المقالات

الفدرالية مشروع إسرائيلي

الفدرالية مشروع إسرائيلي

حمادة فراعنة

في مهرجان أمانة سر حركة فتح في الأردن يوم الجمعة 4/1/2013، المكرّس للاحتفال بانطلاقتها، وذكرى الفاتح للثورة عام 1965، ركّز قادة القوى الوطنية الأردنية منير حمارنة أمين عام الحزب الشيوعي الأردني، ومازن إرشيدات نقيب المحامين الأردنيين، وبادلهم الموقف عزام الأحمد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح على رفض أي علاقة تنظيمية أو قانونية أو دستورية بين الأردن وفلسطين، تحت أي مسمى فدرالي أو كونفدرالي أو أي من مسميات تضليلية تحت غطاء وحدوي الآن أو مستقبلاً قبل أن يحصل الشعب العربي الفلسطيني على كامل حقوقه المشروعة المنهوبة، حقه في المساواة في مناطق 1948 وحقه في الاستقلال في مناطق 1967، وحق اللاجئين في العودة إلى المدن والقرى التي ُطردوا منها في العام 1948، واستعادة ممتلكاتهم المصادرة على أرضها من قبل الدولة العبرية، وقالوا إن مشروع الكونفدرالية، مشروع إسرائيلي، يستهدف التهرّب من استحقاقات التسوية القائم على حل الدولتين، ويهدف إلى تكريس الاحتلال وتهويد القدس والغور، ورمي سكان الضفة الفلسطينية وإبعادهم الطوعي إلى الأردن لسببين:

أولهما ـ من خلال جعل الضفة الفلسطينية طاردةً لأهلها تحت ضغط الحاجة والجوع والعطش وتدني الخدمات وضيق ذات اليد، وفتح أبواب الخروج والهجرة الطوعية لهم.

وثانيهما ـ تجفيف موارد منظمة التحرير وسلطتها الوطنية وعدم تغطية احتياجاتها من قبل الدول المانحة وخاصةً من قبل الولايات المتحدة لأسباب سياسية مباشرة، في محاولة لإضعاف الموقف الفلسطيني وابتزازه، وكذلك عبر رضوخ عربي لبرنامج الضغط والتجويع الإسرائيلي الأميركي للسلطة الفلسطينية وتقليل هيبتها وتشويه صورتها أمام شعبها وإظهارها بمظهر العجز والدونية، وحشرها في زاوية الضعف، أمام التفوق الإسرائيلي المتحكم بمخارج ومداخل الوضع الفلسطيني برمته.

العلاقات الأردنية الفلسطينية يجب أن تكون متكافئةً بين طرفين، ندّين، تربطهما مصالح مشتركة، تخدم واقعهما ومستقبلهما، وبغير ذلك ستكون العلاقة لمصلحة طرف على حساب طرف، فكيف والحال القائم بمشروع الفدرالية، أنها تضر بمصلحة الطرفين لصالح عدوهما المشترك: المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي؟!.

العلاقات الأردنية الفلسطينية يجب أن تقوم، إذا أقر الشعبان ذلك عبر ممثلين منتخبين، وهذا يجب ألا يتم في ظل وجود الاحتلال، بل يجب أن يتم بعد زوال الاحتلال، أما اليوم فيجب أن يتم ليكون كل منهما رافعةً للآخر، والشعب الفلسطيني ومنظمة التحرير والسلطة الوطنية بحاجة للرافعة الأردنية، لمواجهة الاحتلال وتثبيت صمود الشعب الفلسطيني على أرضه، لا أن يكون الأردن وعاءً لاستيعاب المهاجرين أو المهجرين الفلسطينيين بسبب ضيق ذات اليد والظروف الصعبة القاسية التي سبّبها الاحتلال ومشروعه الاستعماري للفلسطينيين.

الأردن رافعة داعمة للفلسطينيين نعم، أما أن يكون الأردن وعاءً لاستيعاب المزيد من الفلسطينيين فهو مرفوض، بكل المقاييس الأمنية والوطنية والقومية، لأن هدف ذلك مزيد من الأعباء على الأردن وتفريغ أرض فلسطين من أهلها وأصحابها لصالح المستعمرين المستوطنين.

مشروع الفدرالية والكونفدرالية، مشروع إسرائيلي الآن، بهدف تغيير الهدف الأسمى للفلسطينيين وهو قيام دولتهم على أنقاض الاحتلال وهزيمته، ودفع الفلسطينيين نحو عناوين جانبية تُشغلهم عن هدفهم المركزي وهو مواجهة الاحتلال على الأرض ومواجهته على طاولات الاهتمام الدولية كما حصل يوم 29/11/2012، وكما يجب أن يكون مستقبلاً لرفع مكانة فلسطين من دولة مراقب إلى دولة عامل كامل العضوية في الأمم المتحدة، وإكساب عضويتها في كافة المحافل والمؤسسات الدولية التابعة للأمم المتحدة.

الأردنيون، بكافة شرائحهم، يرفضون أي علاقة مع فلسطين، لأن هدفها مشبوه غير نظيف، من الوسطيين والقوميين واليساريين، فلماذا هذا الخجل الفلسطيني من القيادات والفصائل، ونحن وكافة المراقبين والقيادات الأردنية نراقب كل واحد فيهم ماذا يقول عن الفدرالية والكونفدرالية، ولذلك معيار احترام الأردن ومصالحه هو رفض العلاقة معه، لأن العلاقة مع الأردن أداة ضغط على عمان لقبول مشاريع إسرائيلية ترمي إلى إزالة المشكلة الفلسطينية من على كتف إسرائيل وتحميلها على كتف الأردن.

بناء العلاقات الوطنية والقومية واليسارية وذات المهنة الواحدة بين الأردنيين والفلسطينيين، هو الطريق لتجسير العلاقة بين الشعبين وبين البلدين.

الصمود الفلسطيني على الأرض، يحمي الأردن من مخططات الوطن البديل، ومن التهجير، ومن محاولات ابتزاز الأردن، وصمود الأردن ووحدته الداخلية وشعبه ووقوفه على رجليه وتماسكه هو قوة فلسطين، تلك المعادلة التي يجب أن يفهمها الطرفان: أهل الأردن وأهل فلسطين، وهما وكلاهما في خندق واحد، ومصلحة واحدة، وفي قارب واحد، وتطلعات وطنية وقومية ودينية وإنسانية واحدة في مواجهة العدو الواحد المشترك: المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي.

الأيام، رام الله، 6/1/2013

مقالات ذات صلة