
د. يوسف جبارين لـ”الاتحاد”: قانون طرد النواب استبدادي، واستهداف عودة وكسيف يثبت خطأ المحكمة العليا
الاتحاد
اﻷحد, 29 حزيران/يونيو, 2025
حذّر أستاذ القانون والنائب السابق د. يوسف جبارين، في حديث مع صحيفة وموقع الاتحاد من الأبعاد الخطيرة لما يُعرف بـ”قانون الإقصاء” وحذّر من الطابع الاستبدادي للقانون وتداعياته الخطيرة على الحق بالتصويت والترشّح للكنيست، مبدأ فصل السلطات، وحقوق المواطنين العرب في التمثيل السياسي. واعتبر أن القانون يشكّل أداة للانتقام السياسي ضد النواب العرب، ويشرعن الملاحقة السياسية بحق ممثلي الأقلية الأصلانية في البلاد. كما انتقد جبارين بشدّة قرار المحكمة العليا قبل عدّة سنوات بعدم إلغاء القانون، مؤكدًا أن ما حذّر منه من ملاحقات سياسية خطيرة يتجسّد على أرض بهذه الايام في محاولات إقصاء النائب أيمن عودة، رئيس قائمة الجبهة والعربية للتغيير وقبلها النائب عوفر كسيف، ما يعكس تصعيدًا خطيرًا في استهداف العمل السياسي العربي والتمثيل البرلماني في الكنيست.
يُذكر أن قانون طرد النواب (“قانون الاقصاء”)، صادقت عليه الكنيست في تمّوز 2016. وقد قدّم في حينه النائب د. يوسف جبارين التماسًا الى محكمة العدل العليا باسم القائمة المشتركة ضد هذا القانون، وذلك بواسطة المحامي حسن جبارين من مركز عدالة، والمحامي دان يكير جمعيّة حقوق المواطن. وفي جلستها الاولى قررت المحكمة توسيع هيئة المحكمة إلى تسعة قضاة من أجل البتّ في الالتماس وذلك في ظل الاسئلة الدستورية الهامّة التي طرحها الالتماس.
وقال د. يوسف جبارين: “كنتُ قد قدّمت في حينه تصريحًا حقوقيًا للمحكمة شرحتُ فيه التأثير الخطير لقانون الطرد على دور وعمل منتخبي الجمهور، والاسقاطات ذات الطابع الاستبدادي للقانون على مبدأ التمثيل السياسي والعمل الحزبي، وخصوصًا في ظروف الأقلية العربية في البلاد، كأقلية قومية وأصلانية تعاني الإقصاء والتحريض في كل مناحي الحياة. قانون الاقصاء هو تعديل لقانون أساس : الكنيست، ويمكّن أعضاء البرلمان من إقالة نائب في البرلمان على خلفيّة “التحريض على العنصريّة” أو “دعم الكفاح المسلّح ضد إسرائيل”، وذلك بأغلبيّة 90 عضوًا من أعضاء الكنيست الـ120”.
وأضاف: “القانون ينتهك مبادئ أساسية في العمل السياسي ويمسّ بحقوق دستوريّة جوهرية، مثل الحق بالتصويت والانتخاب، مبدأ فصل السلطات، وحق الأقلية العربية في البلاد بالتمثيل السياسي العادل. عمليًا، فان القانون يمنح نواب الكنيست صلاحيات تمكنهم من استخدام القانون بصورةٍ تعسّفية ولأغراض سياسية انتقامية، مما يجعل من هذا التعديل الدستوري تعديلًا غير دستوريّ البتّة”.
وقال جبارين: “يهدف القانون بصورة واضحة إلى تقييد حريّة التعبير وحريّة العمل السياسي للنوّاب العرب تحديدًا، علمًا أنه لا يوجد لمثل هذا الإجراء أي شبيه في العالم الديمقراطيّ. فبإي منطق يمنح القانون نوّاب الأكثريّة صلاحية القيام بمحاكمة ميدانية لنوّاب الأقليّة، واقصائهم من العمل السياسيّ بإجراء تعسّفي وفوري؟”.
وأضاف: “كنّا قد أكدنا أمام المحكمة العليا خلال البتّ بالالتماس أن الهدف من هذا التشريع هو شرعنة الملاحقة السياسية ضد النوّاب العرب، وهم الممثلون المنتخبون للجماهير العربيّة، حيث يعطي القانون الصلاحيّات الاستبدادية للأغلبيّة في الكنيست لإقصاء ممثلي الأقليّة العربيّة في الوقت الذي يتعرض فيه النواب العرب على مدار الساعة لتحريض عنصري وملاحقات خطيرة”.
وحول قرار المحكمة التي امتنعت عن إلغاء القانون، قال: “في ظل الهجمات المتواصلة التي تقودها الحكومة المتطرفة ضد المحكمة العليا وجهاز القضاء فإن قضاة المحكمة العليا للأسف لم يفهموا ولم يستوعبوا الخطر الحقيقي الكامن في هذا القانون التعسفيّ، وامتنعوا في قرار بالاجماع لتسعة قضاة من إلغاء القانون. وما حذّرنا منه من ملاحقات سياسية انتقامية نشهده الآن في استهداف النائب أيمن عودة وقبل ذلك في استهداف النائب عوفر كسيف حيث صوت في حينه 85 نائبًا من أجل إقصائه”.
وأضاف بالنسبة لجلسة الكنيست غدًا التي ستصوت على إقصاء النائب عودة: “لجنة الكنيست غدًا بحاجة الى اغلبية 75% من اعضائها (ثلاثة أرباع) من أجل المصادقة على الإقصاء، وينتقل بعدها الحسم إلى الهيئة العامة للكنيست. اذا صوّت 90 نائبًا دعمًا للإقصاء فيبقى امامنا التوجه الى محكمة العدل العليا خلال يومين من صدور قرار الكنيست للالتماس ضد هذا القرار. وفي حيثيات الشكوى ضد عودة فيمكنني الجزم انه من غير المعقول أن يتم إقصاء نائب بسبب تغريدة تحمل موقفًا سياسيًا اخلاقيًا ومضمونًا انسانيًا بامتياز. المحكمة أخطأت في حينه حين امتنعت عن الغاء القانون، وأقلّ ما يمكنها عمله اليوم هو إلغاء قرار الاقصاء اذا تمت المصادقة عليه بالأغلبية المطلوبة بالكنيست”.
وشدد حبارين: “يبقى الأساس هنا أن هذه الملاحقة السّياسيّة الّتي تهدف إلى عزلنا تمامًا عن الحراك السياسي حتّى لا يكون لنا ممثلون في البرلمان، تكميم الأفواه المستمر بشراسة منذ السّابع من أكتوبر، إعادتنا إلى نفسيّة الحكم العسكري، ومحاولة إجبارنا على التّخلي عن مواقفنا التّاريخيّة، بل ومحاكمة مشاعرنا. وهذا ما لا يمكن ان نقبل به وعلينا توسيع النضال الجماهيري في مواجهته”.
المصدر الاتحاد