اخبار دولية وعالمية

تفاصيل خطة أوروبية لمواجهة حماس وتجريم التضامن معها

كشفت منظمة “ستيت ووتش” (Statewatch) -المعنية بمراقبة تشريعات مكافحة الإرهاب، وتتابع الحريات المدنية في أوروبا- في 14 ديسمبر/كانون الأول الجاري عن خطة إيطالية فرنسية ألمانية بعنوان “مواجهة حركة حماس على مستوى الاتحاد الأوروبي والعالم: الإجراءات التقييدية ونزع الشرعية السياسية”.

وقالت المنظمة إن الخطة كانت موجهة إلى هيئة الأركان العسكرية للاتحاد الأوروبي، ودائرة العمل الخارجي بالاتحاد الأوروبي، وتتضمن مشروعا متعدد المحاور يهدف لتقويض حركة حماس وتعزيز السردية الإسرائيلية، وذلك بحجة “إرسال رسالة سياسية قوية حول التزام الاتحاد الأوروبي ضد حماس، والتضامن مع إسرائيل”.

أهداف المخطط

يهدف المخطط حسب التعبيرات الواردة فيه إلى عزل حركة حماس دوليا، ونزع الشرعية عن الرواية التي تروج للحركة على أنها تمثل الشعب الفلسطيني وتدافع عن قضيته، والتشديد على أنها “منظمة إرهابية” يجب تعطيل بنيتها التحتية ومكافحة مصادر تمويلها، ونزع الشرعية منها، ومواجهة خطابها الإعلامي.

ويقوم المخطط المقترح على عدة محاور تعمل على تحديد أدوات فعالة على المستوى الدولي وداخل الاتحاد الأوروبي لتنفيذ أهدافه، وتشمل:

أولا: حرمان حركة حماس خارج غزة من الموارد

يُصنف الاتحاد الأوروبي حركة حماس وذراعها العسكرية كتائب القسام “جماعة إرهابية”، وهو تصنيف يمتد إلى جماعات فلسطينية أخرى مثل حركة الجهاد الإسلامي، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وكتائب شهداء الأقصى.

وبمقتضى التصنيف تُجمد أصول وممتلكات تلك الجماعات في أوروبا حال وجودها، وتُحظر المعاملات معها.

تدعو الخطة المقترحة إلى توسيع نطاق الإجراءات التقييدية المتعلقة بتصنيف حماس “جماعة إرهابية”.

وتشمل هذه الإجراءات إدراج الأشخاص الذين تصنفهم الولايات والمتحدة وبريطانيا في قوائمهما للإرهاب لعلاقتهم بحماس ضمن قوائم الإرهاب الأوروبية.

ثانيا: استدعاء مخطط زعزعة إيران للاستقرار

ويضاف إلى ذلك، توسيع نظام العقوبات ليشمل ما يطلق المخطط عليه “الدعم أو المشاركة في زعزعة إيران للاستقرار الإقليمي” وفق منظور يربط الدعم الإيراني لروسيا في حرب أوكرانيا مع الدعم الإيراني لحماس، وذلك بهدف فتح الباب لإدراج أفراد وكيانات في قائمة العقوبات بحجة تقديمهم أسلحة إلى حماس، وهو ما سيركز على إيران بالدرجة الأولى.

يدعو المخطط أيضا إلى استكشاف إمكانية إنشاء أنظمة عقوبات أفقية موسعة مخصصة للحركة بحيث يشمل كل ما يندرج ضمن “تقديم الدعم لحماس”، من قبيل الدعم اللوجستي أو السياسي أو الإعلامي أو المالي أو غير ذلك من أوجه الدعم.

ومن أجل تعميم ذلك يدعو المخطط إلى تبادل البيانات في ما يخص حماس مع شركاء الاتحاد الأوروبي وبالأخص الدول الأعضاء في مجموعة السبع.

