أرشيف المنتدى

مخيم الرشيدية أنشىء لإسكان الأرمن عام 1936

مخيم الرشيدية أنشىء لإسكان الأرمن عام 1936 وأسكن اللاجئون الفلسطينيون فيه عام 1948

1_1462099078.webp

هيثم زعيتر – اللواء // الأربعاء 01 كانون أول 2010

قبل 62 عاماً احتل العدو الإسرائيلي فلسطين، وطرد وهجّر أهلها الحقيقيين في منتصف العام 1948، حيث لجأ قسم منهم قسراً الى لبنان وعلى عدة دفعات· وتفاوتت طريقة تعاطي الدولة اللبنانية ومن ثم الأونروا بين من يُعترف بهم من لاجئين نزحوا في العام 1948 وصولاً إلى العام 1958، ومن نزح بعد إحتلال قطاع غزة في العام 1967، وكذلك من عُرف بفاقدي الأوراق الثبوتية··

يتوزع الفلسطينيون في لبنان على مخيماتٍ تسلمت الأونروا الإشراف عليها بعد انشائها منتصف العام 1949، فبقي منها 12 مخيماً ودمرت 3 مخيمات، ووجدت تجمعات سكانية جديدة، مع عدم وجود احصاء دقيق عن العدد الحقيقي، وإن كانت إحصاءات الأونروا تُشير إلى حوالى 450 ألف نسمة، بعضهم حصل على الجنسية اللبنانية أو جنسيات أجنبية وعلى عدة مراحل، والبعض الآخر لا يحمل أوراقاً ثبوتية أو هاجر إلى خارج لبنان··

الفلسطينيون في لبنان واقعون بين مطرقة مقولة ومشاريع التوطين المتعددة النغمات، وبين آمال العودة غير البادية في الأفق، ويعانون واقعاً معيشياً وإجتماعياً صعباً مع استمرار حرمانهم من الحقوق الإنسانية والإجتماعية والمدنية والسياسية في لبنان، ولم يعد لهم حق تملك شقة الذي كان معمولاً بها الى ما قبل 10 سنوات، فضلاً عن الواقع الصحي والتعليمي المتردي، وتقليص الأونروا لخدماتها، وإكتظاظ ما يُسمى بمساكن بأهلها، وأيضاً في ظل إصرار البعض على التعاطي مع الملف الفلسطيني من الزاوية الأمنية، ووصف المخيمات بـ الجزر الأمنية··

يقع مخيم الرشيدية على بعد 7 كلم جنوبي مدينة صور، وهو أقرب المخيمات الفلسطينية في لبنان الى شمال فلسطين المحتلة·

يبلغ عدد سكان المخيم حوالى 45 ألف نسمة يتوزعون على 3150 عائلة، وقد تم إنشاؤه في العام 1936 كمخيم للاجئين الأرمن، ولكن في العام 1948 لجأ اليه اللاجئون الفلسطينيون بعد نكبة فلسطين، وتم نقل جزء من اللاجئين الفلسطينيين في البقاع الى هذا المخيم في العام 1963·

كان يعتبر مخيم الرشيدية متنفساً للعديد من اللاجئين الذين يحلمون بتنشق هواء فلسطين، على إعتباره المخيم الأقرب الى أرض الوطن، وخصوصاً أن المقيمين في مخيمات جنوبي نهر القاسمية، كانوا يحتاجون الحصول على تصريح من مخابرات الجيش اللبناني ليتسنى لهم الانتقال الى شمالي النهر، وذلك حتى لو كانت لزيارة قريبٍ، أو مشاركة في الأفراح أو الأتراح··

قدّم المخيم العديد من الشهداء في سبيل القضية الفلسطينية وتعرّض لعدة إعتداءات إسرائيلية جواً وبحراً الى أن دُمر بالكامل خلال الإجتياح الإسرائيلي في العام 1982، حيث أعيد بناؤه إعتباراً من العام 1982 وما تلاه من أعوام·

ينقسم المخيم إلى قسمين:

– القديم الذي كان يُقيم فيه الأرمن·

– الجديد الذي تم البناء فيه على مراحل·

وتعرّض المخيم لحصارٍ شديد خلال حرب المخيمات في النصف الثاني من ثمانينيات القرن الماضي، الى أن أُعيد التواصل مع الجوار، بعد وقف هذه الحرب العبثية··

اللـواء تخصص الحلقة الثامنة والعشرين من الملف الفلسطيني لإلقاء الضوء على واقع مخيم الرشيدية··

