العيادة الطبية

الخلطة المزدوجة تسبب الجلطات والإسهال وتسمم الخلايا

مشروبات الطاقة التي تحتوي مادة “الكافيين” قد تزيد من نشاطنا ولكن خلطها بالكحول قد يكون لها تداعيات خطيرة، فظاهرة الخلط هذه باتت شائعة جداً في لبنان لا سيما في المرابع الليلية حيث يتم مزجها يدوياً وأحياناً عشوائياً، ناهيك عن رواج عبوات جاهزة من عدة أصناف وماركات يتم بيعها في المتاجر ومحلات بيع المشروبات وفي معظم الدكاكين التي لا تخضع للرقابة، إذ يمكن لأي قاصر شراء أعداد منها وتناولها دون وعي، لا بل أصبح بإمكانه أخذها معه سرياً إلى المدرسة كأي مشروب آخر وتناولها مع رفاقه في الملعب.

– هذه المشروبات تسبب الجلطات والإسهال وتسمم الخلايا

الفكرة الرائجة لدى معظم المواطنين لا سيما رواد السهر ومحبي المشروبات الروحية، هي أنّ “الخلطة المزدوجة” قد تساعدهم على تنشيط جسمهم وتمنعم من الثمالة ومخاطرها لذا يتهافتون على شرائها وتناولها بكثرة داخل علب الليل أو خارجها، فأضحت كعبوة العصير يمكن شربها في أي وقت.

هذه الإسطورة من نسج خيال المواطن ولا تمت للواقع والعلم الطبّي بصلة، كما يؤكد طبيب جراحة القلب جورج كرم الذي يرى أن هذا المفهوم خاطئ جداً، وعلى العكس، فهذه المشروبات تزيد من حالة السكر لدى الشخص الذي يكون في إعتقاده أن تناوله لها لن تجعله يثمل، ولكن في الواقع هو يكون فاقدا للوعي ولا يدرك ذلك لأنه ثمل جداً نتيجة تناوله عدة عبوات ظناً منه أن ضربها بالعصائر والمنشطات سيخفف من مخاطرها.

أما الخطورة الأكبر بحسب ما يقول كرم هي أن هذه المشروبات تجفف الجسم تماماً من المياه وذلك كون المنشطات تعمل على إدرار البول بكثرة، وبالتالي كلما تناول كمية أكبر منها كلما فقد المياه من جسمه، يصحبها دقات قلب سريعة. فمادة الكافيين لوحدها كفيلة في تسريع دقات القلب ونبضاته، كيف الحال إذا مزجت مع الكحول، حتماً ستقضي على خلايا الجسد وتحديداً القلب والأعصاب، إلى جانب انها تسبب صداع حاد لمن لديهم قابلية الإصابة بجلطات دماغية أو قلبية وحتماً عدد من هؤلاء يموت فجأة، وقد حصل وصادفنا كأطباء مثل تلك الحالات من الوفيات المفاجئة.

لا تقتصر مضار الخلطات التجارية على هذه العوارض فعدد كبير من ذوي الحساسية يتعرّضون لنوبات إسهال وتسمم وأيضاً بعد كشف الطبيب على حالتهم وبعد الفحوصات المخبرية تبييّن أنهم تناولوا من هذه المشروبات.

– حماية المستهلك رفعت تقريرها وطالبت بالمنع

كان تداول هذه المشروبات وبيعها أمراً طبيعياً لسنوات، إلى أن قامت لجنة من جمعية حماية المستهلك في وزارة الإقتصاد باطلاع وزارتا الاقتصاد والصحة على تقرير الـ F.D.A الأميركي، الذي يفيد بضرورة إدراج مشروبات الطاقة على لائحة الممنوعات، فرفعتا تقريرا إلى مجلس شورى الدولة ليتخذ القرار المناسب بشأنه.

وهو منعها من الإستيراد أو حتى تصنيعها والترويج لها في لبنان بحسب ما يقول رئيس مديرية حماية المستهلك في وزارة الإقتصاد فؤاد فليفل.

