الشتات الفلسطيني

عبد العال || لسنا ضلعاً قاصراً، لدينا قوة الحق والحقيقة

نظّمت مؤسسة بيت أطفال الصمود في مركزها بمخيم مار الياس للاجئين في لبنان، جلسة مناقشة حول كتاب “اللجوء الفلسطيني في لبنان (1) كلفة الأخوّة في زمن الصراعات”، بحضور الوزير حسن منيمنة، ومروان عبد العال مسؤول الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان، ورئيس مجلس إدارة مؤسسة بيت أطفال الصمود قاسم العينا.

افتتحت المناقشة بكلمة تقديم لقاسم العينا، ثم تحدث الوزير منيمنة عن الكتاب وأهميته في تشخيص الحالة الفلسطينية في لبنان، وموضوع التلاعب بأعداد الفلسطينيين لأهداف سياسية ضيقة.

ثم ألقى مروان عبد العال كلمة شكر فيها العينا والوزير منيمنة، قائلاً “يشغلني دائماً العمل على توحيد الرؤية الفلسطينية في لبنان إزاء علاقتنا مع الدولة اللبنانية ونظرتنا إلى الوجود الوطني الفلسطيني بشكل عام، وسيادتنا ووظيفة هذا الوجود”، مضيفاً “في ظل غياب رؤية لبنانية موحدة أيضاً حول الوجود الفلسطيني في لبنان، لأننا دائما نشتكي من غياب السياسة الرسمية اللبنانية التي نصفها بسياسة اللاسياسة.”

وتابع عبد العال “كان لي شرف منحي فرصة من لجنة الحوار اللبناني لقراءة هذا الكتاب الدراسة والمقاربة الرسمية، وتدوين ملاحظات عليه حيث إنني أعتبر ذلك بداية تصور سياسي في وجه اللاسياسة، لأن الدراسة توحد التصورات المتناقضة التي جعلت من كل فريق بالتركيبة اللبنانية ينظر من زاويته لهذا الوجود.”

واعتبر عبد العال أن الدراسة بمثابة تحدٍ جدي في ظل التطورات العاصفة التي تحصل في كل المنطقة ومنها لبنان، وإن وجود رؤية مسألة هامة جداً، والأهم تحديد الغاية من الرؤية “فالغاية التي نريدها شاملة ومترابطة، أي أنها ليست فقط دراسة من أجل الدراسة وبحث في سبيل البحث، فالتوجس من أي بحث عبر فك العلاقة المنهجية بين ثلاث جهات: الجهة الأولى هي جهة التفكير والبحث وتحويله لمجرد كتاب للقراءة، والجهة الثانية هي جهة السياسة وصناعة القرار وهي واحدة من المخاطر الجدية على البحث، والجهة الثالثة المعنية بالبحث وأعني التربة الاجتماعية، وأي فكفكفة لا يعود للأمر شأن يذكر.”

وفي حديث عبد العال حول الكتاب قالل “الكتاب يظهر خصوصية الوجود الفلسطيني في لبنان، انطلاقاً من حذر المشكل المتمثل بالعدو الصهيوني، والمراحل التي عاشها هذا الوجود وصولاً إلى الانزلاق في حرب أهلية لبنانية لا يزال الفلسطيني يعيش تداعياتها حيث شكلت بمجملها شخصية اللاجئ المقتلع وما يعانيه من حرمان وتدمير لرمزيته كلاجئ، وهنا لا أتحدث كوني روائياً بل سياسي أيضاً ، فهناك شيء له علاقة بخصوصية الفلسطيني في لبنان، وفي الكثير من الحوارات التي جرت يحاول البعض تعميم اللاجئ كأنه في خصوصية واحدة، في كل مكان له شروط حياة مختلفة عن الأخرى، لذا يجب أن يكون هناك سياسة مرتبطة بالواقع، لأننا نرى كيف تجددت المأساة، ولأننا أمام صيغة اللاجئ المكرر، والنكبة المستدامة. لم يسبق أن أزيلت مخيمات وتحولت الحياة إلى جحيم سوى هنا نتيجة سياسة الكراهية، وكما يقال: جربنا طعمها وشربنا كأس الشتات المر.”