إعتبر مخيم الرشيدية في فترة من الفترات بأنه عاصمة القرار السياسي الفلسطيني، وذلك بين بداية التسعينيات وحتى منتصف العام 2006· وقد بلغ أوّج القوة السياسية خلال تواجد أمين سر حركة فتح وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية اللواء سلطان أبو العينين، وتحديداً بعد صدور حكم الإعدام السياسي بحقه في العام 1999، حيث لم يتمكن من مغادرة المخيم الى أن صدر بحقه حكمٌ البراءة في 30 آذار من العام 2006 من قبل المحكمة العسكرية الدائمة في بيروت برئاسة العميد الركن نزار خليل··

1_1462099126.webp

ولدى زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن الى لبنان في 9 كانون الأول من العام 2004 بعد انتخابه رئيساً لـ منظمة التحرير الفلسطينية خلفاً للرئيس الراحل ياسر عرفات، وقبل انتخابه رئيساً للسلطة الوطنية الفلسطينية، زار مخيم الرشيدية برفقة رئيس الحكومة الفلسطينية ? آنذاك – أحمد قريع··

ومخيم الرشيدية واحد من أكثر المخيمات كثافةً سكانية بعد مخيم عين الحلوة، وتتواجد فيه كل مقومات الحياة من مستشفى وعيادات لـ الأونروا وأخرى خاصة ومختبرات وعدة مدارس، فضلاً عن قاعات وروضات وملعب لكرة القدم··

ويعمل غالبية سكانه في الزراعة وأعمال البناء خارج حدوده في منطقة صور، فضلاً عن الإنتماء الى مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية الصحية والإجتماعية والتربوية والعسكرية، إضافةً الى فصائل تحالف القوى الفلسطينية والقوى الإسلامية ومؤسسات المجتمع المدني··

من يزور المخيم في هذه الأيام يُلاحظ فرقاً شاسعاً بين ما كانت عليه الحال قبل عدة سنوات والحاضر الآن، حيث كانت مجاري الصرف الصحي والأقنية مكشوفةً وتُشكل خطراً على حياة الأهالي، ولكن تم قبل فترة تنفيذ مشروع لتمديد البنى التحتية التي أصبحت مغلقة، ولكن بقيت أقنية مكشوفة تُشكل خطراً على حياة السكان، فضلاً عن تهديدها بإنتشار الأوبئة التي تُشكل خطورة جسمية على الأهالي وخاصة الأطفال·

ويعاني أبناء المخيم من عدم امكانية البناء بشكل أفقي، بل بشكل ٍعامودي نظراً لضيق مساحة المخيم، وهذا البناء يستوجب ترخيصاً من قبل مخابرات الجيش اللبناني، لأن المقيمين في المخيم ليس بإستطاعتهم الشراء خارجه، لارتفاع الأسعار بالنسبة للأراضي أو الشقق، قياساً الى نسبة مدخولهم المتدنية، حيث يعملون في المهن المسموح العمل بها، وممنوعٌ عليهم العمل في المهن الحرة مثلهم مثل باقي الفلسطينيين الذين لم يُسمح لهم العمل فيها· ويعتمدون في مصادر رزقهم على مساعدات أبنائهم الذين نزحوا وهاجروا الى خارج لبنان والذين يقومون بإرسال مساعداتٍ الى ذويهم·

وما يزيد من معاناة أبناء المخيم هو تدني وتقليص خدمات وكالة الأونروا التعليمية والصحية، مما يزيد في معاناتهم·

في جولة داخل المخيم، تلمس عن كثب كثافة الإكتظاظ السكاني، وتفاجأ بأن مقابر الموتى قد استخدمت، مواقف للسيارات·· كما سجلت في الآونة الأخيرة عدة اشكالات أمنية تبين أن طابعها فردي، أو أن أسبابها تعود الى توقيف أو محاولة توقيف مروجي ومدمني المخدرات والحبوب المخدرة، التي انتشرت بشكل كثيف، وبأسعار تكاد تكون رمزية جداً، حيث باتت هذه الآفة الإجتماعية تُشكل خطراً على الشباب وأسرهم· وقد تم توقيف العديد من المروجين والمتعاطين، وجرى تسليمهم الى السلطات القضائية والأمنية اللبنانية·

