في كلّ المواقع .. وكان من الواجب أيضاً .. أن تجلس في المقدمة الأم والأخت والجدّة والإبنة .. الّلواتي بقين يرفعن ألوية الصّمود والمقاومة والثّبات والرّباط .. وهن يساندن كفاح الإبن والأخ والزّوج ..

إنه أمر يدعو للسُّخرية والحُزن والأسى من هذه القيادة .. في ظلّ عصر قضم قضيّتنا قطعة قطعة .. لقد طال صمت شعبنا في الضّفّة المحتلة على تصرّفات هذه الطّبقة السّياسيّة المُتَنفّذة الرّعناء .. فإلى متى سيبقى قبول هذه الدّكتاتوريّة في فلسطيننا سيّد الموقف .. وأين نكون من كلّ ما يجري ويُحاك ضدّ قضيّتنا وشعبنا ..؟!

لقد حان الوقت من أن يتحرّر شعبنا من سياسة العبوديّة هذه .. الّتي تمارسها هذه القيادة بأساليب غير لائقة .. وتتغطّى وهي تفعل الموبقات بغطاء القيادة المتنفّذة في منظّمة التّحرير .. باعتبارها المُمثّل الشّرعي الرّسمي لشعبنا .. وتضع اسم المنظّمة في الواجهة كيافطة تُحلّل لها كلّ المُحرّمات والموبقات التي تقترفها .. وهي في الحقيقة قيادة انتهت مُدّة صلاحيّاتها في كلّ المواقع .. وهي قيادة فاقدة للتّمثيل الشّعبي الفلسطيني .. رغم تّمثيلها الرّسمي .. فإلى متى الصّبر على هؤلاء .. وقضيّتنا تُقْضَم كلّ يوم قطعة قطعة ..؟!

إنّ التّصدّي لسياسة ضمّ أراضي غور الأردن وأراضي في الضّفّة الغربيّة .. الّتي تتراوح مساحتها ما بين 30 إلى 40% من مساحة الضّفّة الغربيّة المحتلّة .. لا يمكن أن يقتصر رفض سياسة ضم الأراضي من قِبَل الإحتلال .. على أن يكون بالرّفض الّلفظي من هذه القيادة .. وبإقامة المهرجانات الخِطابيّة في الوطن المحتلّ كردّ على سياسة الضّمّ من قيادة بطاقات الــ في أي بي .. وأصحاب مصفّحات الرّنجات والعربات الفارهة .. وأهل الشّركات المُتَغوّلة على اقتصاد ومقدّرات شعبنا ..

فالردّ يكون بالمواجهة مع الإحتلال وقطعان المستوطنين .. هناك في ميدان المعركة على أرض الوطن .. مواجهة مع الإحتلال وسياسة نتنياهو وهم يقضمون أراضينا وفي نيّتهم تهجير شعبنا .. ولا يمكن أن يقبل هذا الشّكل من الرّدّ من قيادة شعبنا .. على عدوان يستهدف الوجود الفلسطيني .. بمهرجانات يتم خوض المعارك فيها على الجلوس في المقاعد الأماميّة .. إنه أمر مُعيب ومُخجل ..

ولكي يرحل الإحتلال .. لا يمكن أن يكون رحيله رحيلاً طوعيّاً .. كما ولا يمكن لكي يرحل الإحتلال .. أن يظل احتلاله مجانياًّ غير مكلّفاً .. فقصّروا الطّريق .. واعتبروا من التّاريخ .. واعتبروا من أفعال الشّعوب الّتي نالت الحرّيّة والإستقلال ودحرت الإحتلال ..

