أرشيف المنتدى

ازمة دبي المالية

بعد سنة من الأزمة المالية العالمية التي أثرت على النمو في دبي، تبدو الإمارة اليوم غارقة في ديون تطلب ستة أشهر لدفعها، الأمر الذي يمكن أن يلحق خسائر بالمصارف الأوروبية وقد تسبب بتراجع في الأسواق العالمية. وقد تضطر حكومة دبي إلى بيع عقارات لها في الخارج بأسعار مخفوضة إذا رفض دائنو شركتين تابعتين لها اقتراحات لتجميد المطالبة باستحقاقات يحل أجلها قريباً، وإرجائها الى أيار 2010. وقد أثارت هذه الأزمة مخاوف من “عملية دومينو” تطاول باقي المؤسسات المالية الاخرى التي لا تزال تعد ناجحة في دبي.

وتراجعت أسعار أسهم المصارف الأوروبية إلى أدنى مستوياتها منذ أيار وسط مخاوف من حجم الخسائر في دبي، وذلك بعدما تعافى هذا القطاع في الأشهر الستة الأخيرة وسط آمال في تجاوز المرحلة الأسوأ من الأزمة المالية العالمية. وقدر “بنك كريدي سويس” السويسري للإقراض ان الخسائر التي يمكن ان تلحق بالمصارف الاوروبية بسبب أزمة دبي قد تبلغ 13 مليار أورو. غير أن شبكة “داو جونز نيوزوايرز” الاخبارية نقلت عن محللين أن تعرض المصارف الاوروبية للمخاطر أعلى ثلاث مرات من تلك التوقعات، وقد تصل الى 26 مليار أورو (39 مليار دولار). وقفزت أسعار الذهب في التعاملات الآسيوية إلى مستوى قياسي هو 1200 دولار الاونصة.

وسجل تراجع في الأسواق الأوروبية، وانخفضت سوقا باريس وميلانو أكثر من ثلاثة في المئة في تعاملات بعد الظهر. وكانت “وول ستريت” مقفلة أمس بسبب عطلة عيد الشكر، وكذلك الأسواق في الشرق الأوسط عشية عيد الأضحى الذي تمتد عطلته إلى السادس من كانون الأول. وتراجعت الصكوك الاسلامية بنسبة 15 في المئة في الأسواق الآسيوية. وفقدت السندات التي تعد جوهر جهود إعادة الهيكلة في دبي، نحو ثلث قيمتها منذ إعلان حكومة دبي عجزها هذا، فانهار السعر إلى 72 نقطة من 111 قبل ذلك.

حكومة دبي

وكانت حكومة دبي التي علقت منذ تفجر الأزمة جانباً كبيراً من مشاريعها العقارية الباهظة، قالت الأربعاء إنها سمحت لـ”صندوق دبي للدعم المالي” بقيادة عملية اعادة هيكلة لمجموعة “دبي العالمية” المالكة لكل من “موانئ دبي العالمية” و”نخيل” العقارية. وأضاف البيان الرسمي ان “دبي العالمية” ستطلب من جميع دائنيها، ودائني شركة “نخيل” خصوصاً “تجميد او تأجيل تواريخ استحقاق الديون حتى 30 ايار2010 على الاقل”. وامام مجموعة “نخيل” استحقاق في 14 كانون الاول لدفع ديون قيمتها 3,5 مليارات دولار على شكل سندات.

وأمس حاولت الإمارة اعادة بث بعض الثقة بالقول إن شركتها التي تحقق أرباحاً، “سلطة موانئ دبي العالمية”، لن تشترك في إعادة الهيكلة.

وكانت “نخيل” أفادت في آب أن على مجموعتها الأم، “دبي العالمية” التي تديرها حكومة الإمارة، التزامات قيمتها 59 مليار دولار، وهذا جزء كبير من مجمل ديون دبي البالغة 80 إلى 90 مليار دولار.

وأمس خفضت وكالة “موديز للتصنيف الائتماني” تصنيف ست شركات ضخمة تابعة لحكومة دبي، بينها “سلطة موانىء دبي العالمية” و”هيئة كهرباء ومياه دبي”، اللتان خفض تصنيفهما من “آي 3” الى “بي اي اي 2″، وكذلك العملاق العقاري “اعمار” الذي خفض تصنيفه من “بي اي اي1” الى “بي اي اي2”. وقالت في بيان ان “اعادة هيكلة الدين تشير الى ان الحكومة تستعد للسماح لشركة تابعة لها بعدم الوفاء بالتزاماتها”.

كذلك خفضت “ستاندارد اند بورز” للتصنيف الائتماني تصنيف خمس شركات بينها “سلطة موانىء دبي العالمية” و”اعمار”، معتبرة ان قرار حكومة دبي “يمثل فشلا في تقديم دعم مالي مناسب” لشركة من الطراز الاول.

وجاء في بيان أصدرته مجموعة “أوراسيا” في واشنطن، وهي مجموعة أبحاث تقَوم المخاطر السياسية والمالية للمستثمرين المهتمين في دبي إن “الإعلان الصادر عن الإمارة كان مبهماً”، وحذرت من تزايد العجز في دبي الذي ستكون له آثار أشد خطورة على ديون الإمارة وعلى “دبي العالمية” وثقة الأسواق بدولة الإمارات العربية المتحدة عموما.

وجاء في بيان صادر عن رئيس اللجنة المالية العليا لدبي الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم أنه يتفهم قلق الاسواق والدائنين، وإن تكن ثمة حاجة إلى “اجراء حاسم” في شأن “دبي العالمية”.

أبوظبي

ويتوقع المحللون دعماً مالياً من أبوظبي التي تتمتع بسيولة وفيرة. ولكن سيكون على دبي أن تتخلى على الأرجح عن نموذج اقتصادي كان يركز على استثمارات عقارية وتدفقات ضخمة لرؤوس الأموال الأجنبية، وربما عن شركتي “طيران الإمارات” و”سلطة موانئ دبي العالمية” في مقابل مساعدة مالية كبيرة من أبوظبي. وكان نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي محمد بن راشد آل مكتوم قال لصحافيين قبل شهرين :”نحن على ما يرام… لسنا قلقين”. واعتبر الخبير في شؤون الخليج والطاقة في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى سايمون هاندرسون ان عليه “إعداد خطة إنقاذ”، وإلا تحولت دبي “مكاناً حزيناً”.

والأسبوع الماضي أقال محمد بن راشد رجال أعمال بارزين بينهم رئيس “دبي العالمية” سلطان أحمد بن سُليم ورئيس شركة “اعمار” محمد العبار، وعين مكانهم أفراد من العائلة الحاكمة بينهم اثنان من أبنائه، أحدهما ولي عهده حمدان.

ولمعالجة الأزمة، قد تضطر حكومة دبي الى التعجيل في عمليات بيع مذعورة بأسعار مخفوضة جدا لعقاراتها في الخارج إذا رفض دائنو الشركتين اقتراحات لإرجاء دفع الديون.

وتوقع العضو في فريق أسواق المال في الخليج في “نايت فرانك للاستشارات العقارية” جيمس لويس أن “تكثف حكومة دبي جهودها لجمع المال من طريق بيع عقارات، وخصوصاً عقاراتها في بريطانيا” وفندق “ماندارين اورينتال” في نيويورك، ومجمع “فيكتوريا أند البرت” في كيب تاون بجنوب افريقيا.