الجمل مسؤول اللجان الشعبية التابع لـ منظمة التحرير الفلسطينية في منطقة صور إحسان الجمل، أشار الى أن المخيمات الفلسطينية في منطقة صور هي جزء من المخيمات، وينعكس عليها الوضع الفلسطيني كما هو الحال في المناطق الأخرى، ولكن مخيمات الجنوب تُعاني من قلةٍ في فرص العمل، التي يُعاني منها الفلسطينيون لاقتصار عملهم على اليد العاملة في الزراعة أو البناء، وقد أدى تطور التكنولوجيا الى الإستغناء عن عددٍ من العمال، فكان العامل الفلسطيني الضحية الأولى، فضلاً عن أن هناك حوالى 70 مهنة لا يستطيع العامل الفلسطيني مزاولتها، وهذا يُؤدي الى تكدس الكفاءات المهنية والجامعية، وكل هذه العوامل تُضاف الى الركود الإقتصادي، وما يزيدها هو تنصل وكالة الأونروا من خدماتها، فعلى سبيل المثال في السابق كانت الأونروا تقوم بتأمين وظائف لجميع خريجي معهد سبلين بعد تخرجهم، أما اليوم فإن مستقلبهم بات مجهولاً، في وقت بات فيه سوق العمل العربي وتحديداً في الخليج شبه مغلق·

وقال: هذا ما يؤدي الى وضعٍ إقتصادي مأساوي وصعب بالنسبة الى اللاجئين، الأمر الذي يضطرهم الى سلوك أحد أمرين:

1- الهجرة الى أوروبا، وما يُرافق ذلك من صعوباتٍ سواءً مادية أو لطبيعة المشقة في الإنتقال·

2- إستبدال التخصص بأي عملٍ في سبيل تحصيل لقمة العيش والقوت اليومي، وهذا ينعكس على العامل الإجتماعي، بحيث يولد أزمات إجتماعية لأن الكثير من المواطنين وخصوصاً من هم على أبواب الزواج خصوصاً لا يستطيعون تحمّل هذه التكاليف والأعباء·

وأضاف: إننا نتمتع بوضعٍ أمني لا نستطيع أن نقول عنه إلا أنه جيدٌ على الرغم من بعض الخروقات بين الحين والآخر، ولكن الأمن في المخيمات ممسوك:

1- لأن هناك مصدر قرار واحد هو قرار منظمة التحرير الفلسطينية وعمودها الفقري حركة فتح، التي تُمسك بزمام الأمور والوضع الأمني·

2- أن الجنوب وكما هو معروف بأنه ساحة مقاومة لا مجال فيها للخروقات، ومن غير المسموح بذلك·

واعتبر أمين سر اللجان الشعبية في منطقة صور أن هناك دوراً يجب أن تلعبه الأونروا على إعتبارها هيئة دولية أنشئت لخدمة وإغاثة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، والجميع يشعر أنه في السنوات الأخيرة هناك تقليصٌ حاد في الخدمات التي تقدمها الأونروا لأبناء الشعب الفلسطيني، وهناك إعادة ما يُسمى هيكلة وترتيب داخل الأونروا بهدف الهروب الى الأمام بحكم العجز الواقع في ميزانيتها· وعلى سبيل المثال فإن الأونروا تقدم في منطقة صور 640 سريراً للعلاج موزعين على المستشفى الإيطالي اللبناني (430 سريراً)، مستشفى بلسم التابع لـ جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني 210 أسرّة، وعدد هذه الأسرّة لا يتناسب مع حجم السكان في المنطقة ولا مع حالات المرض المنتشرة، والجميع يُدرك أن هناك مخاوف من إنتشار أوبئة تحتاج الى حالات طوارئ وسياسة وقائية·

واستطرد بالقول: على رغم المتابعات من قبل اللجان الشعبية الفلسطينية إلا أن هناك العديد من الصعوبات التي نواجهها في الجانب الصحي، ومنها أن الأونروا لا تقوم بتغطية التكاليف بحيث إزدادت المعاناة على المريض الفلسطيني في ظل الأزمة التي عصفت بـ منظمة التحرير الفلسطينية، مما زاد من المصاعب عن السابق لما كانت تقدمه المنظمة من مساهماتٍ ومساعدات كبيرة في مجال الإستشفاء، حيث قلصت هذه التقديمات مما جعل اللاجئ الفلسطيني يتحمل العبء الأكبر من نفقات علاجه، وهو ما يستوجب على المؤسسات المعنية – إن كان من قبل الدولة اللبنانية المضيفة أو الأونروا أو منظمة التحرير الفلسطينية – الممثل الشرعي، لهؤلاء أن يجدوا حلاً سريعاً لهذا الموضوع·

وأوضح أن هناك العديد من المشاكل بالنسبة للشأن التعليمي، ومنها عملية الدمج للدورة التعليمية الجديدة، والتي أحدثت نوعاً من الإرباك، وكنا موعودين أن يكون هناك فائض في المعلمين، لكن تبين أن هناك نقصاً في عدد المعلمين في مدارس الأونروا في مقابل إكتظاظ بعدد الطلاب في الصفوف، فضلاً عن أن هناك نقصاً في القرطاسية وهو ما يؤثر على العملية التعليمية، وخصوصاً بالنسبة للطلاب في المرحلة المفصلية، الذين سيتقدمون للإمتحانات الرسمية·

