أرشيف المنتدى

الذكرى العاشرة لرحيل ياسر عرفات / غيابه حضور

الذكرى العاشرة لرحيل ياسر عرفات / غيابه حضور

833_1416237351.webp

الحشد الكبير من الناس والأعلام واليافطات في قاعة «البيال» أمس، يذكّرنا بمرحلة التألق الثوري في أوائل سبعينيات القرن العشرين في بيروت، حين كانت المسيرات والتظاهرات والمهرجانات مقياساً سياسياً حقيقياً. وعلى هذا الغرار يمكن القول إن حركة «فتح»، كما ظهرت أمس، ما برحت هي التيار الأساس بين الفلسطينيين. ولعل الصور التاريخية التي كانت تتوالى من الشاشة الكبيرة أمام الجمهور الذي فاق العشرة آلاف شخص، تستعيد ذلك الزمان البهي حين كان ياسر عرفات جزءاً من الحياة السياسية اللبنانية، فتراه مع كمال جنبلاط ومحسن إبراهيم وجورج حاوي وعبد المجيد الرافعي ومصطفى سعد وإبراهيم قليلات وصائب سلام ورشيد كرامي.. وبقية الأسماء التي رحل معظمها. وكان الحضور السياسي اللبناني لافتاً جداً، حتى يمكن القول إن «فتح» وحدها هي القادرة على جمع هذا الطيف اللبناني الكبير، من النائب علي بزي حتى كريم بقرادوني، ومن الوزير محمد المشنوق إلى ممثل السيد حسن نصر الله النائب حسن حب الله، علاوة على الوفد الكبير الذي جاء من رام الله خصيصاً لهذا الاحتفال وبينهم انتصار الوزير (أم جهاد) وناصر القدوة وسلطان أبو العينين وجبريل الرجوب ورمزي خوري وآخرون. حتى الغائبين كانوا حاضرين أمثال السيد هاني فحص الذي دوَّى لاسمه تصفيق كبير حين تذكره ناصر القدوة، وأمثال المعلم سعيد خوري.

في «يوم الوفاء» لياسر عرفات (وللبنان أيضاً) تقاطر الآلاف من المخيمات، والمئات من اللبنانيين ليشهدوا جميعاً على استعادة روح الوحدة النضالية بين الشعبين، في مشهد لم يرَ الفلسطينيون مثله منذ سنة 1982. وبعد ترحيب من حسان ششنية (مسؤول الإعلام في سفارة فلسطين) قدم الاحتفال الشاعر زاهي وهبي بكلمة وقصيدة تسربلت برائحة محمود درويش، ألقى الوزير محمد المشنوق كلمة لبنان فقال فيها: «كان يرتدي بذلته الكاكية، يرفع غصن الزيتون بيده، يعلن الخيار بين السلام الذي يعيد فلسطين إلى أهلها وبين المقاومة حتى إنجاز التحرير. أطلق هذه الكلمة عالية في الأمم المتحدة عام 1974 فوقف الحضور له مصفقين في أكبر تظاهرة شهدتها الأمم المتحدة آنذاك. كتب مع الشعب الفلسطيني ملحمة بطولية في ظروف شهدت الحصار، وشهدت العزل والتصفيات التي قام بها العدو الإسرائيلي. كانت كلمات ياسر عرفات دائماً هي: قاتل وتقدم أو انكفئ واستعد لهجوم جديد. كسر مقولة الصبر على الضيم وعلى التنكيل بالشعب الفلسطيني، تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي. أدرك أنه لو كان للصبر أن يتجسد بشراً سوياً لكان فلسطينياً، واستمد من هذا الصبر انطلاقة رفعها أبطال الثورة الفلسطينية في وجه العدو بالحجارة، ثم في مسيرات اخترقت عواصم القرار الخاضع لإرادة الدولة العبرية. توسعت الثغرة وتحولت تياراً داعماً لفلسطين يتدفق في شوارع هذه العواصم ليثبت أن عدالة قضية الشعب الفلسطيني والحق بوطن لا يمكن أن تغيِّبها كل التحالفات التي نسجـها العدو الإسرائيلي».

ثم ألقى السفير أشرف دبور كلمة فلسطين الذي قال إن «ياسر عرفات هو نور الثورة ونارها، إنه الناهض من رماد النكبة، سيد الفكرة وحلم الدولة والعودة». أضاف: «أبناؤك اللاجئون يؤكدون لك في ذكراك أن شوقهم وحنينهم لن يكون إلا لفلسطين، وبرغم المعاناة وحياة البؤس والحرمان التي يعيشون إلا أنهم صفاً واحداً وعلى كل المستويات القيادية والشعبية تجمعهم المصلحة العليا للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة في إطار سياسة وطنية راسخة، والتزام ثابت بالأمن والاستقرار والسيادة اللبنانية، وحماية الوجود والمخيمات الفلسطينية، وتطوير وتعزيز العلاقات الأخوية اللبنانية الفلسطينية المتجذرة والمتعمدة بدماء الشهداء».

وعلى إيقاع لوحات فنية راقصة من «فرقة الكوفية» وفيلم وثائقي ولوحة للفنان محمد الديري ومقاطع من الشاعر زاهي وهبي، ألقى ناصر القدوة رئيس مجلس مؤسسة ياسر عرفات ووزير الخارجية السابق كلمة اعتبر فيها أن «إحياء الذكرى العاشرة للمؤسس هي إحياء لذكرى يستلهم منها الشعب الفلسطيني الاستمرار في النضال لإنجاز الاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، وإن إحياء الذكرى العاشرة في لبنان خاصة، لأن لبنان لعب دوراً تاريخياً بدعم الشعب الفلسطيني من خلال احتضانه اللاجئين ودعمه المستمر للقضية الفلسطينية في المحافل الدولية كافة».

وختم القدوة مؤكداً على «القيم والسياسة التي أرساها الرئيس أبو مازن بالوقوف على الحياد في ظل ما تواجهه المنطقة»، ودعا فلسطينيي الشتات إلى «عدم التدخل في الشأن الداخلي اللبناني وأن يشكل الفلسطينيون جسر محبة بين الفرقاء اللبنانيين».

الختام كان للمطرب الفلسطيني محمد عساف يوم الوفاء للشهيد ياسر عرفات.

صقر أبو فخر / جريدة السفير