أرشيف المنتدى

البرج الشمالي || طبيبان يُعالجان 300 شخص يومياً

طبيبان يُعالجان 300 شخص يومياً و45 طالباً في الصف

البرج الشمالي || طبيبان يُعالجان 300 شخص يومياً

هيثم زعيتر اللواء || Thu 21 October 2010

قبل 62 عاماً احتل العدو الإسرائيلي فلسطين، وطرد وهجر أهلها الحقيقيين في منتصف العام 1948، حيث لجأ قسم منهم قسراً الى لبنان وعلى عدة دفعات، وتفاوتت طريقة تعاطي الدولة اللبنانية و«الأونروا» بين من يُعترف بهم من لاجئين نزحوا في العام 1948 وصولاً إلى العام 1958، ومن نزح بعد إحتلال قطاع غزة في العام 1967، وكذلك من عُرف بفاقدي الأوراق الثبوتية..

الفلسطينيون في لبنان يتوزعون على مخيماتٍ تسلمت «الأونروا» الإشراف عليها بعد انشائها منتصف العام 1949، فبقي منها 12 مخيماً ودمرت 3 مخيمات، ووجدت تجمعات سكانية جديدة، مع عدم وجود احصاء دقيق عن العدد الحقيقي، وإن كانت إحصاءات «الأونروا» تُشير إلى حوالى 450 ألف نسمة، بعضهم حصل على الجنسية اللبنانية أو جنسيات أجنبية وعلى عدة مراحل، والبعض الآخر لا يحمل أوراقاً ثبوتية أو هاجر إلى خارج لبنان..

الفلسطينيون في لبنان واقعون بين مطرقة مقولة ومشاريع التوطين المتعددة النغمات، وبين آمال العودة غير البادية في الأفق، ويعانون واقع معيشي وإجتماعي صعب مع استمرار حرمانهم من الحقوق الإنسانية والإجتماعية والمدنية والسياسية في لبنان، ولم يعد لهم حق تملك شقة التي كان معمولاً بها الى ما قبل 10 سنوات، فضلاً عن الواقع الصحي والتعليمي المتردي، وتقليص «الأونروا» لخدماتها، وإكتظاظ ما يُسمى بمساكن على أهلها، وأيضاً في ظل إصرار البعض على التعاطي مع الملف الفلسطيني من الزاوية الأمنية، ووصف المخيمات بـ «الجزر الأمنية»..

«اللــواء» وضمن ملف الحقوق الفلسطينية في لبنان، تلقي الأضواء في الحلقة الواحدة والعشرين على الواقع الصحي والتربوي والحياتي في مخيم برج الشمالي – شرقي صور..

تتداخل علاقات أبناء مخيم برج الشمالي مع الجوار وتتصف بالإيجابية، التي تجسّدت واقعاً عبر التزاوج بينهما، ولكن تبقى الطامة الكبرى هي المعاناة الصحية التي تقدم في هذا المخيم عن غيره من المخيمات، بالعدد المرتفع من المصابين بمرض «التلاسيميا» والتي تفوق 150 حالة، جراء الزيجات لذوي القربى، حيث يعتبر مريض «التلاسيميا» شهيداً حياً ينتظر موعد الوفاة، لأن المصابين بهذا المرض لا يعمّرون كثيراً، وما يزيد المعاناة صعوبة تأمين العلاج، فوكالة «الأونروا» لا تعترف بهذا المرض ضمن العلاجات التي تقدّمها للمرضى الفلسطينيين عبر الإستشفاء.

ومرضى «التلاسيميا»، فضلاً عن أنهم يُعانون من هذا المرض، فهم بحاجة الى علاج دائم ومكلف يُرهق كاهل عائلاتهم، حيث يتحوّل إما الوالدة أو الأشقاء، الى ممرضين يقدّمون العلاج، بعدما يتعلّمون عليه، نظراً لإستمرار حاجة هذا المريض للعلاج، وبالتالي ارتفاع كلفة أدويته التي تزيد إرهاقاً من كاهل العائلات.