وشدد على ضرورة إيجاد حلول عاجلة وجذرية وبشكل سريع حيث أن هناك، وحسب تصنيف الأونروا، نوعين من الفلسطينيين:

1- الذين يعيشون داخل المخيمات ويستفيدون من خدمات الأونروا على رغم تقليصاتها الحادة·

2- الذين يُقيمون في تجمعات فلسطينية لا تقدم لها الأونروا أية خدمات، بل أن بعض مؤسسات المجتمع المدني تقوم بتقديم المساعدات لها، وكذلك من الإتحاد الأوروبي وتكون على شكل مشاريع محدودة ولا تمتلك صفة الإستمرارية·

واستغرب الجمل استمرار تقليص الأونروا لخدماتها حيث توجد في مخيم الرشيدية عيادة واحدة لها لحوالى أكثر من 45 ألف نسمة، بينما توجد في المخيم مستشفىً تابع لـ جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني وعدة عيادات خاصة لإختصاصات في العيون والأنف والأذن والحنجرة والأسنان، فضلاً عن 3 مختبرات، مطالباً أن تُبادر وكالة الأونروا الى إعتماد التجمعات الفلسطينية كالمخيمات، وأن تشملها بخدماتها ? على الرغم من تقليصها، لأن عدد المقيمين في هذه التجمعات يُقارب أعداد الذين يُقيمون في المخيمات·

يوسف موسى عضو قيادة الساحة في حركة الجهاد الإسلامي ومسؤولها في منطقة صور يوسف موسى أبو سامر، أكد أن العلاقة بين الفصائل الفلسطينية في منطقة صور اليوم والحمد لله تأخذ منحى التوافق والتقارب فيما بينها، عبر اللقاءات التي حصلت في المنطقة والتي أثمرت عن تنفيذ بعض الإعتصامات التضامنية المشتركة من قبل فصائل منظمة التحرير الفلطسينية وتحالف القوى الفلسطينية وخصوصاً تضامناً مع أهلنا في نهر البارد·

وأضاف: أما فيما يخص العلاقة مع الجوار، فإننا في كافة الفصائل الفلسطينية تربطنا علاقات جيدة مع كافة الأحزاب والقوى والهيئات والمؤسسات الرسمية والإجتماعية في منطقة صور، نناقش معهم الهم المشترك ونناقش التطورات في الإجتماع الدوري المقرر مع الفصائل الفلطسينية والعلاقة جيدة جداً، ونحن بصدد تطويرها وتفعيلها بما يخدم مصلحة شعبينا اللبناني والفلسطيني·

وتابع: إننا في تحالف القوى الفلسطينية نرتبط بعلاقة جيدة في الشقين السياسي والإجتماعي مع الأطراف السياسية، ونبحث معهم بشكلٍ دائم الهموم والشجون وآخر التطورات التي تحصل على الساحة اللبنانية، ونأمل دائماً العمل على تطويرها بشكلٍ أفضل ان شاء الله·

وأكد مسؤول حركة الجهاد الإسلامي أن أمن مخيم الرشيدية جزء لا يتجزأ من أمن المخيمات الفلسطينية على الساحة اللبنانية، ومعلومٌ أن مخيماتنا تستهدف بشكلٍ خاص، كما أن القضية العربية مستهدفة بما فيها المقاومة·

وأضاف: لكن نرى أن الواقع الفلسطيني في لبنان مستهدفٌ من خلال الضغوطات والممارسات بحق أهلنا في المخيمات والتشويه الإعلامي، وكل ذلك بهدف الضغط على أبناء شعبنا ودفعهم نحو الهجرة وترك المخيم بإتجاه أوروبا أو المنافي، لذلك فإننا نسعى كفصائل فلسطينية الى توعية وتعميم فكر المقاومة وتنبيه المجتمع الفلسطيني، لما يُحاك له من مخاطرٍ على المستويات كافةً الأمنية والإجتماعية والإنسانية·

وختم موسى بالتأكيد على أنه حتى نستطيع أن نواجه هذه المخاطر، يجب علينا وبالدرجة الأولى أن نكون على قدر من الوحدة الفلسطينية – بمعنى أن نُشكل مرجعية فلسطينية تضم كافة الأطراف الفلسطينية بكافة ألوانها السياسية، حتى نتمكن من الإتفاق على برنامج عمل واحد يخدم المصلحة الفلسطينية ويبعد الشبهة عن التوطين والتهجير عن أبناء مخيماتنا في لبنان·