تجدر الإشارة إلى أن الوزارتين المعنيتين كانتا أصدرتا عام 2012 قراراً يلزم منتجي ومستوردي مشروب الطاقة بخفض نسبة الكافيين من 65 إلى 35 ملغ. وصدر قرار من الوزارتين المذكورتين بمنع هذه المشروبات كلياً.

– هذا ردّ أصحاب الشركات المنتجة

دخل ملف “منع المشروبات المنشطة والكحول” إلى خانة التسييس والمؤامرات بحسب ما يرى أصحاب الشركات المعنية.ففي لبنان هناك 3 شركات معروفة تنتج أصنافاً ( 3 أصناف) أكثر تداولاً في السوق اللبناني، وتتنافس فيما بينها على صنع منتوجات تجذب الزبون إليها، ولكن مع صدور القرار الذي لم يحدد متى سيبدأ العمل به، إستنكر أصحاب الشركات هذا المرسوم معتبرين أنه سيضر بلبنان أكثر مما يضر بحركة البيع.

وأكّدوا في بيان أنّ “القرار مجحف جداً بحق أصحاب الشركات ولا يجوز تطبيقه أقله في هذه الفترة كون الشركات قامت بإنتاج كميات لفترة 6 أشهر قادمة، وفي حال تم تنفيذ المشروع سنقع جميعنا في خسائر مادية فادحة أكثر معتبرين أن هناك قرار سياسي خارجي وراء هذا المنع، ومخاوفنا أن يتحقق ذلك وتمنع المشروبات الروحية اليوم ومن ثم أشياء كثيرة غداً.

– الغرب دخل خط المنع .. فماذا عن لبنان هل تدخل الواسطة؟

إذاً إذا لم تمزج الكحول بالكافيين في عبوات مشروب الطاقة، فسيتم ذلك حتماً في النوادي الليلية والمقاهي أو بطريقة فردية هذه خلاصة يمكن إستتناجها فعلياً في حال طُبق القرار. وهذا السؤال الذي لم يستطع أحد في وزارة الإقتصاد وحماية المستهلك الإجابة عنه.

في هذا المضمار، ذكرت دراسة صادرة في الولايات المتحدة بشهر آذار 2013 تفيد ان “تناول المشروبات المنشطة الرائجة قد تحتوي على كمية من الكافيين تتخطى الكمية الموجودة في القهوة. لكن هذه المواد الموجودة في المشروبات المنشطة، حين تضاف الى مشروبات اخرى كالكحول، من الممكن ان تؤدي الى مخاطر صحية جدية”.

ولكن الاخطر، بحسب الدراسة، يكمن في عدم ذكر الشركات المنتجة للمشروبات المنشطة احتواءها على مواد كالمنشط المستخرج من الاعشاب “جوارانا” او مادة الحمض الاميني “تورين” واعشاب وفيتامينات ومواد معدنية تختلط بالكافيين في هذه المشروبات بشكل قد يعرض الصحة للأذى.

لكن بعض الدول كفرنسا والدنمارك قد منعت مثلا بيع وتسويق مشروب “رد بول” منذ سنتين، وكان لبنان على شفير الدخول في خط المنع غير ان بعض الواسطات المحسوبة سياسياً ومالياً على بعض الشخصيات أوقفت هذا القرار. وقد اظهرت دراسات اجريت على جرذان تم اطعامها مادة التورين تصرفات غريبة من بينها القلق وتشويه الذات. ما معناه أن تناول “التورين” اظهر امكانية التسبب بتصرفات غريبة.

ويبقى السؤال الأهم هل فعلا سيتم منع هذه المشروبات أم ستتم تسوية مالية بين المعنيين وتجري الأمور كأن شيئاً لم يكن؟ أو في حال منعت هل سيلتزم أصحاب المحلات بهذا القرار أو ستباع طبيعيا في المحلات الكبيرة مقابل رشوات للمراقبين إذا كان هناك مراقبين للمحلات، تماما على غرار قرار منع التدخين في الأماكن العامة والمغلقة، حيث أن المقاهي والمطاعم المدعومة لا يسري عليها هذا القرار ويقتصر المنع على المحلات الشعبية فقط.

مقالات ذات صلة