وتابع في استعراضه لما تضمّن الكتاب “كما جرى الحديث ضمن صفحات الكتاب عن تنقية الذاكرة التي يجب أن تكون ثنائية وليس من طرف واحد. نعم، وهناك مراجعات جرت عملت كفصائل كالجبهة الشعبية وكأفراد أو كتابة مذكرات، وهناك صنّاع قرار كتبوا حياتهم الشخصية. فنحن نعتبر ذاكرة الحرب هي ذاكرة مختزنة من أجل العبر وللعبور إلى مستقبل حتى نتعلم، فالنقد هو مسألة منهجية، وليس إعلانا للتوبة وكرسيا الاعتراف، وعملاً بمقولة: من فمك أدينك، يجب أن نعمل على إزالة الشوائب والأفكار المسبقة والسلبيات، لكن من جهة أخرى مازال هناك من يتباهى ببطولات الماضي ويرقص على جثث ضحايانا، منكراً كرامة الأخر وحرمة الموت من حديثي النعمة في المجال السياسي، ومن أجل الحصول على أصوات انتخابية يتم إثارة النزوات ويستخدم الذاكرة السوداء استخداماً بشعًا، فهل ما زال مسموحاً لهذا البعض اللبناني أن يقوم بهذا السلوك السيئ؟”

موضحاً “ثمة تحول في القاع الاجتماعي الفلسطيني من الهاجس على الذات إلى الشعور بالخطر على الوجود الفلسطيني، وهذه الوتيرة ارتفعت في الفترة الأخيرة، ليس فقط من خلال انسداد أي مجال لإعطاء حقوق من الدولة اللبنانية تحفظ كرامة الفلسطيني، وأيضاً زيادة الخطر الأمني والشعور بالأمان، والقلق على المستقبل نتيجة الانحدار العام بالمستوى الفلسطيني، وعلى أكثر من مستوى.”

“كان يقال “فزاعة التوطين” هذه الاسطوانة مشروخة لم تعد تفيد، لأنه ما من أحد يستطيع المزايدة على الفلسطيني بتمسكه بهويته الوطنية وهذا الأمر بالنسبة لنا رسخناه بالدم، لكنه تبرير أقبح من ذنب لعدم إعطاء الحقوق والقيام بالواجب، والشيء الأسوأ من فزاعة التوطين هو فزاعة الفلسطيني، أي أن الفلسطيني بحد ذاته غير مرغوب فيه، لأنه فزاعة تخيف وترعب البلد والمحيط، والمخيم كعنوان للحق لا يمكن أن يتحول إلى باطل، ومن رمز للهوية لا يتحول إلى مصيبة، ومن شاهد على جريمة النكبة ليصير شهيدًا في جرائم إرهابية”، قال عبد العال.

وحول تقليصات “اونروا” قال عبد العال “المسألة الأخرى هي أن تقليصات الأونروا هي عبارة عن خنق للواقع الفلسطيني، ويزيد الخطر على الوجود الفلسطيني في ظل زيادة الأعباء نتيجة النمو الطبيعي والتكاثر فنحن نتكاثر والخدمات تقل .فسياستنا في لبنان من واقع استخلاص التجارب منذ جريمة اغتيال المرحوم رفيق الحريري، سياستنا أن لا نكون وقودًا أو عود ثقاب، أو سببًا لتكرار الحرب الأهلية من جديد، فنحن ننحاز فقط للسلم الأهلي في البلد، والحياد الإيجابي سينعكس علينا إيجابا وأية حروب أو اعتداء على لبنان نحن ننحاز إلى الدفاع عنه، وأي موقف آخر سينعكس سلبا علينا، وأقول بكل فخر، ومنذ اللحظة الأولى استطعنا على الرغم من كل الشوائب أن نحافظ على هذا الموضوع، وكان هذا انتصار لنا، وانتصار للبنان، واستطعنا أن نمنع كل التداخلات بما فيها أن يكون القرار السياسي الفلسطيني خارج لبنان، كما قلنا إن القرار السياسي الفلسطيني في لبنان هو في لبنان، وهذا ما قلناه للحكومة اللبنانية أكثر من مرة بأننا نحن نصيغ السياسة الفلسطينية في لبنان، لذا فإن الفلسطيني يستحق أن يكافأ لا أن يمارس الظلم بحقه، وأن تتحول الرؤية إلى سياسة والسياسة إلى قوانين وممارسة عادلة، فنحن لسنا ضلعاً قاصرًا. نحن أقوياء بالحق والحقيقة، الحقيقة أننا رحم الثورة والكرامة وبقوة الحق، لأننا حراس الحلم بالعودة. هذه سياستنا الواضحة التي نتابعها على كل صعيد لنحفظ البلد ووجودنا وحقوقنا وغايتنا بالعودة، ولا وطنًا نريده إلا فلسطين.”

12:37 – 29 أكتوبر, 2016

بيروت – المكتب الإعلامي – فرع لبنان

مقالات ذات صلة