
مالمطلوب وما المتوقع من الحراك التضامني الاوروبي مع فلسطين ؟
سؤال يفرض نفسه بقوة علينا جميعا ، كنشطاء ومؤسسات وشخصيات سياسية متعاطفة ومتضامنة مع الشعب الفلسطيني ، سؤال علينا الجواب عليه من زاويتين ما هو المطلوب وما هو المتوقع من الساحة الأوروبية تجاه القضية والشعب الفلسطيني ، أقول هذا انطلاقا من قناعتي ومن فهمي أن المطلوب أكبر مما هو متوقع ، المطلوب يحتاج لمشروع وطني نضالي تحرري فلسطيني موحد،يعيدنا على الاقل لما كنا عليه في مرحلة السبعينات ، حيث كنا جميعا ورغم تبايناتنا السياسية وهذا أمر صحي لشعب عرف ما عرفه الشعب الفلسطيني،كنا في مؤسسة وطنية واحدة وموحدة وهي منظمة التحرير الفلسطينية ، المنظمة التي استطاعت بفضل نضال شعبنا وتضحياته فرض نفسها على الساحة الدولية ،حتى أنها حازت على تمثيل واسع واعتراف من الكثير من الدول بصفتها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، هذا المشروع التحرري الجامع اصبح خلف ظهورنا ، أقولها بشجاعة حتى وإن أزعجت البعض ، العودة لهذا المشروع يفرض الشجاعة واعتبار المصالح الوطنية فوق كل اعتبار آخر ، فلا مصالح وحسابات فوق المصلحة الوطنية لشعب عانى ومازال يعاني ويقدم التضحيات تلو التضحيات ، ليبقى على الخارطة السياسية ويبقي قضيته الوطنية بمحتواها الوطني التحرري حية وعلى جدول اهتمامات الدول والمؤسسات الدولية وكذلك عند الرأي العام الشعبي العالمي . نحتاج لإعادة اعتبار حقيقي لمنظمة التحرير لتكون الحاضنة لمشروعنا الوطني التحرري من الاستعمار ومن كل مشاريع التهجير القسري والذي تختلف آليات تطبيقه تجاه شعبنا داخل فلسطين المحتلة ، وما شهدته غزة خلال عامين ، لدليل أن شعبنا أمام كيان لا يقيم أي اعتبار للجوانب الإنسانية ولحق شعبنا داخل فلسطين بالحياة ، ناهيك عن الاعتراف بحقوقه الوطنية المعترف بها من منظمة الأمم المتحدة وعبر العديد من القرارات المرتبطة بهذه الحقوق . باختصار وحول منظمة التحرير ، علينا العودة للشعب عبر مسار يعطي حق انتخاب ديمقراطي لممثليه والذين هم من يحق له التحدث وخاصة البا باسم شعبنا الفلسطيني بقضايا مرتبطة بحقوقه التاريخية ، للأسف نحن مازلنا بعيدين عن هذا الواقع لذلك سنشاهد محاولات ومبادرات لا تعطي الجواب الشافي لحاجة ملحة وهي تمثيل حقيقي لشعب يضحي ومازال يضحي ، على كافة القوى الفلسطينية أن تقر أنها فشلت بتجاوز خلافاتها رغم التوقيع على العديد من التوافقات التي لم ترى النور على أرض التطبيق ، توافقات بدأت بالقاهرة ومرت بالجزائر وموسكو وآخرها بكين والقاهرة . أمام هذا الواقع السياسي المؤسف والمدمر لمشروعات الوطني رغم أنه مصيري لشعبنا ، علينا أن نراكم أوراق قوة بايدينا ونعمل بجد لتحويل التعاطف مع شعبنا لخطوات ونبني على هذا التعاطف لتحقيق المزيد من الإنجازات. عرفت الساحة الأوروبية أمام مشاهد الابادة والتجويع ومحولات التهجير القسري في قطاع غزة خلال عامين متواصلين ، تعاطفنا وحراكا تضامنيا مع الشعب الفلسطيني ،وهنا لابد من التاكيد ان أهم الانجازات التي تحققت هو ما علق بصورة إسرائيل هنا في أوروبا وعند الشعوب الاوروبية ، صورة كيان قاتل للأطفال وللمدنيين ، مدمر للمستشفيات وللمدارس ولدور العبادة ، كيان لا يخالف بممارساته عن أفعال الأنظمة الفاشية ونظام هتلر في المانيا، صورة قيادات ارهابية ذهبت في تطرفها لأقصى ما يمكن أن تصل اليه بوحشيّتها ، صورة وباختصار ، إسرائيل ليست ضحية ولا يحق لها استخدام صفة الضحية ، بالعكس من ذلك ، الضحية الحقيقية هو الشعب الفلسطيني، فهو عرضة للابادة وكذلك لسياسة رفض ممنهجة للاعتراف بحقوقه الوطنية المشروعة ، هذه حقيقة علينا البناء عليها ، لنحدد كيف نفهم نحن هذه الحقوق الوطنية حتى لا تكون في مزادات في أسواق المصالح الدولية ، نحن الوحيدين الذين يحق لهم تحديد ما هي هذه الحقوق وكيف نتمسك بها . الممكن من أوروبا هو زيادة العزلة عبر خطوات رسمية ملموسة ، خطوات تعطي زخم إضافي لعزلة إسرائيل حتى تصل هذه العزلة