كما يشكو أبناء المخيم من الواقع المأساوي في عيادة «الأونروا» التي يصل عدد المرضى الذين يقصدونها يومياً الى حوالى 300 مريض، فكيف بإمكان طبيبان معالجتهما، مع عدم توفر غالية الأدوية التي يحتاجها المرضى في العيادة، فيما في عيادة الأسنان يصل عدد المرضى الى 150 مريضاً مكلف طبيب واحد بعلاجهم، أما في المختبر فتصل عدد الحالات التي بحاجة الى إجراء فحوصات مخبرية الى 200 حالة، ويوجد فني واحد، وكذلك مع عدم فعالية «مستشفى الجليل» التابع لـ «جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني»، الذي نقلت معداته فتحول الى مستوصف.

يخشى أبناء مخيم برج الشمالي من استخدام شبكة مياه الشرب لتخوّف الأهالي من المياه التي تحتوي على نسبة عالية من الأملاح، وذلك بعدما حلّت مشكلة تداخل المياه الآسنة ومجاري الصرف الصحي والأقنية مع مياه الشرب، عبر مشروع البنى التحتية الذي قامت به وكالة «الأونروا» بتمويل من الإتحاد الأوروبي وشمل شبكة الصرف الصحي ومياه الأمطار والمياه الآسنة.

وقد دفع الواقع المزري الذي يعيشه أبناء المخيم الى ارتفاع نسبة البطالة التي تصل في بعض الأحيان الى 70٪، مما دفع الكثير من شبابه وعائلاته للمغادرة بإتجاه الدول الأوروبية سعياً وراء لقمة عيشهم.

يعمل معظم أبناء المخيم في الزراعة الموسمية وقطاعي الزراعة والبناء، وهناك ظاهرة لافتة وهي عمل النساء اللواتي يُشاركن العمل في الزراعة الموسمية وكعاملات نظافة في المنازل.

يُعاني المخيم، من استمرار وجود مساكن من «الزينكو«، وتصدّع معظم مساكنه المسقوفة بـ «الزينكو« التي يبلغ عددها حوالى 700 مسكن، وهي بحاجة الى ترميم، حيث بدأ مشروع إماراتي بترميم 343 مسكناً منها.

{ بداية اللقاءات أردنا أن تكون بإلقاء الضوء على مرض «التلاسيميا»، حيث إلتقينا المسؤولة عن هذا الملف في مخيم برج الشمالي سوسن موسى، التي أشارت الى أنه «هناك أكثر من 150 حالة «تلاسيميا»، فضلاً عن حالات «الآيتيميا»، وهي أشد وأكثر من حالات «التلاسيميا»، وغالبية حالات «التلاسيميا» تنتج للزواج من الأقرباء، فيكون هناك إشارة لدى الأم وأيضاً إشارة لدى الأب ويصبح لدى الجنين إشارتين».

وتابعت: أما علاج هذه الحالات فيتم جزئياً عن طريق وكالة «الأونروا»، إذ تقدّم السرير- أي الليالي السريرية، أما الدم فيكون على نفقة المريض، وهناك شباب من المخيم يتبرّعون بالدم لهذه الحالات، أما الأدوية فلا أحد يساعد في ثمنها، ولكن «منظمة التحرير الفلسطينية» تساعد فقط بـ 50٪ من دواء «الهيدرا» الذي يبلغ ثمنه 120 ألف ليرة لبنانية، ويستعمل المريض الأدوية التالية: الهيدرا، الأوستن والفوريك أسد، وهذه الأدوية الشهرية لازمة للمريض، وبخصوص الفوريك أسد والأوستن، فهما موجودين في «الأونروا»، أما دواء «الهيدرا» فهو غير متوفّر.