ثالثا: تفعيل مكافحة التمويل

كذلك يدعو المخطط إلى الاستفادة من تجربة “مجموعة عمل مكافحة التمويل” التابعة للتحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية، وبالتحديد في نهجها لتعطيل قدرة التنظيم على توليد الإيرادات والوصول للأنظمة المالية المحلية والعالمية، واستخدام ذلك لتعطيل الشبكة المالية لحماس بعد دراستها عن كثب، والتركيز على الاستثمارات الخاصة والعملات المشفرة والدعم المالي الذي تتلقاه حماس من دول أخرى.

وهذه الإجراءات تتشابك مع دعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في أكتوبر/تشرين الأول الماضي لتوسيع التحالف الدولي لمواجهة تنظيم الدولة كي يشمل حركة حماس.

وأخيرا، يدعو المخطط إلى تنسيق مراقبة وتقييم المساعدات الإنسانية الموجهة للفلسطينيين كي لا تستفيد منها حماس أو أي من الجمعيات المحسوبة عليها.

رابعا: حرمان حماس من شبكات الدعم وتقويض بنيتها التحتية

يقوم هذا المحور على تنسيق التدابير على مستوى الاتحاد الأوروبي وعبر العالم لحظر الجمعيات المؤيدة لحماس، وهو ما تجلى عمليا في حظر ألمانيا في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي لشبكة “صامدون للدفاع عن الأسرى”.

ويمتد ذلك ليشمل حظر استخدام الرموز التي تمثل دعما لحماس، وحجب تلك الجمعيات من حق تنظيم تجمعات، وتجميد أصولها وممتلكاتها ومصادرتها وغير ذلك.

وتسعى تلك الإجراءات بحسب ما ورد في المخطط إلى تجفيف التضامن العلني مع حماس في أوروبا وخارجها، والذي عبر عنه بجلاء روبرت هابيك نائب المستشار الألماني عندما صرح بأن حرق أعلام إسرائيل أو التضامن مع حماس يعدان جريمة جنائية في بلاده.

وربما تتسع الإجراءات للشمل المعاقبة على ارتداء الكوفية الفلسطينية لحجب كل ما يُذكر بالسردية الفلسطينية.

خامسا: مكافحة الدعاية الإعلامية لحماس

تحت عنوان “مكافحة خطاب الكراهية” يدعو المخطط إلى مراقبة المنصات الرقمية، وما يُنشر عليها من مضمون يخص القضية الفلسطينية.

وتكثيف التواصل مع كبرى شركات التواصل الاجتماعي مثل “ميتا” و”تيك توك” لمتابعة مدى امتثالهم للطلبات الرسمية الصادرة عن المفوضية الأوروبية بخصوص المحتوى المنشور على منصاتهم، واتخاذ تدابير استباقية لمكافحة المنشورات الموصوفة بأنها “ضارة”.

وهو ما يعني التضييق على المحتوى الداعم للمقاومة الفلسطينية، والتلويح باتخاذ خطوات ضد المنصات التي لا تستجيب للطلبات الأوروبية بحجة عدم تطبيقها لقواعد الاتحاد الأوروبي.

ويندرج ضمن هذا المحور حجب الشركة الفرنسية المشغلة للقمر الصناعي “يوتلسات” (Eutelsat) لقناة الأقصى التابعة لحماس، وإيقاف بثها مع بدء العدوان على غزة.

سادسا: تفكيك المظلة السياسية لحركة حماس

يشير المخطط إلى أهمية بقاء المكاتب السياسية لحماس الموجودة في قطر وتركيا في الوقت الحالي، لدورها كقنوات اتصال فيما يتعلق بصفقات تبادل الأسرى، والتواصل لمنع حدوث تصعيد إقليمي أكبر.

ولكنه يشدد على ضرورة حث الدول المستضيفة لقادة حماس من السياسيين على عدم توفير ملاذات آمنة لهم على المدى المتوسط فضلا عن الطويل، وهو ما يعني الضغط على تلك الدول لطرد وإبعاد قادة حماس وغلق مكاتبها السياسية مع انتهاء الأهداف الغربية قصيرة الأمد المنتظرة منها.