لمستوى عزلة نظام التمييز العنصري بافريقيا الجنوبية ، هذا هو المطلوب وأمامه الكثير من المعوقات ، الدول الأوروبية فيها انقسامات حول العنوان الفلسطيني ، هناك منها الشريك في مشروع الابادة ، حيث يقدم الدعم السياسي والعسكري والاقتصادي، بينما هناك دول تقدمت كثيرا في مواقفها وتبنت خطوات تسير باتجاه دعم الشعب الفلسطيني والاعتراف بحقوقه الوطنية ، إسبانيًا في مقدمة هذا الدول وتفسير ذلك وجود حكومة ائتلاف حزبي يساري فيها ، نعم معركة تطوير مواقف الدول الأوروبية ممكنة شريطة تواجد مشروط يحدد الاهداف واليات تطوير هذه المواقف . الضغط باتجاه اعتراف اوسع بدولة فلسطين ممكن وهذا يعتمد على تواصل بداية مع احزاب سياسية وبعد ذلك مع حكومات في دول أوروبية قادرة على اتخاذ هكذا خطوة بدون فرض أية شروط ، كذلك نحتاج لتشبيك واسع بين الجمعيات والمؤسسات وشخصيات سياسية متضامنة معنا ، هذا التشبيك قادر على خلق موازين قوى ضاغطة على هذه الحكومة او تلك لتطوير موقفها حول عنوان الاعتراف ، أعرف أن هناك من يقول وماذا نربح من موضوع الاعترافات في ظل الرفض والتواطؤ وعدم قدرة مؤسسات الامم المتحدة على تطبيق قراراتها ، جوابي وأنصح بذلك ، علينا أن نمتلك مقاربة أن نضالنا الوطني هو مشروع استراتيجي طويل المدى ، علينا أن نمتلك الوعي أننا في معركة تراكم الإنجازات لنصل لهدف عزل كامل لكيان الاحتلال الصهيوني دوليا على المستويات السياسية والقانونية والشعبية ، معركة فيها آليات المقاطعة ومعاقبة كيان الاحتلال على جرائمه، مسار يؤدي ولو بعد حين لنفس النتيجة التي وصل اليها نظام التمييز العنصري بجنوب أفريقيا، أذكر هنا أعزل نظام الأبارتايد بدأ بعزله من منظمات ومؤسسات المجتمع المدني يضاف لها بعض الأحزاب خاصة التقدمية، ليصل بعد عشرين عاما ليطال الحكومات في العديد من دول العالم خاصة في أوروبا وبعض الدول الغربية الأخرى ، الشعب الفلسطيني وقواه أمامها هذا النموذج النضالي الممكن لكنه يحتاج للمزيد من الوقت . البناء على الحراك التضامني الواسع في أوروبا ، يحتاج لعمل ومبادرات تنسيقية من مكونات الحراك التضامني ، احزاب وجمعيات ولجان وحركات طلابية ونقابيّة ، هذا التنسيق والتشبيك أكثر من ضروري لنستمر في مسار ضاغط على كيان الاحتلال وعزله اكثر وأكثر . من هنا اعتبر أن أولوياتنا القادمة لامتلاك صوت فلسطيني فاعل في أوروبا ، المساعدة في تجاوز الانقسام الفلسطيني ، ثم المساهمة بعمل تنسيقي واسع من المؤسسات المتعاطفة مع القضية الفلسطينية وكذلك الدفع باتجاه تبني مبادرات يتم العمل جماعيا ، بعد ذلك وباختصار ما هي أولوياتنا القادمة ، أعتقد أن أهم أولويات معركتنا القادمة ، تتمثل اولا بمحاسبة كيان الاحتلال على جرائمه أمام القانون الدولي وكذلك أمام القوانين الوطنية عندما تسمح بذلك وهناك العديد من الدول التي تمتلك تشريعات تسمح بملاحقة مجرمي الحرب خاصة مزدوجي الجنسيات ، بعد ذلك المساهمة الفاعلة باعطاء زخم إضافي وواسع لحركة المقاطعة وعدم الاستثمار والمعاقبة اي حركة BDS , هناك أمامنا فرصة إضعاف إسرائيل وعزلها ، أخيرا العمل على تطوير مواقف الاحزاب في دول أوروبا ، وهنا لا ننسى أن الحكومات مكونة من ممثلي احزاب سياسية تكون أغلبيات برلمانية لتصل للحكم ، هذه مهمة النشطاء والجمعيات لأنهم يرتبطوا بعلاقات مع مسؤولين وشخصيات قيادية بهذه الاحزاب . أنهي هذه الورقة بالقول أن فلسطين يجب أن تدخل كعنوان في الانتخابات في العديد من الدول الأوروبية خاصة دول غرب اوروبا، الحراك التضامني الواسع فرصة ذهبية لتحقيق هذا الهدف ، الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية تعم الجميع ، وبالتالي الجميع محتاج لمواجهة كل مشاريع الجرائم ارتكبت في فلسطين أو بحق أي شعب آخر . فلسطين عنوان نضالي يرمز لمعركة شعبية عالمية ضد الاستعمار لتحقيق الحرية وضد اذدواجية المعايير وهو الأمر الذي لم يعد مقبولا في الساحة الشعبية والسياسية الدولية . حمدان الضميري – ناشط فلسطيني في بلجيكا