وأوضحت «أن هناك عائلة وجميع أفرادها مصابة بـ «التلاسيميا»، وهي بحاجة الى استعمال الأدوية المذكورة، ولكن رب الأسرة هو عامل يومي (شغيل بالفاعل) لا يستطيع تأمين ثمن الدواء، فضلاً عن أن هناك فحوصات الحديد و«التلاسيميا»، وهو مكلف، حيث يبلغ حوالى 500 ألف ليرة لبنانية مع الأدوية في الشهر الواحد».

وأضافت: إن مريض «التلاسيميا» بحاجة للدخول الى المستشفى كل 7 أيام أو 15 يوماً، وذلك وفقاً لدرجة إصابته، وهناك فحص «سي.بي.سي.» موجود لدى «الأونروا»، أما الفحوصات الأخرى فهي غير متوفّرة لدى الوكالة، وتكلّف في المختبرات 60 ألف ليرة لبنانية، وهناك بعض المرضى مصابين بـ «التلاسيميا» الكبرى ويستعملون إبر «ديسفرار»، وكلفة الإبرة 10 دولارات، فإذا استعمل المريض علبة كاملة تحتوي على 10 أبر، فهذا يعني أنه بحاجة الى 100 دولار أميركي. ويتم استعمال هذه الأبر حسب حاجة المريض، فمنهم من يحتاج الى إبرتين، وحالات تحتاج الى أكثر من ذلك، فهناك 4 حالات تستعمل هذه الأبر، وتبلغ قيمة ماكينة استعمال «الديسفر» ألف دولار أميركي، ومنذ فترة أصبح يتوافر حبوب «ديسرار» وتستعمل بشكل أكبر للأطفال، وهي موجودة في «مركز الرعاية الدائم»، ولكن هذا المركز لا يقدّم المساعدة إلا الى اللبنانيين».

وتابعت: لقد حضر الى المخيم الدكتور ميغيل عبود وقام بإحصاء حالات «التلاسيميا»، ويقوم بتقديم بعض المساعدات عن طريق «مركز سان جود» بحالات «التلاسيميا» وهو تابع للجامعة الأميركية.

واستطردت بالقول: نتيجة الفقر وعدم توفّر ثمن الدواء لا يستطيع الكثير من المرضى إجراء الفحوصات وشراء الأدوية، وهذا يؤدي الى سوء حالة المريض، ففي إحدى المرات لم أتمكّن من شراء دواء «الهيدرا» لأحد أبنائي، فأصيب «بكريزة» لعدم تناوله الدواء..

وختمت موسى بالقول: إن مرضى «التلاسيميا» لا يتم استقبالهم في المستشفيات المتعاقدة مع «الأونروا» وعلى نفقتها، ويكون الجواب أعطي المريض المصل في المنزل و«مشي حالك»، أو شوفي طبيب صحة، فلا يوجد طبيب يتابع. وكانت مبادرة من الدكتور خالد محسن إبراهيم أنه جمع مرضى «التلاسيميا» في «مركز الكرامة» في مخيم برج الشمالي وقام بمتابعة حالاتهم، حيث تحسّنت بعضها على يديه.

{ أحد الناشطين في مخيم برج الشمالي محمد رشيد أبو رشيد، تحدث عن الواقع الصحي والإستشفائي والتربوي والعلاقة مع «الأونروا»، قال: نعيش في المخيم حالة مستعصية جداً، ونشعر كفلسطينيين إننا نعيش النكبة الفلسطينية يومياً من خلال المعاناة الموجودة والمفروضة علينا في حالات الطبابة والإستشفاء والقضايا الإجتماعية الصعبة وفي التعليم، وتصل المعاناة لدى بعض العائلات الفقيرة الى حد عدم التمكّن من شراء ربطة الخبز.

وأضاف: هناك عشرات حالات مرضى «التلاسيميا» في وقت لا تلبي عيادة «الأونروا» احتياجات المرضى حيث يدخل إليها يومياً ما يقارب 300 شخص للعلاج، ويوجد طبيبان فقط لعلاج المرضى، فيما يصل عدد المرضى الذين يزورون المختبر 200 شخص.