بمشاركة ألمانيا وفرنسا وإيطاليا.. تفاصيل مخطط أوروبي لمواجهة حماس
أعلام حركة حماس وإيطاليا وفرنسا وألمانيا (الجزيرة)

عقبات أمام المخطط

يرسم المخطط أهدافا طموحة، إذ لا تقتصر المطالبة بتطبيقه على دول الاتحاد الأوروبي، إنما يدعون لتطبيقه عالميا، وهو ما تقف أمامه عقبات عديدة، أبرزها:

1- غياب تعريف الإرهاب

وفقا لجوليا هول، الباحثة في مجال مكافحة الإرهاب في منظمة العفو الدولية، فإن الافتقار إلى تعريف دولي للإرهاب وفهم دقيق لما يشكل دعما للإرهاب، سيؤدي إلى خلافات حول الخطة.

فالعديد من الدول الإسلامية ترفض المنظور الغربي لحركة حماس، فقد سبق للرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن صرح مرارا بأن حماس حركة تحرر وطني، وليست جماعة إرهابية.

وتتفق مع هذا الموقف إيران، كما تنظر العديد من الدول العربية مثل الجزائر والعراق ولبنان واليمن لحماس باعتبارها تمثل مقاومة مشروعة.

2- رفض عربي إسلامي

كما أن أغلب الدول العربية والإسلامية الأخرى ترفض الانخراط في مخططات تخدم في جوهرها المصالح الإسرائيلية دون أي عائد على الفلسطينيين.

3- عراقيل دولية

كذلك توجد عراقيل على المسرح الدولي، فروسيا لا تصنف حماس كجماعة إرهابية، كما تفتح أبواب موسكو لزيارات متكررة من وفود حماس، بينما الصين تنأى بنفسها عن المواقف العدائية تجاه الحركة، وترى أن الممارسات الإسرائيلية في غزة تتجاوز حدود الدفاع عن النفس، وأن على الحكومة الإسرائيلية التوقف عن العقاب الجماعي لسكان غزة.

أما رئيس البرازيل لولا دي سيلفا، فقد صرح بأن حماس ليست منظمة إرهابية، وكذلك توترت علاقات العديد من دول أميركا اللاتينية مع إسرائيل بعد العدوان الأخير، فبوليفيا قطعت علاقاتها مع تل أبيب، في حين استدعت تشيلي سفيرها لدى إسرائيل، وطلب الرئيس الكولومبي مغادرة السفير الإسرائيلي من بلاده.

4- خلافات أوروبية محتملة

وحتى على المستوى الأوروبي، قد تنعكس الخلافات بين الدول الأوروبية تجاه القضية الفلسطينية على إعطائهم الأولوية للتصدي لحماس، فرئيسا وزراء إسبانيا وبلجيكا يشددان على ضرورة وقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات الإنسانية، ووقف قتل إسرائيل للمدنيين، وهو ما توافقهم فيه أيرلندا.

تشكل هذه المواقف تناقضا كبيرا مع المواقف الفرنسية والألمانية والإيطالية والبريطانية الداعمة لإسرائيل بالعتاد، إذ وضعت ألمانيا طائرتين مُسيّرتين من طراز “هيرون” في خدمة إسرائيل، فيما أرسلت لندن سفينتين حربيتين وطائرات تجسس لدعم إسرائيل.

خلاصة

ورغم تلك المعوقات، فإن المخطط المذكور بلغته الفضفاضة يمكن أن يضيق حال تطبيقه أوروبيا على الأنشطة الداعمة للقضية الفلسطينية في أوروبا التي تقوم بها منظمات غير حكومية والمجتمع المدني ومجموعات التضامن، بحجة أنها تخدم حماس.

في المقابل، سيعزز هذا من الصدام الحضاري عبر إبراز الدعم الأوروبي الرسمي المفتوح لإسرائيل، مما سيستفز الشعوب العربية والإسلامية والعديد من الدول الرافضة لممارسات الاحتلال.

وسيعزز خطوط الصدع بين الشمال الأبيض والجنوب العالمي، وسيرسخ من صراع المحاور، حيث سيدفع الدول والكيانات المتضررة من السلوك الغربي للتعاون في مواجهة العقوبات المفروضة عليها.

المصدر : الجزيرة نت + مواقع إلكترونية

مقالات ذات صلة