ولكي يرحل الإحتلال .. فلا بدّ من المُضيّ قُدُما على درب ومسيرة من تمسك بالمبادئ والمُنطلقات .. الّتي اجتمع عليها المخلصون من أبناء شعبنا .. عندما قرّروا أن يغيّروا واقعاً مريراً لئيما .. أراد العالم فرضه على شعبنا .. وقلبوا الطّاولة في وجوه من اعتبَرَنا قضيّة إنسانيّة لمجموعة من اللاجئين .. وأصبحت الثّورة العربيّة الفلسطينيّة هي الواقع الذي فرض نفسه .. الّتي وقف لها العالم احتراماً .. وأخذتموها بعد ذلك لأوسلو لتفرّخ سلطة بيت العنكبوت .. ويمنحكم الإحتلال من خلالها بطاقات الـ في أي بي .. ولتنشدوا نشيد ازرع ليمون ازرع تفّاح .. بدل طلّ سلاحي من جراحي ..

وبعد أن شاهد شعبنا هذه الحركات الإستعراضيّة من هذه القيادة في الأغوار الفلسطينيّة .. والتزاحم على الجلوس في مقاعد الصّفّ الأمامي في مهرجان الجيبّات والسّيّارات المصفّحة للتّصدّي لسياسة الضّمّ .. الّتي لا تُنهي أوتُزيل حاجزاً إسرائيليّاً عن الأرض .. نقول لكم بكل أخويّة .. ‏عودوا إلى رشدكم وإلى صوابكم .. لعلّها صحوة ضمير تصيبكم .. وكونوا مع شعبكم .. والتحموا والتصقوا بهموم أبنائكم .. وحكّموا ضمائركم .. واصنعوا فعلاً على الأرض يخدم قضيّتنا .. ويخدم أبناء شعبنا ويُخفّف من معاناتهم .. ‏وأعيدوا لشعبنا مؤسّساته وفي مقدّمتها منظّمة التّحرير الفلسطينيّة الحقيقيّة المُختَطَفة .. بمواثيقها الّتي انطلقت بها .. لتضمّ الكلّ الفلسطيني وتعود لحضن شعبها ولأصلها ولمكوّناتها ولمواثيقها ..

إنها فرصتكم اليوم لتنظّفوا أنفسكم وتتطهّروا .. وإنّكم ومن موقعكم .. ومن تحمّل مسؤليّاتكم .. باعتباركم القيادة الفلسطينيّة الرّسميّة أمام العالم والهيئات الدّوليّة .. فإنّ شعبنا يمنحكم الفُرصة ويطالبكم اليوم .. وقضيّتنا تقف على مفترق طرق .. وتمرّ في مراحل مصيريّة .. يُطالبكم شعبنا اليوم .. بأن تُطلِقوا يد شعبنا .. بالتّعامل مع الإحتلال المُعتدي على أراضينا وعلى شعبنا وعلى مقدّساتنا .. وبأن تُبيّضوا السّجون في الضّفّة .. وبأن تسحبوا الإعتراف بدولة الإحتلال .. وأن تُعلنوا إلغاء اتّفاقية أوسلو وتبعاتها وإفرازاتها ومُلحقاتها .. واتفاقية باريس الإقتصادية وأخواتها.. وبأن يتوج إلغاء إتفاقية أوسلو المهينة بحل السلطة.. والعودة لصيغة منظمة التحرير.. وبأن تقوموا بإيقاف فِعلي للتنسيق الأمني مع المُحتل .. وعُنوانه هو حلّ الأجهزة الأمنيّة .. ولا يمكن أن ينتظر شعبنا إنهيار السّلطة .. لأنّ انهيار السّلطة يعني ببساطة الوصول للفوضى الخلّاقة الّتي يُمكن أن تُقذَف في أجواء الضّفّة المُحتلّة وتُدخل شعبنا في المجهول .. كما ويطالبكم شعبنا بالدّعوة الفوريّة لكافّة قيادات قطاعات شعبنا .. بما فيها الإطار القيادي المؤقّت لمنظّمة التّحرير الفلسطينيّة الّتي تمّ الإتّفاق عليه .. لتشكيل قيادة شاملة جامعة توافُقيّة تتصدّر مشهد التّصدّي للإحتلال حتّى يتمّ كنسه .. وإن لم تفعلوها فإنّكم ستكونون في دوائر الإتهام ..

د.احمد محيسن ـ برلين في 27/06/2020

مقالات ذات صلة