واستغرب «أن عدد سكان مخيم برج الشمالي 19 ألف نسمة لهما طبيبين فقط يبدأن الدوام من 8 صباحاً وحتى 2 بعد الظهر، ووفقاً لعدد ساعات الدوام، فليس بإستطاعة الطبيب إعطاء المريض أكثر من دقيقتين ونصف الدقيقة».

وأوضح «أنه بالنسبة الى قضايا التربوية هناك 1780 طالباً وطالبة في المخيم موزعين على 4 مدارس لـ «الأونروا»، يعانون من اكتظاظ في الصفوف وحالات مستعصية لتوظيف المعيّنين، فالصف الواحد يضم بين 40-45 طالباً، على الرغم من أن «الأونروا» قامت بخطوة تربوية جيدة، لكن نعتقد أنها تقوم بحقل تجارب على أبناء شعبنا، لأنه قبل 5 سنوات اقترحوا خطة، واليوم يقومون بخطة جديدة. وكانت هناك معاناة طلابية، حيث ينقل يومياً باص من المخيم 81 طالباً الى «معهد سبلين» في اقليم الخروب، وهؤلاء في باص واحد، فيجلس 50 طالباً ويبقى 31 واقفين في ممر الباص الى حين وصولهم الى المعهد، وقد تواصلنا مع إدارة التربية والتعليم في «الأونروا» في بيروت وإدارة «معهد سبلين»، واستطعنا حل هذه المشكلة، ولكن تواجهنا دائماً مشكلة تأخّر الكتب».

واستطرد بالقول: وهناك مشكلة التسرّب المدرسي، حيث يصل الطالب الى الصف السابع أو الثامن ولا يعرف كتابة إسمه بشكل صحيح باللغة العربية كحد أدنى وليس بالإنكليزية، كما أن هناك مشكلة الترفيع الآلي، فالطالب يترفّع من الصف الأول ابتدائي الى السادس دون رسوب، ولكن في حال رسوبه في الصف السابع أو العاشر لا يستطيع أن يعيد صفه، وأحياناً يترفّع الى الصف العاشر ويواجه مشكلة عدم معرفة كتابة إسمه. هذا بالإضافة الى السياسات التربوية لـ «الأونروا»، حيث تقوم بإعطاء المعلمين دورات تقوية لغوية خلال العام الدراسي والدوام الرسمي، وقد قدّمنا مذكرات الى مدير عام «الأونروا» تتضمن 20 مطلباً تربوياً وناقشناها معه، وتم حل قسم منها، والبعض الآخر لم يحل حتى الآن. وإذا تغيّب أستاذ عن صفه بسبب مرضه أكثر من أسبوع فلا يحل مكانه أستاذ آخر، بل يستغرق حوالى 20 يوماً لكي يتم تأمين أستاذ بديل. كما طالبنا بتغيير معادلة الأستاذ في الصفوف الابتدائية، حيث يقوم الأُستاذ بالدوام في أكثر من مخيم – أي نصف دوام في هذا المخيم، ونصف دوام في مخيم آخر، علماً بأن المدارس بحاجة الى أستاذ بدرجة ناظر، وإلى طبيب أو مشرف نفسي، وبدلاً من ذلك قامت «الأونروا» بتوظيف موظفة تقوم بالكشف على الطلاب المرضى بدلاً من أخذهم الى عيادة «الأونروا». كذلك فإن المنح الجامعية لا تتعدى الـ 30 منحة، بينما المطلوب أن تؤمّن لجميع الطلاب، لأن الشعب الفلسطيني معروف عنه تفوّقه الدراسي، ويجب أن يكون هناك قانون واضح لإعطاء المنح الدراسية، وحتى الدخول الى «معهد سبلين المهني»، يجب أن يكون وفق نظام وقانون تربوي صحيح، وليس حقل تجارب على شعبنا.

وألمح الى «أن هناك معاناة من أن لمخيم برج الشمالي مدخل واحد فقط مما يتسبب بأزمة سير خانقة ويعيق ويعرقل نقل مريض أو مصاب أو إدخال جثمان متوفٍ، وهناك الكثير من القضايا المستعصية التي نعاني منها داخل المخيم».

وأشار الى أنه «هناك 700 مسكن في المخيم ما زالت سقوفها من «الزينكو»، ونشكر رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان و«جمعية الهلال الأحمر الإماراتي»، على المساهمة الفعّالة لإعادة إعمار وترميم 343 منزلاً داخل المخيم بقيمة 5 ملايين دولار أميركي، وهو ما انعكس ارتياحاً في أوساط أبناء المخيم، فشباب المخيم عاطلون عن العمل، وقد أوجد هذا المشروع حركة إقتصادية، حيث بدأ بتنفيذ المشروع نهاية العام 2009، ونأمل دائماً من دولة الإمارات المساهمة الفعّالة باتجاه أبناء شعبنا الفلسطينية خصوصاً في مخيم برج الشمالي، الذي يعاني من وضع مأساوي كبير، حيث لا يوجد ملعب ولا حديقة يلعب فيها الأطفال. ويوجد في المخيم 15 نادياً رياضياً، وهناك لاعبون جيّدون من المخيم يلعبون في أندية الدرجة الأولى اللبنانية، وهؤلاء تخرّجوا من الأزقة والشوارع التي كانت ملعبهم.

وختم أبو رشيد متمنياً على «الدولة اللبنانية تحسين أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وإقرار الحقوق المعيشية والإجتماعية والمدنية وحق التملّك، ونتمنى على اللجان الشعبية تحسين أوضاعنا والمساعدة في زرع الأمل وعودة البسمة الى وجوه أطفالنا، لأن حلمنا الكبير العودة الى وطننا فلسطين».

{ خلال جولتنا شاهدنا العديد من الورش التي كانت تقوم بترميم عدد من المساكن في المخيم، فتحدثنا الى مصطفى طه «أبو ربيع»، الذي كان يُشرف على ترميم عدد من المساكن فأوضح أنها من «هبة دولة الإمارات العربية المتحدة»، وتوجّه «بالشكر الى رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان و«جمعية الهلال الأحمر الإماراتي» على مساعدة الشعب الفلسطيني والتي تدفع نحو تحسين ظروف الفلسطيني في مخيم برج الشمالي، وهذه المساعدة تتمثّل بترميم 343 مسكناً في كافة أنحاء المخيم، ومدة إنجاز هذا المشروع عامين، وقد قطع شوطاً متقدّماً، حيث لاقت هذه اللفتة الكريمة استحسان وتعاون ورضى أبناء المخيم».

وتمنى «على الدول العربية التي تتوفّر لديها إمكانيات، أن تقوم بمشاريع مثل المشروع الإماراتي، والذي يرفع الظلم والغبن عن شعبنا الفلسطيني».

وأكد طه على رفض «التوطين، الذي لا يرضى به أي فلسطيني على الإطلاق، فنحن ضيوف مؤقتين في لبنان الى حين عودتنا الى أرضنا، ونشكر لبنان على استضافته شعبنا على مدى 62 عاماً، فشعبنا الفلسطيني مصمم على العودة الى أرضه ووطنه، لأن للفلسطينيين وطناً واحداً، هو فلسطين فقط لا غير».

{ نواصل تجوالنا، ونلتقي الحاج حسن نصار (75 عاماً)، الذي بادرنا الى القول: عندي بيّارات في فلسطين وأراضي أحسن من أي مكان في العالم، أريد العودة اليوم قبل الغد الى وطني.

{ أما الحاج حامد عبد الحق الصغير (70 عاماً)، فقد استعاد ذاكرته يوم خرج طفلاً مع أهله من فلسطين، وقال: لكنني أتذكر بيتنا وبلدتنا الناعمة في فلسطين، وأنا متمسّك بالعودة إليهما، ونبيّنا محمد (صلى الله عليه وسلّم) بشّرنا بالنصر وتحرير القدس قبل أكثر من 1400 سنة.

{ «إم خالد» داود، أشارت الى ان «حالتنا في المخيم صعبة، هناك غلاء والتيار الكهربائي مقطوع، ولا يوجد عمل للشباب، بيشتغلوا بالليمون بالشهر عدة أيام، عندي أربع بنات وشابان، واحد صغير، أحدهم يعمل بقطف الليمون يوم بالأسبوع، والناس عايشة على بركة الله».

وختمت «ام خالد» بالقول: لا نريد التوطين، نريد العودة الى بلادنا، نريد أن نعيش مثل باقي العالم.

{ في المخيم 4 رياض أطفال هي: الكرامة، النجدة الإجتماعية، بيت أطفال الصمود والطفل السعيد.

ندخل الى روضة الكرامة، حيث شاهدنا أطفالاً، يُشكلون «خلية نحل»، كانوا يستعدون لمغادرة صفوفهم الى منازلهم، بعد انتهاء اليوم التعليمي، ونلتقي مديرة الروضة بشيرة الرفاعي، التي أوضحت «أن بدأية انطلاق العمل في الروضة كان في العام 2000، الذي كان العام الأول لاستقبال الأطفال الفئة المستهدفة هي من عمر 40 يوماً وحتى 3 سنوات في مرحلة حضانة، ومن 3-5 سنوات في المرحلة التمهيدية، حيث تضم الروضة الآن 285 طفلاً».

وأشارت الى «أن هناك حالات مرضية مثل مرضى «التلاسيميا» التي يعاني منها (7 أطفال) وهناك مرض الكهرباء الذي يُعاني منه (3 أطفال)، وهناك عائلات معدومة مادية، أو تُعاني من مشاكل اجتماعية، كإنفصال الأب والأم، والأطفال الذين تعيش عائلاتهم هذه المشاكل يواجهون صعوبة، إذ لديهم مشاكل سلوكية في العدوانية والإنطواء، ونحاول قدر الإمكان التغلب على هذه المشاكل، فنعمل على تأمين الماء الصحي للأطفال عن طريق شرائه، ونطلب من الأطفال إحضار مطرة مياه من المنزل. أما حالات مرضى «التلاسيميا» فهم يُتابعون من قبل حركة «فتح» و«الأونروا»، وننسق مع بعض المؤسسات المدنية لمساعدة هؤلاء الأطفال، وكذلك مرض الصرع، الذي أصبحت هناك بعض المؤسسات التي نتابع معها وضع الأطفال وعلاجه».

وأوضحت الرفاعي «أن الروضة تستقبل أطفالاً فلسطينيين من داخل المخيم ومن خارجه، وهناك 60 طفلاً لبنانياً يأتون الى الروضة من خارج المخيم، حيث نقوم دائماً بالتعاون والتواصل مع ذويهم، الذين أبدوا إعجابهم بالروضة ونظامها التعليمي، ونتقاضى قسطاً رمزياً بمعدل 100 ألف ليرة لبنانية في السنة عن الطفل الواحد، والأخوين نتقاضى عنهما 150 ألف ليرة، وإذا كانوا 3 أخوة نعفي أحدهم من الرسوم».

إشتكى مرضى «التلاسيميا» وذويهم في مخيم برج الشمالي من معاناتهم والأسى الذي شعروا به، جراء تمييز بعض الجمعيات والمراكز اللبنانية التي تُعنى بهذا المرض، بين مريض من أبناء المخيم استرد الجنسية اللبنانية، وآخر قريبه الى درجة كبيرة ما زال لاجئاً فلسطينياً، حيث قبل أحد هذه المراكز تقديم العلاج للمرضى اللبنانيين وحجبها عن المرضى الفلسطينيين، مما زاد الأسى والحسرة في نفوسهم، لأن المرض لا يفرّق في الجنسية، فكيف يتم تفريق من يجب أن يُقدّم العلاج للمرضى، وهؤلاء من جمعيات ليست رسمية بل أهلية، وتصلها تبرعات مالية ضخمة لمساعدة مرضى «التلاسيميا»..